مصر

مصر: إنقاذ طفلة شوارع في آخر لحظة من اعتداء جنسي بفضل كاميرات المراقبة

بفضل كاميرا المراقبة، تدخلت امرأة (على اليمين) في آخر لحظة لإنقاذ طفلة صغيرة من اعتداء جنسي. ووقعت الحادثة في حي راق في القاهرة، وفي وضح النهار.
بفضل كاميرا المراقبة، تدخلت امرأة (على اليمين) في آخر لحظة لإنقاذ طفلة صغيرة من اعتداء جنسي. ووقعت الحادثة في حي راق في القاهرة، وفي وضح النهار. © مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد ظهر يوم 8 آذار/ مارس، تدخلت سيدة في آخر لحظة وأنقذت طفلة صغيرة من اعتداء جنسي في مبنى بالعاصمة المصرية القاهرة، بعد أن أبصرت رجلا في كاميرا مراقبة مباشرة وهو يغوي البنت إلى ركن تحت الدرج وبدأ بلمس جسدها من تحت ثيابها. وبعد أن فضحته الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت ردود الفعل بشأن ما ارتكبه الرجل متباينة. فيما نددت الناشطات النسويات بثقافة اغتصاب مخفية ومنتشرة في نفس الوقت في مصر.

إعلان

يلقّبها مستخدمو الإنترنت المصريون بالبطلة. ويدوم فيديو كاميرا المراقبة الذي بثته أوجيني أسامة، العاملة في مخبر تحاليل طبية في القاهرة، على فيسبوك، حوالي دقيقة واحدة ولكن كان تأثيره أشبه بقنبلة. ونرى في الفيديو رجلا يرتدي نظارات وربطة عنق وبدلة بصدد الدخول إلى بهو بناية ويدعو بإلحاح شخصا خلفه إلى الالتحاق به. وتلحق به طفلة صغيرة ترتدي ثوبا أحمر ومن ثم يتوجه الرجل إلى ركن تحت الدرج ويبدأ بملامسة أعضاء حساسة في جسد البنت بالرغم من رفضها.

وفجأة، داهمته أوجيني أسامة التي رأت المشهد في كاميرا المراقبة الموجودة في المخبر الطبي فيما لاذت الطفلة بالهرب. ومن خلال إشاراته، نفهم أن الرجل نفى قطعيا ما حدث لكن أوجيني ردت عليه مشيرة إلى الكاميرا بإصبعها، ما جعل الرجل يغادر المبنى سريعا.

بالنظر إلى الطبيعة الصادمة للفيديو، سنكتفي بنشر صور شاشة منه

يصطحب الرجل الطفلة وراء الجدار تحت الدرج ومن ثم يبدأ بلمس مؤخرتها قبل أن يقف خلفها ويلامسها. وفي تلك اللحظة بدأ الطرفان بالجدال.
يصطحب الرجل الطفلة وراء الجدار تحت الدرج ومن ثم يبدأ بلمس مؤخرتها قبل أن يقف خلفها ويلامسها. وفي تلك اللحظة بدأ الطرفان بالجدال. © وسائل التواصل الاجتماعي.

''يا حيوان يا قذر!" هكذا علقت أوجيني أسامة على الفيديو الذي اقطتعه من شريط كاميرات المراقبة الأصلي. وأشارت أوجيني فيما بعد عبر حسابها على فيسبوك إلى أن المنصة حذفت الفيديو بعد نشره لأنه يخالف قوانين النشر.

Alertée par la vidéosurveillance, Eugénie Osama s'est précipitée dans le couloir, et a confronté l'agresseur.
Alertée par la vidéosurveillance, Eugénie Osama s'est précipitée dans le couloir, et a confronté l'agresseur. © Réseaux sociaux.

تمت مشاهدة مقطع الفيديو في مصر أكثر من 600 ألف مرة على تويتر، وأثار غضبا عارما. وبعد هروب الجاني، نشرت أوجيني أسامة الفيديو من أجل "فضح هذا الحيوان ومعاقبته على ما فعله بالفتاة [...] و عندما واجهته وأنا أشير إلى الكاميرا، هرب مبتعدا. يجب أن نجده ويأخذ عقابه!" كما قالت في منشورها الأصلي على فيسبوك.

وحدث المشهد في مبنى بميدان الجرية في منطقة المعادي الضاحية الراقية في جنوب القاهرة. وبفضل ظهور وجهه بشكل واضح في الفيديو، تمكن مستخدمو الإنترنت من تحديد هوية المعتدي والتنديد به، وهي ممارسة معروفة باسم "دوكسينغ"، قبل أن يتم تقديم هويته للشرطة. وبعد أن تم إخطارها من قبل الملايين من مستخدمي الإنترنت ومن ثم هيئة لحماية الطفولة، فتحت النيابة العامة في القاهرة تحقيقا. وحكم على المعتدي بالسجن سبع سنوات في 10 آذار/ مارس.

وفي محاولة للدفاع عن نفسه، برر محمد جودت فعلته بالقول بأنه يعرف جيدا البنت ويشتري لها المناديل الورقية التي تقوم ببيعها مؤكدا أنه كان "يلعب" معها وأنه كان يشاكسها". كما أكد أنه هو نفسه لديه طفلان بينهما بنت.

