تشاد: حذار، هذا الفيديو لا علاقة له بالهجمات الأخيرة لمتمردي جبهة التناوب والوفاق "فاكت"
نشرت في: آخر تحديث:
منذ وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في 20 نيسان/ أبريل 2021، الذي نسب إلى متمردي جبهة التناوب والوفاق في تشاد "فاكت"، انتشر مقطع فيديو في عدة دول يظهر تجهيزات عسكرية من آخر صيحة لهذه الجماعة المسلحة. وتبين أن هذا الفيديو يعود إلى سنة 2017 ولا يظهر أنشطة قوات "فاكت" ولكنه يتعلق بمرتزقة يقاتلون إلى جانب قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا.
حررت هذا المقال: ليزلوت ماس
منذ وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في 20 نيسان/ أبريل 2021، الذي نسب إلى متمردي جبهة التناوب والوفاق في تشاد "فاكت"، انتشر مقطع فيديو في عدة دول يظهر تجهيزات عسكرية من آخر صيحة لهذه الجماعة المسلحة. وتبين أن هذا الفيديو يعود إلى سنة 2017 ولا يظهر أنشطة قوات "فاكت" ولكنه يتعلق بمرتزقة يقاتلون إلى جانب قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا.
يظهر المقطع المصور الذي نشر في أواخر شهر نيسان/ أبريل 2021 ثلاث عربات مدرعة على القال من طراز "بانتيرا تي 6" من صنع إماراتي بالإضافة إلى عربات رباعية الدفع مجهزة بمدفعية ثقيلة. ونميز ثمانية صواريخ وراجمة صواريخ مثبتة على متن إحدى هذه العربات.
على وسائل التواصل الاجتماعي، تم تقديم هذه الصور على أنها تظهر تقدم متمردي جبهة الوفاق والتناوب في تشاد "فاكت" نحو العاصمة نجامينا في منتصف نسيان/ أبريل واستمر تداول الفيديو بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي إتنو.
"لقد مات ديبي. الغموض يلف مستقبل تشاد. ويبدو أن المتمردين مجهزون بشكل جيد (...)" هذا ما كتبه هذا الخبير في مجموعة الأزمات الدولية، وهو مركز بحوث مختص في النزاعات الدولية، في هذه التغريدة على تويتر التي تم حذفها فيما بعد.
D'autres publications affirment que ces images montrent le Fact dans les jours qui ont précédé la mort du président, ou le lendemain de sa mort.
ويرتدي الرجال الظاهرون في الفيديو بدلات عسكرية مختلفة فيما يتحدث أحدهم بخليط من الدارجة العربية في تشاد ولغة الغوران: "اصعد إلى السيارة" هذا ما قاله الرجل لرفقائه المسلحين.
وتنتشر اللغة التي تحدث بها هذا الرجل في أقصى شمال شرق تشاد، ولكن عدة عناصر في مقطع الفيديو تسمح ببث الشك بأن هذه الصور توثق استعراض قوة حديث لقوات "فاكت".
في البداية، توجد عدة مؤشرات بصرية تحيل إلى أن الأمر يتعلق بقوات المشير حفتر القائد الأعلى للجيش الوطني الليبي وهو أحد أطراف الحرب الأهلية الليبية الذي يسيطر على شرق البلاد والمدعوم من مصر والمملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وروسيا وفرنسا.
ونميز بالخصوص العلم الليبي الذي تم تثبيته في مقدمة عربة مدرعة وشعارا ظاهرا جزئيا على شكل قوس دائري على البلور الأمامي للعربة والذي يشير إلى الجيش الوطني الليبي باللغة العربية.
صور شاشة من مقطع الفيديو. صورة من فيس بوك.
بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود عربات مردعة من طراز "بانتيرا تي 6" في السياق الليبي يشير، حسب رأي مختصين تواصل معهم فريق تحرير مراقبون فرانس 24، إلى أنها تعود لقوات حفتر التي تلقى هذا النوع من العربات من الإمارات العربية المتحدة بدءا من سنة 2016 وهي البلد الذي ط ور وصنع هذا الطراز من المدرعات.
