ما الذي نعرفه عن هذا الجندي الأوكراني المتهم بحمل شعار تنظيم "الدولة الإسلامية"؟

فرانس 24 -  مراقبون
فرانس 24 - مراقبون © Observateurs

منذ 16 شباط/ فبراير الجاري، تداولت عدة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي صورا ملتقطة من الشاشة من ريبورتاج للتلفزيون الدانماركي يظهر جنديا أوكرانيا يرتدي زيا عسكريا يحمل شعارا يقول أصحاب المنشورات إنه لتنظيم "الدولة الإسلامية". ورغم ذلك، لا شيء يجعلنا نتأكد تماما بشأن حقيقة هذا الشعار. فيما قدم الجندي الأوكراني نفسه روايته لما حدث.

إعلان

"جندي أوكراني يحمل شعار تنظيم "الدولة الإسلامية" على ذراعه. قلنا مرات عدة أن الحرب في أوكرانيا هي استمرار للحرب في سوريا" هذا ما ذكره هذا المنشور باللغة الفرنسية على تويتر وقد نشر صورتين لرجل يحمل على ذراعه شعارا.

ويشبه هذا الشعار ذلك الذي يستخدمه تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ سنة 2007، دائرة بيضاء على خلفية سوداء مع ثلاثة كلمات تمثل أن النبي محمد رسول الله.

Publication en français relayant ces images et affirmant que l'homme porte un badge de l'organisation État islamique. Publication archivée ici : https://archive.ph/BkbX1
Publication en français relayant ces images et affirmant que l'homme porte un badge de l'organisation État islamique. Publication archivée ici : https://archive.ph/BkbX1 © Twitter

كما تم تناقل الصور أيضا على حساب سفارة روسيا في الدانمارك بعد أن عصرتها القناة الدانماردية دي أر نهايدر DR Nyheder. "إنه مثال آخر عن القيم التي يمثلها الجيش الأوكراني" هذا ما كتبته السفارة في تعليقها على التغريدة. وتم اتهام السلطات والجيش في أوكرانيا خصوصا من طرف روسيا وأنصارها بتبني الإيديولوجيا النازية.

Publication de l'ambassade de Russie au Danemark affirmant que ces photos sont "un autre exemple des valeurs auxquelles l'armée ukrainienne adhère". Publication archivée ici : https://archive.ph/K9lWf
Publication de l'ambassade de Russie au Danemark affirmant que ces photos sont "un autre exemple des valeurs auxquelles l'armée ukrainienne adhère". Publication archivée ici : https://archive.ph/K9lWf © Twitter @RusEmbDk

جاءت هذه الصور الملتقطة من الشاشة في الحقيقة من ريورتاج لوكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس وعرضت في 14 شباط/ فبراير 2023.

وقد تم التقاطها في 13 شباط/ فبراير من على خط الجبهة في منطقة دونباس شرق أوكرانيا. وتم بثها في ريبورتاج لقناة دي أر نهايدر DR Nyheder الدانماركية.

ونرى في هذا الريبورتاج رجل غطى وجهه بقناع مرات عدة عندما كان يقترب من العربات المدرعة المخصصة لنقل القوات.

وحسب جذاذة التعريف بمقطع الفيديو الذي بثته وكالة أسوشيتد برس وتمكنت قناة فرانس24 من الاطلاع عليه، يدعى الرجل "كورت". وأمام الكاميرا، كانت يوجه الكلام لزملائه قائلا لهم: "أولئك الذين لا يملكون ما يكفي من الذخائر، يجب عليه التوجه إلى مكان تخزينها والتزود بها. لا أحد سينقلها إليكم، هذا مؤكد" ومن ثم يتوجه للصحافي الذي كان يصور المشهد قائلا له: "لتحقيق النصر السريع في هذه المعركة، نحن بحاجة إلى طائرات قتالية وصواريخ. وذلك حتى لا يقتل الجنود الأوكرانيون كما يحدث في هذه الفترة".

ولم يتم تقديم أي إيضاحات أخرى بشأن هذا الجندي، ولم يتم تقديم أية معلومة أيضا بشأن الوحدة العسكرية التي تم عرضها في هذا الريبورتاج سواء من طرف وكالة أسوشيتد برس أو قناة دي أر نهايدر DR Nyheder.