فيديو ثان لكاميرا مراقبة، تحققت منه نيابة القاهرة، تم تصويره في الشارع الذي تقع به البناية هذه المرة ويظهر أن الاعتداء كان مع سبق الاضمار: إذ نرى المعتدي يتحدث مع البنت الصغيرة قبل أن يتوجها معا إلى البناية المعنية.

وفي تصريحات أوجيني أسامة لوسائل الإعلام المصرية، أوضحت المرأة أنها رأت المشهد من مكتبها في بهو الاستقبال بالمخبر الطبي. وتقول إنها لاحقت بصحبة زميلتها الرجل قبل أن يتوارى عن أنظارها وسط الزحام المروري

فيديو ثالث لكاميرات المراقبة يظهر هرب الطفلة ومن ثم هروب المعتدي بعد مشاحنته مع المرأتين.

وتكفل المجلس القومي للأمومة والطفولة بتمكين الضحية البالغة من العمر سبع سنوات من متابعة نفسية بعد حادثة الاعتداء الجنسي. وكانت هذه البنت الصغيرة تبيع المناديل الورقية في الشارع وكانت يومها قد رافقت أباها الذي يعمل حارس بناية في هذه الضاحية الراقية للعاصمة المصرية.

"توثيق الاعتداءات الجنسية مهم جدا: دون ذلك، لن يصدقنا أي شخص وما خفي كان أعظم..."

منة طالبة صحافة في القاهرة وناشطة نسوية. بالنسبة إليها، يعتبر تصوير وتوثيق الاعتداءات مهما جدا في قضايا التحرش والاعتداء الجنسي:

على غرار ما لاحظناه في عدد كبير من قضايا الاعتداءات الجنسية، لا يتم أبدا تصديق كلام الضحية في معظم الأحيان إن لم يكن بصفة دائمة. وحتى عندما يواجَه المعتدي بحقيقة ما ارتكبته، على غرار هذه الحادثة، ينفي قطعيا ما قام به وفي معظم الأحيان يتم تصديقه على حساب الضحية. وحتى بعد نشر[أوجيني] للمقطع المصور وقيامها بتوضيح ملابساته، فإن عددا كبيرا من الناس وجدوا طريقة ما للدفاع عن المعتدي واتهام الضحية بالمسؤولية. وبالنسبة إلى جزء هام من المجتمع، لا يستحق المعتدي أي عقاب أو تنديد أو حتى الكشف عن هويته. ويقولون إن ما ارتكبه ليس جريمة نكراء، حتى في وجود دلائل مرئية. أما فيما يخص الأشخاص الذين يصدقون الضحايا دون وجود فيديوهات تدعم كلامهم، فهي تبقى فئة نادرة جدا في رأيي.

تُطالب النساء بدلائل، لكن وجودها يبقى نادرا جدا، فالمرأة لا يخطر ببالها تصوير الوقائع، فبكل بساطة من الممكن أن تخاف ولا تعرف كيف تواجه المعتدي. وهذا ما يعطي المغتصب هذا الشعور بامتلاك سلطة على جسد الآخر، والتي تتمثل في الإفلات من العقاب.

ولم تبدأ الصحافة المصرية في الحديث عن الاعتداءات الجنسية إلا مؤخرا، وذلك لأن الجميع يفضل إخفاء الاعتداءات الجنسية وعدم التفكير في الأسباب الكامنة وراءها ودون التفكير أصلا في إيجاد حلول. تطبيق سياسة النعامة بهدف "تفادي جلب العار" و"الستر" يبقى الحل الأكثر سهولة بالنسبة إلى كثير من العائلات من اللاتي كان أطفالها ضحايا للاعتداء الجنسي.

هذه البنت الصغيرة هي طفلة شوارع، ومن الممكن أنها قد رأت هذا الرجل بمثابة الأب ومنحت له ثقتها. وبما أنهم يتركون لمصيرهم، يحتاج أطفال الشوارع إلى المال وعطف المارة وهو الأمر الذي استغله هذا الرجل. من المؤكد أن الطفلة لم تكن تعرف ما كان الرجل يمارسه قبل أن تصرخ وتطلب المساعدة [فريق التحرير: حسبما نقلته وسائل الإعلام المصرية]. ولكن، مع حجم الجدل الذي رافق هذه القضية، سواء كان ذلك في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها ستعي ما حدث معها عندما تكبر والله وحده يعلم العواقب التي ستتركها على شخصيتها.

أكثر من 100 اعتداء جنسي على أطفال قصر تم الإعلام بها خلال شهرين

وفي بداية آذار/ مارس، نددت فتاة من مدينة الإسكندرية، كانت ضحية لاعتداء جنسي، بوالدها الذي أراد منعها من تقديم شكوى خوفا من "العار".

وذكّر المجلس القومي للطفولة والأمومة بوجود خط مباشر مخصص لتقديم الشكاوى والمرافقة النفسية. كما أكد نفس المجلس أنه تلقى 105 إخطارا باعتداءات جنسية في شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2021 بينها تسعة بالمائة في الوسط العائلي.