أوكرانيا: امرأة تحول آثار الرصاص على الجدران إلى أزهار
نشرت في: آخر تحديث:
تحمل مدينة بوتشا حيث يتهم الجيش الروسي بارتكاب جرائم حرب ندوب حية لمرور قوات موسكو منها بين المنازل المدمرة والثقوب التي أحدثتها الأعيرة النارية في كل شوارع البلدة. وقررت متطوعة كندية من أصل أوكراني تحويل ندوب الحرب إلى لوحات فنية. وتريد سيولكوفسكي مساعدة السكان على تجاوز الرعب الذي عاشوه ومنحهم ابتسامة من جديد.
تعرضت بلدة بوتشا في ضواحي العاصمة الأوكرانية كييف لاحتلال الجيش الروسي طيلة أكثر من شهر. وبعد مغادرته، استفاق الأوكرانيون في 2 نيسان/ أبريل على شوارع مليئة بالجثث وآثار قتل جماعي وتعذيب واغتيال عشوائي. وارتبط اسم بوتشا منذ ذلك الجيش باتهامات ثقيلة لموسكو بارتكاب جرائم حرب في المنطقة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه الحياة إلى العودة إلى نسقها المعتاد، مازالت ذاكرة الانتهاكات ماثلة في كل شارع من البلدة. وظهرت فوهات في مباني البلدة من آثار القصف فيما ملأت الثقوب جدران كل مكان. ولكن الآن، أصبحت هذه الثقوب في بوتشا مغطاة بالأزهار التي طلتها إيفانكا سيولكوفسكي.
Another day of eliminating #bulletsofbucha and turning them into flowers 🥀 pic.twitter.com/3WH0B3dp61
— Ivanka 🇺🇦 (@thetidymoose) May 14, 2022
"أردت حذف آثار كل ما يذرك سكانها بالحرب وإعادة الفرح الذي كانت عليه قبلها".
إيفانكا سيولكوفسكي تدير شركة في كندا وتحمل أصولا أوكرانية. وعندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، أرات التطوع في بلدها الأم،وتروي قائلة:
منذ الأسبوع الأول للغزو الروسي لأوكرانيا، ركبت طائرة باتجاه بولندا وقدمت المساعدات لمستحقيها على الحدود مع أوكرانيا. كان هناك الكثير من الأطفال الذي عبروا الحدود دون آبائهم وكانوا بحاجة إلى المساعدة فيما قمت بمساعدتهم للوصول إلى مكان آمن.
ومنذ تناقص عدد الناس الذين بعبرون الحدود شيئا فشيئا، وهو ما جعلني أعبر إلى الجانب الأوكراني من الحدود للمساهمة في تقديم المساعدة الإنسانية. ومنذ الأيام الأولى تقريبا، كنت أتنقل إلى مدينة جديدة قدمت فيها المساعدة بطرق مختلفة وفي معظم الأحيان قدمت المساعدة لأطفال.
وخطرت ببال المتطوعة الكندية فكرة طلاء آثار الرصاص التي تركتها الحرب أثناء الحديد مع أحد سكان بلدة بوتشا.
التقيت رجلا يدعي ساشا وكان قد فقد ابنه سبب الحرب وتم قصف بيته وتحويله إلى رماد. قال لي إنه يريد أن يغادر المكان لأنه لم يعد يشعر أي سبب للفرح بالمدينة. كان كل ما يره عبارة عن آثار الرصاص الذي يذكره بما فقده. وبالتالي، كنت أريد حذف كل ما كان يذكره بآثار الحرب وإعادة الفرح الذي كان يعيشه في المدينة. رسمت أزهار النرجس لأنها كانت وروده المفضلة. كان هدف إعادة البسمة ونجحت في ذلك. ولكنني لم أتخيل أبدا أنها ستصبح ما هي عليه الآن.
أول وردة رسمتها إيفانكا سيولوفسكي في مدينة بوتشا.
رسمت كل الورود مكان الرصاص لوحدي وقدمت لي الصغيرة آنيا التي لا يتجاوز عمرها 4 أعوام بعض العون. ورأتني آنيا بصدد رسم أول وردة على شباك غرفتها وقدمت لي المساعدة. ومنذ ذلك اليوم تتواجد إلى جانبي في كل مكان. وأنا الآن أرغب أن يلتحق الناس في كل أنحاء أوكرانيا بهذه الحركة ورسم الزهور في كل مكان وتصبح البلاد مليئة بالورود فلي كل مكان. وقد حضرت على مشهد مشابه (هنا) وكان الأمر رائعا.
آنيا، طفلة لم تتجاوز 4 أعوام من سكان بلدة بوتشا قدمت المساعدة لإيفانكا سيولكوفسيكي في تنفيذ فكرتها.
خلال الأشهر الأخيرة، تجولت إيفانكا سيولكوفسكي بين عشرين مدينة في أوكرانيا, ولكنها قضت معظم وقتها في طلاء الأبواب وثقوب الرصاص في بوتشا.
طلبت من كل السكان اختيار الوردة التي يفضلونها. كان لكل منزل وردة مختلفة باستثناء آخر ثقوب قمت بطلائه اليوم (24 أيار/ مايو) فكان فيها كل أنواع الزهور.
صورة نشرت على إنستاغرام تظهر إيفانكا سيولكوفسكي مع بعض أصحاب البيوت امام الزهور التي قامت برسمها.
آخر ثقوب قامت إيفانكا سيولكوفسكي بطلائها بالورود في 24 أيار/ مايو 2022. صورة إيفانكا سيولكوفسكي.
كل أجدادي من أصول أوكرانية. ثلاثة منهم تم ترحيلهم من قريتهم ونقلهم إلى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. وبعد ذلك، سافروا إلى كندا حيث تعتبر الجالية الأوكرانية من أكبر الحاليات وبدؤوا حياة جديدة هناك. اللغة والعادات والتقاليد بقيت راسخت في العائلة رغم مرور الزمن.
كبرت وأنا أسمع قصص الحرب.لم أتخيل أبدا أن أعيش ذلك ولكن ها نحن نعيش الحرب من جديد".
"لا يمكن للروس نزع الأمن"
وطلت إيفانكا سيولكوفسكي 43 ثقبا في الجدران و243 وردة في المجمل. وفي طريقها إلى ذلك، ساعدت في إعادة إعمار بعض الأشياء في البلاد وتحادثت مع سكان وقامت بكل ما في وسعها لمساعدة الأوكرانيين المتضررين من الحرب وتقول في الأخير:
سمعت قصصا مروعة بشكل لم يسبق لي سماعه قط. في الحقيقة، أعتقد أنني أجد صعوبة بالغة في استيعاب كل هذا. أنا متخوفة من العودة إلى "الحياة الطبيعية" لي في بيتي وذلك لأن انطباعا يتملكني أنني سأستوعب الأمر عندما أعود إلى كندا.
عاش هؤلاس الناس أشياء كثيرة وهم ليسوا بحاجة إلى أحد ليذكرهم كل يوم عندما يمشون في الشوراع. وهذا ما تمثله آثار الأعيرة النارية بالنسبة لهم. هدفي إذا هو إخفاؤها وراء شيء جميل. الزهور تمثل رمزا للأمل والإيمان والنهضة. وأعتقد أنها أفضل طريقة لإعلام الروس بأنهم لا يمكنهم نزع الأمل.