السودان: مزارعو شمال البلاد يلتحقون بالحراك الاحتجاجي من خلال إقامة المتاريس ومنع شاحنات البضائع من العبور

ناشط سوداني يغلق الطريق أمام شاحنات بضائع على الطريق المؤدية إلى الحدود مع مصر. صورة نشرت في مطلع شباط/ فبراير 2022 على صفحة تنسيقية لجان المقاومة/الولاية الشمالية على فيس بوك. صورة من فيس بوك
ناشط سوداني يغلق الطريق أمام شاحنات بضائع على الطريق المؤدية إلى الحدود مع مصر. صورة نشرت في مطلع شباط/ فبراير 2022 على صفحة تنسيقية لجان المقاومة/الولاية الشمالية على فيس بوك. صورة من فيس بوك © Facebook, تنسيقية لجان المقاومة/الولاية الشمالية

في الوقت الذي يواصل فيه السودانيون التظاهر في المدن للتنديد بالانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ضد السلطات الانتقالية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تم فتح جبهة أخرى للاحتجاج في شمال البلاد حيث يقوم المحتجون منذ بداية شهر كانون الثاني/ يناير بوضع المتاريس وإغلاق الطريق أمام عبور الشاحنات التي تنقل السلع إلى مصر. وقدم عدد كبير منهم شهادته عما يجري.

إعلان

بدأ كل شيء في يوم 9 كانون الثاني/ يناير الماضي عندما قام مئات من المزارعين في منطقة الدبة بإغلاق الطرق أمام شاحنات السلع على الطريق الوطنية المؤدية إلى الحدود مع مصر للاحتجاج على ارتفاع أسعار الكهرباء التي مر سعرها من 9 إلى 22 جنيه سوداني للكيلوواط الواحد في الساعة. وحسب وزارة الطاقة، فإن رفع الأسعار يندرج في إطار إجراءات التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي (أف أم إي) لكي يمكن البلاد من امتصاص ديونها الخارجية التي تقدر بأكثر من خمسين مليار دولار (أي ما يعادل 43 مليار يورو).

ومنذ ذلك الحين، تم نصب متاريس في نقاط مختلفة على الطريق الوطنية في شمال البلاد ما جعل مئات الشاحنات التي تنقل البضائع في اتجاه مصر تجد نفسها أمام طريق مسدود.

شاحنات رابضة على طول الطريق في منطقة الدبة في شمال السودان في 2 شباط/ فبراير 2022. صورة من تويتر من حساب @AhmedAltaif_A_W .

في هذا المقطع المصور، نرى عشرات الشاحنات رابضة على جانب الطريق الوطنية بالقرب من المعبر الحدودي العرجين في 18 كانون الثاني/ يناير 2022. "إنها الأزمة، لقد توقفت الشاحنات على مسافة 15 كيلومتر" هذا ما قاله السائق المصري الذي يقوم بالتصوير

"لقد قمنا بإيقاف نحو أربعين شاحنة مصرية إلى حد الآن"

ياسر هو أحد المزارعين وشارك في نصب المتاريس في منطقة عطبرة على بعد 250 كيلو مترا في شمال الخرطوم.

في البداية، كنا نريد إجبار السلطات على إلغاء قرار رفع أسعار الكهرباء.

ولكن الآن أصبحنا نطالب بأكثر من ذلك.

إذ أن شاحنات السلع التي تتوجه إلى مصر تنقل مواد غذائية خام تشتريها مصر بأسعار بخسة ومن ثم تقوم بتحويلها وتصدرها إلى أوروبا بالعملة الصعبة

تنقل هذه الشاحنات الماشية والسمسم والفول السوداني والعشب الحامض والثوم إلى آخره.. نحن نريد أن تنشئ السلطات مصانع في السودان حتى يتم تحويل منتجاتنا هنا في البلاد. وهو ما سيمكن من خلق فرص عمل وتنمية مناطقنا ومن ثم تصدير بضائعنا بأسعار  أكثر عدلا.