هجوم معاكس من "كورت" في مقطع مصور

بعد الجدل الذي أثارته الصور، نشر مركز الاتصال الاستراتيجي الأوكراني "سبرافدي Spravdi" في يوم الجمعة 17 شباط/ فبراير 2023 مقطع فيديو ظهر فيه كورت، هذه المرة بوجه مكشوف.

ويوجه كورت في الفيديو أنه يريد الرد على "الدعاية الروسية" وتقديم روايته لحقيقة الأحداث:

"وضعت هذا الشعار على كتفي بعد أن عثرت عليه في مواقع تابعة للعدو كان مقاتلو فاغنر يتمركزون بها [فريق التحرير: ميليشيا روسية تقاتل إلى جانب الجيش الروسي]. لا أنتمي إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" أنا مسيحي. أنا موجود في صفوف الجيش الأوكراني منذ بداية الحرب."

في حوار آخر أدلى به لوسيلة الإعلام "بوليغراف أنفو Polygraphinfo" الذراع الإعلامي لخدمة الأخبار الأمريكية "فويس أوف أمريكا Voice of America" ظهر فيها كورت بوجه مكشوف موضحا أنه من محبي"جمع شعارات" بعد التقاطها من ساحات المعارك.

ويؤكد أيضا أنه يرتدي شعار آخر يحمل، حسب تأكيده، إشارات للإنجيل ++المسيحي. "مبدأ تاليون" أي العين بالعين والسن بالسن". وكانت العبارات موجودة في النسخة الأولى للإنجيل وفق ماثيو.

يظهر الشعار الذي عرضه الجندي أصلا في عدة مقاطع فيديو تشير إلى الوحدة العسكرية التي ينتمي إليها: وهي شعار لرأس رجل ميت داخل ورقة "الآس البستوني  مع الإشارات "مبدأ تاليون" والأرقام 13 و28.

Le logo de la brigade de "Kurt" est visible sur son épaule dans la vidéo de Polygraph.info (à gauche), sur les vidéos du groupe (au centre). À droite, le logo "Lex Talionis" de la brigade à laquelle appartient ce soldat ukrainien.
Le logo de la brigade de "Kurt" est visible sur son épaule dans la vidéo de Polygraph.info (à gauche), sur les vidéos du groupe (au centre). À droite, le logo "Lex Talionis" de la brigade à laquelle appartient ce soldat ukrainien. © Observateurs

"إنه شخص مهوس" حسب تأكيد صحافي التقى به

ورغم اتصال فريق تحرير مراقبون فرانس للحصول على توضيحات بشأن هذا الجندي والأسباب التي دفعته إلى حمل هذا الشعار، لم يرد مركز "سبرافدي" إضافة إلى المتحدث الرسمي باسم الجيش الأوكراني عن أسئلتنا. وبالتالي، فإن ليس من الممكن التأكد من مصدر مستقل من الرواية التي قدمها "كورت".

ويؤكد مصدر صحافي كشف أنه التقى بكورت، ولكنه طلب عدم ذكر هويته لأسباب أمنية، لفريق تحرير مراقبون أن هذا الأخير هو مواطن أوكراني وليس شيشانيا كما زعمت بعد التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.

"إنه شخص مهوس" حسب تأكيد هذا المصدر، الذي أكثر أنه من المرجح أن الجندي الأوكراني حمل هذا الشعار بغاية "الاستفزاز" وكرسالة للنصر في الحرب دون أن يكون على علم بـ"معناه".

"يمكن ألا يكون لهذا الشعار أية علاقة بتنظيم الدولة الإسلامية"

هل لهذا الشعار علاقة مؤكدة بتنظيم "الدولة الإسلامية" على غرار ما تؤكده عدة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي؟ وبغض النظر عن المعنى الجهادي الواضح في هذا الشعار، فإن وسيم نصر صحافي فرانس24 المختص في الجماعات الجهادية يقدم التوضيحات التالية:

الأمر يتعلق بسيف النبي محمد والذي تستخدمه معظم الجهادية سواء تنظيم القاعدة أو تنظيم "الدولة الإسلامية" وغيرها. توجد أيضا مجموعات متمردين في سوريا استخدمت هذا الشعار، إنه شعار عام. وبالتالي، فإن الأمر لا يتعلق البتة بدليل عن الانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية".

