بينين: مقطعا فيديو يكشفان حدوث تزوير في الانتخابات الرئاسية
نشرت في: آخر تحديث:
دعي خمسة ملايين ناخب في بينين إلى صناديق الاقتراع يوم 11 نيسان/ أبريل لانتخاب رئيس للبلاد في سياق متوتر مشوب بأحداث عنف قبل الانتخابات. وكشف مقطعا فيديو عن حالات تزوير واضحة في بلدة ماتري شمال البلاد وانتشرا على وسائل التواصل الاجتماعي. ووعدت السلطة التنفيذية بتسليط عقوبات على مرتكبيها لكنها لم تستبعد "عملية تزوير مفبركة'.
تمت إعادة نشر هذين المقطعين المصورين الذين نشرا في الليلة الفاصلة بين 11 و12 نيسان/ أبريل مئات المرات على فيس بوك. كما تم إرسالهما إلى فريق تحرير مراقبون عشرات المرات عبر تطبيق واتساب.
ويبلغ طول الفيديو الأول 19 ثانية، ويظهر شخصا يرتدي زيا محليا بصدد ختم عدة أوراق اقتراع بشعار بطاقة انتخاب الثنائي تالون-تالاتا، التي تعود للرئيس الحالي المرشح لخلافة نفسه باتريس تالون ورفيقته مريم شابي تالاتا.
وبعد الاطلاع على هذا الفيديو، تأكدنا أن المشهد الذي دار أمام أعوان اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (سينا) الذين يمكن التعرف عليها من خلال أزيائهم الصفراء، وقع في المدرسة الابتدائية العامة في بورا، في دائرة داساري الانتخابية التي تعتبر إحدى مراكز الاقتراع في بلدة ماتري، وهي مدينة تقع شمال بينين. ويشغل ناغاسي مالانهو الرجل الظاهر في الفيديو وهو بصدد ختم بطاقات الاقتراع منصب رئيس هذه الدائرة.
"رئيس الدائرة ختم بطاقات الاقتراع دون أي خجل"
تمكنها من العثور على الشخص الذي قام بتصوير هذا الفيديو. ولأسباب تتعلق بسلامته، لن نكشف عن هويته. ويقول هذا الشخص:
كان الوقت يقترب من نهاية النهار، كنت بصدد التجول في مكاتب الاقتراع في الدائرة التي أنتمي إليها. وعندما ذهب إلى مركز الاقتراع ذاك، تفاجأت برئيس الدائر بصدد ختم أوراق الاقتراع.
كانت ذلك أثناء عملية الفرز. لقد رأيت ما لا يقل عن 25 ورقة اقتراع تم ختمها لصالح الثنائي تالون وتالاتا أمام ناظري. لم يقم الأعوان المشرفون على الانتخابات بأي رد فعل. لا أعلم لماذا. قمت بالاحتجاج لأن الأمر يتعلق بعملية تزوير. ولكن رئيس الدائرة واصل ختم بطاقات الاقتراع دون أي شعور بالخجل وأفهمني أنه ليس بيدي أي شيء.
وهو ما جعلني أقرر تصوير المشهد لأظهر أن الانتخابات لم تدر في ظروف جيدة.
كما يمكن التعرف على ناغاسي مالونهو، رئيس هذه الدائرة، في مقطع فيديو ثان، تم التقاطه هذه المرة في المدرسة الابتدائية العامة وسط – دساري، وهي مركز اقتراع آخر. ويمكن التعرف عليه من خلال ملابسه وهي نفسها التي كان يرتديها في الفيديو السابق، وهو ما يرجح الاعتقاد بأنه تم التقاط هذين المقطعين في نفس اليوم.
"إذا ما كنا نريد القيام بتزوير، ليس بيدك أي شيء لفعله"
في هذا الفيديو، نسمتع إلى ناغاسي مالونهو بصدد أمر رجل آخر بمغادرة المكان إذ كان يقول له بلغة "البيربا" المحلية "نحن بصدد القيام بعملنا. أنت بصدد إقلاقنا. وإذا ما كنا نريد القيام بتزوير، ليس بيد أي شيء لفعله. سأقوم بضربك." فيما كان شخص آخر يهم بوضع عدة أوراق انتخاب في صندوق الاقتراع.
وتم تأكيد هذي الحادثين من قبل دومينيك ناغاسي وهو المنسق المكلف من قبل اللجنة الانتخابية "سينا" بمراقبة عملية الاقتراع في دائرة داساري.