كما أن تهريب البضائع يشكل مشكلة كبيرة حيث ينقل عدد كبير من الشاحنات مواد غذائية مصنعة وحيوانات بدون أن يكون لديهم أية وثيقة بخصوص مصدر شراء سلعهم. وعندما نقوم بالتدخل نتولى تسليمهم إلى السلطات.

بالنسبة إلينا، ومهما كان الطرف الذي يحكم البلاد سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين، فإن الحكومات المتعاقبة لم تفعل شيئا لدعمنا. كل ما نريده هو تنمية منطقتنا ولسنا بالضرورة من بين المنخرطين في الحراك الاحتجاجي للمطالبة بإزاحة العسكريين من السلطة.

مزارعون يغلقون الطريق أمام مرور شاحنات السلع في شمال السودان يوم 30 كانون الثاني/ يناير 2020 ورفعوا لافتات كتب عليها "صوت الشمال" وغنوا ورقصوا في جو مرح. صورة من من تويتر من حساب@AbueissaAmel.

ولكن في المقابل، تحولت الشعارات التي كانت اقتصادية في البداية إلى مطالب سياسية لدى جزء من المتظاهرين حيث طالبوا بإزاحة العسكريين من السلطة وعودة مسار الانتقال السياسي الذي توقف مع الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وبالتالي تم مؤخرا تشكيل "لجان مقاومة" في شمال البلاد في متابعة لنموذج اللجان التي تنظم المظاهرات الأسبوعية في العاصمة الخرطوم بالخصوص.

"لن يكون هناك تحسن للوضع الاقتصادي والاجتماعي بدون تحقيق الديمقراطية"

إبراهيم هو أحد الناشطين في المنطقة من أصيلي مدينة البرقيق التي تبعد أكثر من 500 كيلومتر شمال الخرطوم ويقول:

اليوم ( الأربعاء 2 شباط/ فبراير 2022)، شاركت في إقامة متاريس في الحفير (فريق التحرير: منطة تابعة لمدينة البرقيق). كان هناك نحو 200 شاحنة سلع مصرية متوقفة في المكان. كانت شاحنات بصدد نقل الماشية واللحوم المجمدة والقطن من بين سلع أخرى.

وعندما نقوم بإيقاف الشاحنات، نتولى التدقيق في صحة الوثائق التي توجد مع السائقين وإذا ما كان لديهم فواتير للسلع. يعد ذلك طريقة لمكافحة التهريب لأنه هناك شبكات لتهريب الإبل بين السودان ومصر.

ولكن في المقابل، لا نقوم بالكشف عن بضائعهم وذلك لأننا لا نسمح لأنفسها أن نحل مكان الشرطة

وبهدف تفادي الحواجز الموجودة على الطريق الوطنية في ولاية الشمال، حاولت شاحنات نقل بضائع خلال الأيام الأخيرة عبور الحدود عبر المرور من منطقة بورت سودان في شمال شرق البلاد. ولكن تعرضوا للإيقاف في تلك المنطقة أيضا من قبل لجان المتظاهرين التي قامت بإغلاق المنافذ على غرار ما تظهره مقاطع الفيديو التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

مقطع فيديو يظهر سلسلة من الشاحنات التي أجبرها المتظاهرون على التوقف في منطقة بورت سودان يوم 28 كانون الثاني/ يناير 2022. صورة من تويتر من حساب@Moh_Gamea.

وحسب المختص السوداني في الشؤون الاقتصادية محمد الناير في تصريح لموقع العربي، فإن هذه الحواجز سيكون لها تداعيات على اقتصاد البلدين في الوقت الذي تمثل فيها صادرات السلع السودانية في اتجاه مصر عشرة بالمائة من مجمل صادرات البلاد. كما أكد أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين قد تجاوز المليار دولار خلال سنة 2021.