شحنة من عربات عسكرية، بينها "بانتيرا تي 6" تسلمتها قوات حفتر في مدينتي طبرق والمرج، حسب هذا المنشور على فيس بوك لصفحة "قاعة العمليات في سرت الكبرى"، وهي فرقة تابعة للجيش الوطني الليبي في منطقة سرت تعود إلى مطلع أيار/ مايو 2016. صورة من فيس بوك.
هذا العناصر جاءت لتعزز الشكوك بشأن التخمينات التي تقول إنها تعود لقوات "فاكت". ومن خلال بحث عكسي عن الصور (أنظر هنا كيف يمكن القيام بذلك) قمنا به على مرحك البحث "ياندكس"، يمكن لنا أن نؤكد أن هذه الصور أُخرجت من سياقها: حيث نشر هذا الفيديو على شبكة الإنترنت منذ سنة 2018 بالإضافة إلى صور أخرى تظهر نفس المشهد ونفس الموكب العسكري منذ شهر أيار/ مايو 2017.
ما الذي تظهره هذه الصور في الحقيقة؟
وتحلينا عمليات البحث العسكري عن الصور إلى عدد كبير من المنشورات بتاريخ 19 أيار/ مايو 2017 وتؤكد أن الأمر يتعلق بفرق مختلفة من الجيش الوطني الليبي التي تم نشرها في مدينة تراغن أو في قاعدة براك الشاطئ العسكرية.
بالرغم من ذلك، فإن عملات بحث إضافية قمنا بها على صفحات كثيرة على فيس بوك تابعة للجيش الوطني الليبي تمكن من العثور على سلسلة من الصور بتاريخ 17 أيار/ مايو 2017، وهي نفسها التي تم تداولها مع الفيديو المنشور في 19 أيار/ مايو 2017.
في هذا الفيديو المنشور على فيس بوك من قبل مستخدم إنترنت ليبي يقول إنه يقطن في مدين الكفرة (جنوب)، نتعرف علة نفس الموكب العسكري. وهذه هي أقدم منشور متوفر لهذا الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، على حد علمنا. ولا يمكن التأكد مما إذا كان هذا الفيديو تم تداوله في وقت سابق، على سبيل المثال في حسابات مغلقة أو تطبيقات تبادل الرسائل.
وتتعلق هذه الصور باستعراض عسكري نظمته جنوب ليبيا الفرقة 129 للجيش الوطني الليبي والتي يطلق عليها "فرقة أسود الصحراء أو فرقة الشهيد، وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق علمية الكرامة، وهو الاسم الذي أطلقته قوات حفتر على معركة بنغازي والتي فاز بها المشير الليبي في 14 أيار/ مايو 2014.
في الأعلى، مجموعة من الصور المركبة الملتقطة من الفيديو المنشور في 2017، في وفي الأسفل، لتلك التي تم تداولها في منتصف نيسان/ أبريل 2021. ويتعلق كل لون بنفس العربة المتواجدة في نفس المكان في كلا المقطعين المصور.
ويمكن التأكد من مواقع العربات والشعارات المكتوبة عليها بالإضافة إلى الصواريخ المثبتة على متن إحداها.
على اليسار، صور مثبتة من الفيديو المنشور في 2017 وعلى اليمين، للفيديو الذي تم تداوله مؤخرا. صور فرانس 2.
وتمكننا عدة عناصر في سلسلة الصور ومقطع الفيديو المنشورة سنة 2017، والتي تظهر نفس الموكب العسكري، من التأكد من أن الأمر يتعلق بالفعل بهذه الفرقة: حيث كانت عبارات "أسود الصحراء" و"الشهيد علي" مكتوبة بالعربية على البلور الأمامي للمدرعة وعلى عربات أخرى.