يمكن أن نعثر على الشعار لدى مقاتلين من المرجح أن خاضوا معارك في سوريا:حتى أن مقاتلين من التتار [فريق التحرير: أقلية تركية انتقلت في القرن الثالث عشر ميلادي للعيش في شبه جزيرة القرم] صروحا أنهم انطلقوا في الجهاد من سوريا لتحرير شبه جزيرة القرم في سنة 2014 غير أن ذلك يبقى مجرد تفاصيل [فريق التحرير: مقال بالعربية على موقع فرانس24]. يوجد شيشانيون وألبانيون أيضا غادروا سوريا للقتال في أوكرانيا خلال الأشهر الماضية".

ما الذي نعرفه عن كورت؟

لا توجد سوى معلومات شحيحة عن هذا الجندي. يبدو أن اسم "كورت" الذي تم به تقديم الجندي في كل ريبورتاج هو مجرد اسم مستعار. وينتمي للفرقة 28 مشاة ميكانيكية في الجيش الأوكراني والتي أنشأت في سنة 2001. ولم يتم التعرف على رتبته العسكرية بشكل دقيق، لكن تم تقديمه في بعض الأحيان على أنه "قائد" وفي مرات أخرى "قائد فرقة". ويؤكد هذا الجندي في حوار أدلى به لموقع بوليغراف أنفو أنه يقاتل منذ سنة 2014 في صفوف الجيش الأوكراني.

ويؤكد هذا الموقع الإعلامي أنه تم تصويره في ريبورتاج أخرى على غرار هذا التقرير لراديو فيري يوروب Radio Free Europe الذي نشر في 15 شباط/ فبراير الجاري حيث كان يحمل أيضا هذا الشعار الذي تم تقديمه على أنه شعار تنظيم "الدولة الإسلامية".

 

كما نعثر عليه أيضا بشكل مستمر على تويتر على غرار هذا المقطع المصور الذي نشر في 10 شباط/ فبراير 2023 ويوثق لعملية عسكريا شارك فيه كورت مع زملائه. ونعثر على الشعار المقصود أيضا في الثانية 52 من الفيديو.

Sur une vidéo du 10 février postée sur Twitter, "Kurt" a déjà le badge à l'origine de la polémique sur son épaule gauche.
Sur une vidéo du 10 février postée sur Twitter, "Kurt" a déjà le badge à l'origine de la polémique sur son épaule gauche. © Twitter @Rinegati

كما أدى الجندي المعني بحوار في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 من قبل قناة دويشته فيله الألمانية. وكان الرجل يرتدي في ذلك الحين سترة كبيرة ولكن شعار "الدولة الإسلامية" لم يكن ظاهرا في الصور.

والجندي ليس مقاتلا انضم حديثا إلى صفوف الجيش الأوكراني ونعثر عليه أيضا في مقال صحافي نشر في سنة 2021 يؤكد فيه أنه يريد أن يقتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه.

ولا يوجد إلى حد كتابة هذه الأسر أي مقطع فيديو يؤكد فرضية أن هذا الجندي يحمل شعار مشابها لعلم تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ وقت طويل. وأول نسخة للجندي يحمل هذا الشعار عثر عليها فريق تحرير مراقبون فرانس تعود ليوم 10 شباط/ فبراير الجاري على وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أنه لم يتم الكشف بما لا يدع مجالا للشك عن السبب الذي جعل الجندي يحمل هذا الشعار، لا يوجد أي دليل يثبت أن هذا الجندي قد شارك في القتال على ميدان الحرب قبل سنة ً2014 أو أن له أية ارتباطات بالجماعات الجهادية.

وقد كان الجيش الأوكراني باستمرار هدفا للأخبار الكاذبة التي تنشرها حسابات أو مواقع موالية لروسيا والتي تم فيها إخراج مقاطع فيديو عن سياقها أو نقل صور لا علاقة لها بالنزاع الدائر. وبإمكانكم الاطلاع على بعض الأخبار الكاذبة التي تحقق منها موقع مراقبون فرانس24: