هل هذه صور لجنود فرنسيين في مالي بصدد نهب مخازن الذهب في البلاد؟ احذروا... إنه خبر كاذب!
نشرت في: آخر تحديث:
تدعي سلسلة من الصور نشرت على فيس بوك أنها تظهر عددا من الجنود الفرنسيين يستغلون احتياطات الذهب بمالي في الوقت الذي يسقط فيه الجنود الماليون "على الجبهة للدفاع عن وطنهم". ولكن في الواقع، لم يتم التقاط أي صورة من هذه الصور في مالي كما لا يتعلق الأمر بجنود فرنسيين.
من خلال عمليتي "سرفال" وبعد "برخان العسكريتين، تتواجد القوات الفرنسية منذ سنة 2013 على الأراضي المالية في إطار عمليات عسكرية تهدف إلى مكافحة الجماعات المسلحة الجهادية الناشطة في البلاد وبشكل عام في كامل منطقة الساحل. وإذا ما كان الحضور الفرنسي سيتقلص في وقت قريب بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم 10 حزيران/ يونيو أنه سيضع حدا لعملية "برخان" بشكل تدريجي، لم يتم النظر إلى وجود الجنود الفرنسيين هناك بعين الترحاب من قبل سكان البلاد.
وحسب بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار هذا المنشور على فيس بوك، عوض أن تكافح القوات الفرنسية إلى جانب الجيش المالي، يتم نشر هذه الصور على أنها تظهر العسكريين الفرنسيين بصدد استغلال الموارد المنجمية لاستخراج سبائك من الذهب.
آلاف السبائك الذهبية... التي صادرها الجنود الأمريكيون في العراق إبان حرب سنة 2003
وفي الصور الثلاث الأولى، يمكن لنا أن نرى بسهولة العلم الأمريكي على ذراع الجنود، بالإضافة إلى شعار يتطابق مع شعار فرقة "إير برون" الموجود في صور انتشار أفراد فرقة "إير برون" عدد 173 في العراق خلال سنة 2003، والتي يمكن الاطلاع عليها في هذا الأرشيف.
العلم الأمريكي إضافة إلى شعار فرقة تابعة للجيش الأمريكي ظاهرة على البدلات العسكرية للجنود الطاهرة في هذه الصور الثلاث.
أحد تفاصيل البدلة العسكرية لجندي أمريكي من فرقة "إير برون" عدد 173، في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2003. صورة لوزارة الدفاع الأمريكية.
ويتيح بحث عكسي عن الصورة (نفسر لكم كيف يمكن القيام بذلك هنا) العثور على عدد كبير نسخ هذه الصور الثلاث في مواقع إعلامية ناطقة باللغتين العربية والإنكليزية، بالإضافة إلى وجودها في عدد كبير من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الحقيقة، هناك حدثان يفسران هذه الصور حسبما سردتها وسائل إعلام في تلك الفترة. أولا في 24 أيار/ مايو 2003، فتش جنود أمريكيون شاحنة شكوا في حمولتها وصادروا محتوياتها بالقرب من مدينة القايم غير بعيد عن الحدود العراقية مع سوريا. وهو ما توضحه صحيفة "لوريون دي جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية من خلال مقال تحت عنوان "قوات أمريكية تصادر ألفي سبيكة ذهبية بالقرب من الحدود السورية.
وبعد يومين من هذه الحادثة، تمت مصادرة 999 سبيكة ذهبية خلال حادث مشابه في نقطة تفتيش في مدينة كركوك بالقرب من الحدود مع إيران. وكانت وسائل إعلام أمريكية عللى غرار ستارت أند ستريبس وسي إن إن تحدثت في تلك الفترة عن اكتشاف هذه الحمولة. وفي كلتا الحالتين، تم دفع أتعاب السائقين لنقل بضاعة مجهولة من العاصمة بغداد إلى مدينة قريبة من الحدود وهي القايم والسليمانية.
وحتى وإن بقي تحديد أي من الحدثين التي ترتبط به كل واحدة من هذه الصور بشكل دقيق، يمكن لنا أن نؤكد بما لا يدع مجال للشك أنها تتعلق بمصادرة حمولات من سبائك الذهب على يد جنود أمريكيين في العراق وأنها التقطت بين يومي 24 و26 أيار/ مايو 2003.
وتطفو هذه الصور بشكل مستمر على السطح على مواقع تويتر وفيس بوك وفي معظم الأحيان يتم استخدمها خارج سياقها الحقيقي أو مع معلومات منقوصة قبل أن تعود مجددا إلى الواجهة في الفترة الأخيرة.
American soldiers with Iraqi "weapons of mass destruction". pic.twitter.com/nKkqoRMLtW
— maytham (@maytham956) April 27, 2018
"جنود أمريكيون مع "أسلحة الدمار الشامل العراقية" يقول مستخدم الإنترنت هذا ساخرا في تغريدة على تويتر، والتي تم حفظها في الأرشيف هنا.
الأمريكيون لصوص الحضارت ،صورة نادرة أثناء سرقة الجيش الأمريكي لشحنة من الذهب العراقي 2003م.
— ملهم (@ht3lm) January 26, 2016
هذه أسلحة الدمار الشامل! pic.twitter.com/oEinX4SG9u
" الأمريكيون لصوص الحضارت، صورة نادرة أثناء سرقة الجيش الأمريكي لشحنة من الذهب العراقي 2003 م. هذه أسلحة الدمار الشامل!" هذا ما قاله مستخدم الإنترنت في هذه التغريدة التي تم حفظها في الأرشيف هنا.
@pm3883 Comment justifier ce vous voyez sur ces photos ? Au Mali. Les militaires français découvrent de l'or enterré. Des tonnes. pic.twitter.com/7vOg1OuRPj
— Mohamed-Kaba SOW (@MohamedKabaSOW) June 28, 2017
تم حفظ هذه التغريدة على تويتر في هذا الأرشيف.
عملية "سنغاريس" وصور من مناجم: باقي الصور لم تلتقط هي الأخرى في مالي
بنفس الطريقة، تظهر الصور الثلاث الموالية جنودا يخرجون صناديق من حفرة في التراب باستخدام جرافات ويبدو أن الأمر يتعلق بذهب مستخرج من وسط صخور حمراء. ويقول المنشور إن هذه الصور بمثابة دليل على عمليات استخراج ذهب نفذها الجيش الفرنسي في مالي.
وخلال سنة 2019، تم تناقل نفس هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي مع نفس المعلومة. وكان فريق تحرير مراقبون فرانس24 تحقق من هذه المعلومة في تلك الفترة.
⚠️ Attention aux associations d'images
— Info ou Intox 🔎 - France 24 (@InfoIntoxF24) April 9, 2019
↪️ Des photos refont surface dans le contexte des récents massacres au #Mali, des internautes affirment que des militaires français pillent l'or du pays et ne protègent pas les populations peuls... ces photos n'ont aucun lien entre elles ⤵️ pic.twitter.com/KP8uVQOP51
والتقطت الصورة الأولى في أفريقيا الوسطى في إطار عملية تدمير 750 كغ من الذخائر من قبل جنود عملية" سنغاريس" يوم 10 شباط/ فبراير 2014. ويمكن أن نعثر على الصور في بوابة الملتيميديا في موقع وزارة الجيوش الفرنسية.
صورة مثبتة من منشور على فيس بوك يظهر جنودا فرنسيين من عملية "سنغاريس" يوم 10 شباط/ فبراير 2014. صورة مراقبون.
ولا علاقة للصورة، التي تظهر أنه ما يبدو ذهبا من وسط صخور في هذه الصور المركبة، بمالي: ولم يوجد أي أثر في الصورة إلى مواقع لبيع الذهب والتي تربط الصورة في الأصل بتنزانيا على غرار ما يؤكده هذا الموقع. وحسب عملية التحقق التي قام بها فريق تحرير مراقبون سنة 2019، فإنه يمكن العثور على الصورة في موقع لمجموعة عمال مناجم في زمبيا، وهو موقع لم يعد بالإمكان الولوج إليه في الوقت الحاضر. وعثرت خدمة التحقق من الأخبار في وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب فاكتيال" على النسخة الأرشيفية لهذا الموقع.
#Mali La 3ème image vient d'une base de donnée d'une entreprise d'exploitation d'or en #Zambie : les métadonnées de la photo montre qu'elle a été prise en 2017, avant que l'#intox commence à circuler > https://t.co/aH8MgPLOkm /5 ⤵️ pic.twitter.com/rAfVlOBwsW
— Info ou Intox 🔎 - France 24 (@InfoIntoxF24) April 9, 2019
صورة مثبتة من منشور على فيس بوك تظهر الذهب وسط الصخور. صورة مراقبون.
وفي الأخير، حسب خدمة "أ ف ب فاكتيال" فإن صورة الجرافة تتعلق على الأرجح بـ"عربة مدرعة لكسح الأرض ''إي بي جي"، وتم تداول هذه الصورة، الموجودة بالخصوص في منشور على مدونة تعود لسنة 2005، على الإنترنت منذ نحو خمسة عشر عاما. ولم يتم التعرف على السياق الحقيقي لهذه الصورة التي تظهر عربات بناء في حظيرة أشغال. ولا يبدو أن هذه الصور مرتبطة بأي نشاط عسكري أو منجمي في مالي.
صورة مثبتة من منشور على فيس بوك تظهر عربة مدرعة لكسح الأرض
صورة مثبتة من منشور على فيس بوك تظهر ثالث عربات مدرعة لكسح الأرض في حظيرة أشغال.