من أمام مقر البرلمان التونسي: "أنصار الرئيس هم الذين بادروا برشق أتباع حركة النهضة بالحجارة"

متظاهرون أمام مقر مجلس النواب في تونس، يوم 26 تموز/يوليو 2021.
متظاهرون أمام مقر مجلس النواب في تونس، يوم 26 تموز/يوليو 2021. © Facebook

دارت مواجهات، يوم الاثنين 26 تموز/يوليو، أمام مقر البرلمان التونسي بين أنصار الحزب الإسلامي النهضة ومؤيدي الرئيس قيس سعيّد، وذلك غداة إعلان رئيس البلاد عن تعليق نشاطات البرلمان وإقالة رئيس الوزراء. ويقول مراقبنا، الذي كان متواجدا بعين المكان، إن الوضع كان متوترا للغاية.

إعلان

بعد يوم من المظاهرات التي شملت عدة مدن تونسية، أعلن الرئيس التونسي  قيس سعيّد مساء يوم الأحد 25 تموز/يوليو إعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من مهامه وتعليق نشاطات البرلمان وتجريد النواب من الحصانة، وذلك على خلفية احتقان الشارع التونسي الذي يتهم الحكومة بالفشل في إدارة أزمة فيروس كورونا.

وأثار القرار احتجاجات أنصار راشد الغنوشي، رئيس البرلمان وحركة النهضة، ووصفوه بـ"الانقلاب".

تجمع منذ صبيحة يوم الاثنين أمام مجلس النواب مؤيدو ومعارضو قرارات الرئيس قيس سعيّد، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين وسط تواجد كثيف لقوات الأمن. وتبادل الطرفان السّب والرشق بالحجارة وقنينات الماء.

فيديو تم تصويره يوم 26 تموز/يوليو أمام مجلس النواب، يظهر مؤيدي ومعارضي قرارات الرئيس قيس سعيّد يتبادلون السّب.

 

يظهر الفيديو أعلاه متظاهرا تعرض لإصابة خلال المواجهات. فيديو صوره زياد حسني، صحافي لدى إذاعة "شمس أف أم".

ويظهر الفيديو أسفله مجموعة من أنصار حركة النهضة يحاولون اقتحام مقر مجلس النواب. وقد أصيب عدد من مؤيدي الغنوشي بجروح حسب الصحافي لدى إذاعة "شمس أف أم" زياد حسني.

"تقريبا كل المصابين كانوا من أنصار حركة النهضة"

زياد حسني، صحافي لدى إذاعة "شمس أف أم" كان متواجدا أمام مقر البرلمان في تونس منذ صباح يوم الاثنين.

عند الساعة السادسة صباحا، بينما كان راشد الغنوشي متواجدا أمام مقر مجلس النواب، بدأ أنصار حركة النهضة بالتوافد لمساندته. ثم وصل عدد من أنصار الرئيس قيس سعيّد.

في البداية كانت قوات الأمن تحاول توجيه مؤيدي قيس سعيّد إلى مكان بعيد نوعا ما عن مؤيدي الغنوشي حتى لا تحدث مناوشات بين الطرفين. لكن في النهاية تمكن مؤيدو قيس سعيّد من الاقتراب.

وبعد ساعتين من ذلك، بدأ الطرفان يتبادلان السّب. ثم بادر البعض من مؤيدي الرئيس التونسي برشق أنصار الغنوشي بالحجارة و بقنينات المياه. وقام الطرف الثاني بالرد بالمثل. وكان أنصار قيس سعيّد يستهدفون نواب حركة النهضة على وجه الخصوص.

تقريبا كل المصابين كانوا من مناصري النهضة، فقد قام شبان بمهاجمتهم رميا بالحجارة، يفترض أنهم من مناصري قيس سعيّد. وحدثت مناوشات كذلك في الأزقة المجاورة للمجلس. هناك عشرة إصابات طفيفة في المجمل.

وقد كان رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي أول من انتقل إلى مقر مجلس النواب للاحتجاج على قرارات الرئيس قيس سعيّد، عند الساعة الثانية والنصف صباحا. وكان مرفوقا بنائبة رئيس مجلس النواب سميرة الشواشي (من الحزب الحليف قلب تونس) ونواب آخرين. لكن عناصر من الجيش، الذين كانوا مصطفين وراء البوابة الحديدية، منعوهم من الدخول.