أُخذت الصور الموجودة في الأسفل وفي أعلى اليمين من منشور على فيس بوك بتاريخ 17 أيار/ مايو، ومن صحفة تهتم بإثنية التبو الموجودة في ليبيا. صور من فيس بوك.
زد على ذلك أن حديث الرجل بلغة الغوران يفسر أيضا أن هذه الفرقة مكونة في جزء كبيرة من مرتزقة قادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وبعضهم من تشاد تحديدا. ويعرق قائد الفرقة علي سعيد التبوي بأنه من أشرف على انتدابهم لصالح قوات المشير حفتر، كما تؤكد عدة وثائق منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي أنه هذه القوات تضم عدد كبيرا من التشاديين. إذ تشير عدة عبارات مكتوبة على العربات الموجودة في الموكب إلى "أسود صحراء تبو" في إشارة إلى إثنية التبو التي تعيش في المناطق تمتد على أراضي تشاد وليبيا والسودان والنيجر.
ويتعقد الخبراء في هذه المنطقة الإفريقية أن العناصر التي تقاتل مع "فاكت" اليوم -الذين ينتمي معظمهم إلى قبائل التبو- قاتلوا بالفعل إلى جانب قوات حفتر إبان الحرب الأهلية الليبية. ويتمركزون بالأساس في جنوب البلاد. ولكن، ومنذ إمضاء اتفاق السلام في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 بين المشير حفتر وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، توجب على القوات الأجنبية مغادرة البلاد وهو ما يعني عودة المتمردين إلى تشاد.
ولم يتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس من العثور على أي صورة تتيح التأكد من أن هذه العربات من طراز ''بانتيرا تي 6" موجودة على ذمة متمردي ''فاكت''. وعلى الصور التي نشرها الجيش التشادي ووسائل الإعلام غداة وفاة إدريس ديب إتنو، أي عندما تم القض على 300 متمرد حسب السلطات التشادية، يمكن أن نتعرف فقط على عربات رباعية الدفع وأسلحة ثقيلة وشاحنات نقل.
{{ scope.legend }}
© {{ scope.credits }}شاحنتا نقل رُسم عليهما شعار "فاكت". صورة اُلتقطت في 19 نيسان/ أبريل من قبل ناكو مدجيارسا، مراسل إذاعة فرنسا الدولية في تشاد. صور أر أف إي.
"كانت هنا ما بين 400 مئة إلى 500 عربة مجهزة بأسلحة ثقيلة، وهو الأمر الذي فاجأ الجيش التشاد (...) بالنظر إلى أن حفتر تلقى دعما من روسيا، كما سرت شائعات بوجود مخيمات تدريب للمتمردين أشرفت عليه الشركة العسكرية الروسية "فاغنر". ولكن لا يوجد أي دليل على أن حفتر أو شركة "فاغنر" قاموا بالفعل بتجهيز المتمردين لكي يستطيعوا القتال خارج ليبيا" هذا ما صرح به الباحث المختص في شؤون تشاد جيروم توبيانا لقناة الجزيرة.
الخلاصة
تم إخراج هذه الصور التي نُشرت في الأيام التي سبقت وتلت موت الرئيس التشادي إدريس ديبي من سياقها: إذا أنها لا تظهر متمردي ''فاكت" والتجهيزات الموجودة على ذمتها في الوقت الحاضر.
ويعود أقدم أثر لهذا الموكب العسكري إلى يوم 16 أيار/ مايو 2017 وتم ربطها بجولة استعراضية في صحراء جنوب ليبيا من قبل كتيبة مكومة من عدد كبير من المرتزقة القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، بعضهم جاء من تشاد.
وحتى إن كان من المحتمل أن بعض هؤلاء الأشخاص الظاهرين في الفيديو التحقوا بجبهة "فاكت" في وقت لاحق، فإنه يبقى من غير الممكن ربطها بالتحركات الأخيرة لهذه الجماعة المسلحة.