تحقيق

إثيوبيا: مقطع فيديو لعملية طبية على امرأة يثبت اللجوء إلى الاغتصاب كأداة للحرب في تيغراي

في بداية شهر آذار/ مارس، انتشر فيديو لعملية طبية تم إجراؤها في مستشفى أديغرات في شمال إقليم تيغراي الإثيوبي على نطاق واسع عبر تطبيق واتساب. ونرى من خلاله طبيبا بصدد إجراء عملية على امرأة بعدما تعرضت للاغتصاب مرات عدة وطيلة عدة أيام على يد جنود إريتريين. وأتاحت لنا مصادر مختلفة إعادة تشكيل قصة هذه المرأة التي تجد اليوم في مكان آمن. وكشفت هذه القصة عن لجوء كبير وممنهج لاغتصاب المدنيات في تيغراي في إطار النزاع المستمر منذ أواخر سنة 2020.

صور مثبتة من مقطع فيديو يظهر عملية طبية على امرأة تعرضت للاغتصاب على يد مجموعة من الجنود الأريتيريين، التقط في مستشفى أديغرات يوم 21 شباط/ فبراير 2021. صورية دي أي
صور مثبتة من مقطع فيديو يظهر عملية طبية على امرأة تعرضت للاغتصاب على يد مجموعة من الجنود الأريتيريين، التقط في مستشفى أديغرات يوم 21 شباط/ فبراير 2021. صورية دي أي © DR
إعلان

حذار: سرد الأحداث والتفاصيل المذكورة في هذه المقال قد تكون صادمة

تم تصوير الفيديو في مستشفى أديغرات، ثاني أكبر مدن المنقطة. يبلغ طول الفيديو دقيقتين و33 ثانية وفيه مشاهد لا تطاق. إذ نرى من خلاله النصف السفلي لجسد امرأة وساقاها مفتوحتان وهي ممددة فوق طاولة عمليات ويدي الطبيب الذي يجري العملية. وباستخدام مقص، يستخرج الطبيب من فرج المرأة مسمارين طويلين تواليا وكيسا بلاستيكيا ومناديل ورقية وحجرا.

وتعلق امرأة على العملية باللغة الإنجليزية مؤكدة أنها ترغب من خلال هذا الفيديو في توثيق الوضع في تيغراي. ولكن في مستهل تصوير الفيديو، نسمع رجالا يتكلمون لغة "تيغرينا" التي يتكلم بها سكان إقليم تيغراي وهو ما يمكن من تحديد مكان التقاطه.

Capture d'écran de la partie supérieure de la vidéo, filmée à la verticale, qui montre une partie de la salle d'opération, et le drap vert recouvrant le haut du corps de la patiente. Derrière, un personnel de l'hôpital contourner la table d'opération.
Capture d'écran de la partie supérieure de la vidéo, filmée à la verticale, qui montre une partie de la salle d'opération, et le drap vert recouvrant le haut du corps de la patiente. Derrière, un personnel de l'hôpital contourner la table d'opération. © DR

صورة مثبتة من الجزء العلوي للفيديو الذي صور بطريقة عمودية وتظهر جزء من قاعة العمليات واللحاف الذي يغطي الجزء الأعلى من جسد المرأة. وفي الخلف نرى عونا طبيا بصدد التحرك قرب طاولة العمليات. صورة دي أي

تعرضت المرأة للاغتصاب عدة مرات طيلة أحد عشر يوما

وحسب عدة مصادر اتصل بها فريق تحرير مراقبون من الذين تحدثوا مع الضحية، فإن هذه المرأة تبلغ من العمر 28 عاما وهي أم لطفلين. وتعرضت للاختطاف يوم 6 شباط/ فبراير وفي ذلك الوم، كان تستقل حافلة من أجل التحول إلى عاصمة إقليم تيغراي، ميكلي وذلك بغاية جلب أموال من عند أقاربها. وفي الطريق، هاجم جنود من الجيش الإريتري العربية وتم عزل النساء. وحملوا الضحية إلى مخيم في محيط المكان. وعاشت هذه المرأة هناك كابوسا استمر أحد عشر يوما، تعرضت خلال للاغتصاب على يد 23 جندي حسب تأكيدها.

وفي 16 شباط/ فبراير، تم اقتيادها أخبرا إلى خارج المخيم على يد سجناء من تيغراي تحت حراسة جنود إريتريين والذين طلبوا منهم تركها على قارعة الطريق حيث قضت المرأة ليلتها وهي شبه فاقدة للوعي. وتقول المرأة إنها لم تر الأشياء التي تم إدخالها في جسدها. قبل أن يتم إجلاؤها من قبل مدنيين قاموا بحملها إلى مستشفى أديغرات يوم 17 فبراير حيث أجرت عملية على الفور. وقد التقط الجنود صورة لبطاقة هويتها مهددين إياها بالبحث عنها في بيتها في صورة التحدث عما تعرضت له.