في هذا الفيديو نرى الغنوشي ينزل من سيارته ويتجه نحو البوابة. وعندما تطلب نائبة رئيس المجلس من عسكري فتح البوابة، يجيبها (عند التوقيت 33:10): "لدينا تعليمات [...] المجلس مغلق".

واعتصم راشد الغنوشي داخل سيارته أمام مقر مجلس النواب إلى غاية الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر.

قام نواب من المجلس التونسي، منهم رئيسه راشد الغنوشي، بجلسة برلمانية على تطبيق "زووم" صباح يوم الاثنين 26 تموز/يوليو للتنديد بتجميد أعمال مجلس النواب.

 

ومنذ ليلة 25 تموز/يوليو بعيد دقائق من إعلان قيس سعيّد، تجمع آلاف التونسيين في شوارع البلاد للاحتفال بالقرار الرئاسي، متجاوزين حظر التجوال للحد من تفشي جائحة كورونا التي تهز البلاد.

مشاهد تجمهر وابتهاج في ضاحية "المروج" جنوب العاصمة تونس ليلة 25 تموز/يوليو.

 

"انضمت أبواق سيارات الشرطة للاحتفالات الشعبية! كان هذا مشهدا لا يصدق"

غاية بن مبارك صحافية من العاصمة تونس تشتغل لوسيلة الإعلام "مشكال":

بعيد إعلان الرئيس مع الساعة 9:30 ليلا تقريبا، سمعنا هتافات وشماريخ تدوي في الشارع بالرغم من حظر التجول. حتى ولو لم تكن تفاصيل إعلان قيس سعيّد واضحة للجميع، كان الناس فرحين بتنحية حزب النهضة [من مجلس النواب]. كان الجميع يطلق أبواق السيارات ويرددون شعارات تساند قيس سعيّد وتشتم راشد الغنوشي. وفي شارع الحبيب بورڨيبة [في قلب وسط العاصمة] لم تكن هناك تعزيزات أمنية: فحتى الحواجز الشائكة المتواجدة عادة أمام وزارة الداخلية قد أزيلت، أمام دهشتنا التامة. وانضمت أبواق سيارات الشرطة للاحتفالات الشعبية! كان هذا مشهدا لا يصدق: ففي صباح نفس اليوم كان عناصر الأمن يقمعون ويعنفون المتظاهرين المناهضين للحكومة في باردو [أمام مجلس النواب]!

شرطيون يحتفلون بإعلان قيس سعيّد في حي سكرة في شمال العاصمة تونس.

 

عند الساعة 11 ليلا جاءت ثلاث مدرعات عسكرية إلى شارع الحبيب بورڨيبة وسط تصفيق المتظاهرين. وفي حدود منتصف الليل بدأ الناس في التوجه إلى مقر حزب النهضة بحي مونبليزير (على بعد 2،2 كم من وسط المدينة). كان الهدف من ذلك اقتحام مقر الحزب [فريق التحرير: اقتحم ونهب متظاهرون فروعا جهوية للحزب في مختلف مدن البلاد].

متظاهرون ضد الحكومة يقتحمون ويدمرون فرعا جهويا لحزب النهضة بمدينة توزر (جنوب غرب) في 25 تموز/يوليو.

 

في طريقي إلى هناك رأيت عربات وتعزيزات أمنية. قام الناس برمي الحجارة على مبنى الحزب. وحاول آخرون اقتحام المقر من أزقة جانبية للمدخل الرئيسي. كان المقر محاصرا من قبل قوات الأمن التي لم تتوان عن رمي الناس بالغاز المسيل للدموع وثم مطاردتهم في الشارع. دام هذا إلى حدود الساعة الواحدة والنصف صباحا تقريبا، حين تفرق أغلب المتظاهرين. لم أر أي مناصر لحزب النهضة عندما غادرت المكان.

طلقات الغاز المسيل للدموع أمام مقر حزب النهضة بالعاصمة ليلة 25 تموز/يوليو. فيديو غاية بن مبارك.

 

يعطل صراع يستمر منذ ستة أشهر بين قيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، عمل الحكومة ويعيق انتظام السلطات العامة في ظل انتشار واسع النطاق لجائحة كورونا في البلاد.