لم أطن شاهدا على مختلف هذه المشاهدة. ولكن يمكن لي أن أؤكد أن الأمر يتعلق بمراكز اقتراع أشرف على متابعتها. كما أنني تعرفت على رئيس دائرة داساري في الصور. مع الأسف، لم أرى مقطعي الفيديو إلا بعد مرور 23 ساعة، أي بعد انتهاء عملية التثبت في نتائج التصويت. ولم يتم إخطاري بهذه الحوادث من قبل الفرق التابعة لي الحاضرة على علين المكان. وإذا تم إعلامي، كنت سأصدر احترازا.
وبالرغم من الاتصال به عدة مرات من قبل فريق تحرير مراقبون فرانس 24، لم يجب ناغاسي مالانهو المسؤول المحلي المنتخب على أسئلتنا. وسننشر روايته لما حدث في حالة ورودها إلينا.
وفي يوم الاثنين، أكدت المنصة الرقمية لمنظمات المجتمع المدني، التي نشرت أكثر من 1400 ملاحظ على الميدان، في تقريرها النهائي أنها رصدت عدة حوادث وتجاوزات في عمليات تصويت مختلفة تشمل عمليات فساد أو تزوير في مدن بورتو نوفو وكومي وكوفي.
"بعض المسؤولين المحليين يستخدمون نفوذهم لإدخال الاضطراب على المسار الانتخابي"
وفي اتصال مع فريق التحرير، يؤكد جويل أتاي غودغبي، المتحدث باسم المنصة الانتخابية ونائب الرئيس السابق للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (سينا)، أيضا صحة هذين المقطعين الذين التقطا في داساري ببلدة ماتري.
حسب المجلية الانتخابية، لا يوجد سوى الأشخاص المعينون من قبل اللجنة الانتخابية ممن يحق لهم لعب دور نشط في مكاتب الاقتراع. ورئيس الدائرة لا يحق له الدخول إلى مركز اقتراع. حتى أفراد قوات الأمن من المفترض أنهم لا يدخلون إل مركز تصويت دون إذن صريح من رئيس المكتب.
ولكن هذا الأمر ليس بجديد. ففي بعض المناطق المحلية حيث يكون بارونات السياسة فوق كل السلطات على غرار بلدة ماتري، يستخدم بعض المسؤولين المحليين نفوذهم لإدخال الاضطراب على المسار الانتخابي. ولكن ذلك يحدث أيضا لأن أعوان الانتخابات، وحتى الأشخاص المكلفين بتمثيل المرشحين، غير مدربين بشكل جيد ولا يملكون اطلاعا كبيرا على قانون الانتخابات.
تصل عقوبة حالات التزوير هذه حسب مجلة الانتخابات إلى السجن بعام إلى عامين وغرامة مالية تبدأ من 500 ألف فرنك إفريقي (750 يورو) وتصل إلى مليون فرنك إفريقي (1500 يورو). وتبقى هذه العقوبات خفيفة.
وخلال ندوة صحفية يوم الثلاثاء 13 نيسان/ أبريل، أجابت السلطة التنفيذية في بينين على هذين المقطعين المصورين. إذ أكد وزير العدل أن "ما حدث يعد أمرا كبيرا لا يمكن أن يبقى دون عقاب" وأضاف أنه أمر المدعي العام بفتح تحقيق في الموضع. فيما اعتبر ليوندر هونغبيدجي، مدير الاتصال لدى الرئاسة أن عمليات التزوير هذه ليست إلا "عملية مفبركة في محاولة لتشويه المسار الانتخابي''. وأردف المسؤول قائلا: "الأشخاص كانوا يعملون أن هناك من يقوم بتصويرهم، ولم يقوموا بأي شيء لمنع تصوير وجوههم (...) وما ما يجعلنا نتساءل ما إذا كانوا يهدفون إلى القيام بتزوير أم عملية تشويه للمسار الانتخابي".
وفي مساء 13 نيسان/ أبريل، أعلنت اللجنة الانتخابية "سينا" عن إعادة انتخاب الرئيس باتريس تالون بنسبة 83,37 حسب النتائج الأولية.
وجدت مظاهرات في عدة مدن شمال بينين في اليوم الذي سبق الانتخابات. وسقط خلال قتيل واحد وعدد كبير من الجرحى.
وبعد أن تم إقصاؤها بسبب عدد حصولها على التزكيات الكافية، لم تتمكن أحزاب المعارضة من المشاركة في الاقتراع الرئاسي وجت إلى مقاطعة واسعة للانتخابات. وتعد نسبة المشاركة الرهان الرئيسي لهذه الانتخابات.