"لا توجد آثار بدنية كبيرة"

ويروي أحد أفراد الفريق الطبي في مستشفى أديغرات والذي كان حاضرا أثناء إجراء العملية على هذه المرأة قائلا:

عندما وصلت المرأة إلى المستشفى كانت تعاني من وهن شديد. لقد استخرج طبيب النساء الذي أجرى العملية من فرج المرأة مسمارين وعدة قطع من مناديل ورقية وكيسا بلاستيكيا وحجرا. كان مهبل المرأة ينزل ولكن من حسن حظها، تبين أنها لم تتعرض لثقوب دقيقة. ولن يكون عواقب مزمنة على فرجها. وستبقى أعضاؤها التناسلية تؤدي وظائفها. ل يوجد إذا آثار بدنية كبيرة. أما بالنسبة إلى الصدمة النفسية، فذلك أمر آخر.

لقد كانت كل الإطار الصحي العامل في المستشفى في حالة ذهول من هذه الحالة. لم أكن شاهدا على أي ممارسات مماثلة في عمليات اغتصاب خلال هذا النزاع. ولم أر في حياتي قط أو سمعت عن ممارسات مماثلة في مكان آخر. يمكن أن تتعرض امرأة للاغتصاب لكن هذا النوع من الممارسات، كيف يمكن أن نصل إلى هذا المستوى من انعدام الإنسانية؟

وبما أن الفيديو صور دون علم الضحية، فإن بدأ في الانتشار في تاريخ لا يمكننا التحقق منه. وجاء جنود إريتريون إلى المستشفى وذلك بنية قتل الضحية. ولكنها نجت من ذلك باعتبار أنها نقلت إلى مكان آمن مع أطفالها.

L'hôpital général d'Adigrat en 2019.
L'hôpital général d'Adigrat en 2019. © Facebook / Adigrat General Hospital

مستشفى أديغرات في 2019. صورة من فيس بوك/ أديغرات جنرال هوسبيتال

تعرض 254 امرأة للاغتصاب بينهن 175 من الحوامل

ويواصل عضو الإطار الصحي في مستشفى أديغرات قائلا:

منذ نهاية شهر كانون الثاني/ ديسمبر، وصلت إلينا في مستشفى أديغرات 254 امرأة كن ضحية للاغتصاب بينهن 175 كن حوامل. وتمكنا من إيقاف الحمل لكل واحدة منهن. ومن بين تلك النسوة اللاتي تعرضن للاغتصاب، امرأة كانت حاملا لم تعد قادرة على التحكم بالبول بسبب عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها. لقد أحصينا أيضا عمليات اغتصاب على طفلة لم تتجاوز الأربعة أعوام وعلى نساء وصل عمرهن إلى 89 عاما.

وإذا ما لاحظنا هذا العدد الكبير من النساء الحوامل، فذلك يرجع إلى أن حملهن يجبرهن على المجيء إلى المستشفى. عدد كبير من النسوة المغتصبات لا يجرؤن على المجيء إلى المستشفى لأنهن يفضلن إخفاء تعرضهن للاغتصاب لأسباب ثقافية أو لشعورهن بالعار. كما أن عددا منهن لم يكن بإمكانهن التحول إلى المستشفى بسبب وجودهن في مناطق نائية حيث لا يمتلكن وسيلة نقل للتحول إلى أديغرات.

ويوجد عدد كبير من شهادات النساء من إقليم تيغراي اللاتي تحدثن عن تعرضهن للاغتصاب على يد جنود من إريتريا أو إثيوبيا أو على يد أفراد مليشيات، وهي شهادات تناقلتها وسائل الإعلام منذ شهر آذار/مارس. ويشكل هذا الفيديو الذي يكشف عن الانتهاكات التي تعرضت لها هذه المرأة عن دليل مرئي فريد من نوعه وقذر.

وفي 23 آذار/ مارس، أقر رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام لسنة 2019، أخيرا بمشاركة الجيش الإريتري في النزاع إلى جانب جيش بلاده ومعترفا بحصول عمليات اغتصاب دون توضيح الطرف المسؤول عنها. وكان أبيي أحمد قد التزم في وقت سابق بملاحقة مرتكبي عمليات الاغتصاب دون تقديم مزيد من التفاصيل. كما أن أكد أن القوات الإريترية ستغادر البلاد. ولكن ذلك لم يحدث إلى غاية منتصف نيسان/ أبريل، إذ اتهم الجيش الإريتري مؤخرا -بالإضافة إلى عمليات الاغتصاب- بارتكاب مجازر وأعمال نهب.

ومنذ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، أودى النزاع الدائر بين جبهة تحرير شعب تيغراي "تي بي أل أف" والحكومة الإثيوبية بحياة آلاف الأشخاص. وأرسلت إريتريا، التي تعتبر تاريخيا من أشد أعداء جبهة "ت بي أل أف"، قواتها للقتال إلى جانب الجنود الإثيوبيين. وحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن 4,5 مليون من سكان إقليم تيغراي من أصل ستة ملايين ساكن يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.