الجزائر

في ظل جائحة كورونا... رحلة "كفاح" الجزائريين المقيمين في ليبيا للعودة إلى بلادهم

جزائريون بقوا عالقين لمدة شهر ونصف في الجانب الجزائري من معبر الدبداب قبل أن يقضوا فترة الحجر الصحي بعد عبورهم الحدود. صور أرسلها عبدو لونيس.
جزائريون بقوا عالقين لمدة شهر ونصف في الجانب الجزائري من معبر الدبداب قبل أن يقضوا فترة الحجر الصحي بعد عبورهم الحدود. صور أرسلها عبدو لونيس.
إعلان

طيلة ما لا يقل عن أربعين يوما، بقي حوالي خمسون جزائريا عالقين في المعبر الحدود الجزائري الليبي الدبداب في جنوب شرق الجزائر قبل أن تسمح لهم السلطات الجزائرية بعبور الحدود يوم الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2020. مراقبنا، الذي ما زال مقيما في دار الشباب في مدينة الدبداب لقضاء فترة العزل الصحي، يحدثنا عن الصعوبات التي واجهها للعودة إلى البلاد.

منذ اندلاع المعارك في ليبيا في مايو/أيار 2014، قررت الجزائر غلق المعابر الحدودية الثلاثة التي تربطها بليبيا وهي ترات وتين الكوم والدبداب. وبقي معبر الدبداب الوحيد الذي يفتح من وقت لآخر منذ بداية جائحة كوفيد-19 [فريق التحرير: لاستقبال الجزائريين الراغبين في العودة إلى بلادهم].

منذ مارس/آذار، سمحت الجزائر لـ120 شخصا عائدين من ليبيا بالعبور من الدبداب. وانتظرت آخر دفعة من 10 سبتمبر/أيلول إلى 22 أكتوبر/تشرين الأول قرب المعبر واضطروا طيلة تلك الفترة للنوم في العراء والاعتماد على مساعدات متطوعين.

جزائريون ينتظرون الإذن بعبور معبر الدبداب يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020. صور أرسلها عبدو لونيس.

 

"معظمنا اختار النوم على الأرض بالقرب من الجانب الجزائري للمعبر خوفا من هجمات الميليشيات"

عبدو لونيس، 30 عاما، جزائري يعمل في حقل بوري النفطي الذي يوجد على بعد 120 كيلومتر من السواحل الليبية. ويعيش لونيس في طرابلس ولم يتمكن من رؤية عائلته منذ 15 شهرا. وفي ظل غياب تصريح من السلطات المركزية الجزائرية، لم تسمح له شرطة الحدود في معبر الدبداب بالعبور، حاله حال عشرات من أبناء بلده.

 

معظم الأشخاص العالقين معي يعملون في القطاع النفطي، ونحصل على عطلة شهر بعد كل ثلاثة أشهر من العمل لنتمكن من الذهاب لزيارة عائلاتنا. يوجد بيننا أيضا حرفيون قدموا من مناطق مختلفة في ليبيا بعد أن خسروا عملهم وأصبحوا مفلسين.

قطعت 600 كيلومتر للوصل من طرابلس، خيرت السفر على متن سيارة خاصة: لقد نصحوني بذلك لأن الطريق خطيرة وفي السيارة لن يشك الأشخاص الموجودون في الحواجز الأمنية بأنني أجنبي. توجهنا إلى معبر الدبداب لأنه الوحيد المفتوح جزئيا بين البلدين.

موظفو الحدود قالوا لنا إنه علينا انتظار الضوء الأخضر من وزارة الداخلية للسماح لنا بعبور الحدود. ولكن طيلة أكثر من أربعين يوما، لم نتلق أي جديد. تواجد بيننا عائلات ورضيع أيضا. وجدنا أفرشة في مركز شرطة مهجور من الجانب الليبي للمعبر. كانت البناية متسخة ومعظمنا اختار النوم على الأرض قريبا من الجانب الجزائري خوفا من هجمات المليشيات. هنا في الصحراء المناخ صعب، الجو حار نهارا وشديد البرد ليلا.

أحد الأفرشة التي ينام عليها الجزائريون العالقون في الصحراء وتبدو متسخة. صور أرسلها عبدو لونيس.

 

الجزائريون العالقون يشعلون النار في الليل للتوقي من البرد. صور أرسلها عبدو لونيس

 

"لم يسمحوا لنا بالعبور على بعد أمتار من بلدنا"

 

"اعتمدنا على متطوعين يقيمون في القرى المجاورة للحصول الأكل كما زودنتنا جمعية خيرية في المنطقة بمأكولات معلبة. في بعض الأحيان، مدتنا الشرطة الجزائرية بالأكل".

عالقون جزائريون اعتمدوا على التبرعات الغذائية من متطوعين ليبيين. صور أرسلها عبدو لونيس.

 

الهلال الأحمر الجزائري لم يزرنا ولكن الهلال الأحمر الليبي هو من جاء لرؤيتنا. للذهاب إلى الحمام، كان علينا طلب الإذن من شرط الحدود الليبية. قرر اثنا عشر شخصا التخلي عن فكرة العودة إلى البلاد بعد أن فقدوا الأمل بعد مرور عشرين يوما. نحن جزائريون وأتساءل لماذا نظمت السلطات رحلات إجلاء جوية للجزائريين المتواجدين في أوروبا وأمريكا ولا تسمح لنا نحن المتواجدين على بعد أمتار من البلاد بالعبور.

"عملية التحقق من هوياتنا لا يمكن أن تدوم لأسابيع"

دائما حسب مراقبنا، فقد كان على السلطات إيجاد حل بشكل سريع:

 

نملك كلنا جوازات سفر بيومترية وعملية التحقق من هوياتنا يمكن أن تتم في عشرة دقائق. صحيح أن المعبر مغلق منذ مايو/أيار 2014 لكن يحق للجزائريين المقيمين في ليبيا العودة عبر معبر الدبداب. نتحدث يوميا مع شرطة الحدود الجزائرية المتواجدة بجانبنا: لكن الإجابة كانت دائما نفسها وهي انتظار ترخيص من وزارة الداخلية.

أسماؤنا مسجلة على قائمة الإجلاء منذ يومنا الأول هنا [فريق التحرير: تقوم شرطة الحدود الجزائرية بتسجيل أسماء كل من يصل إلى المعبر على قائمة الإجلاء لتتخذ السلطات القرار فيما بعد]. اتصلنا بمسؤولين سامين في الدولة دون جدوى. السفير [الجزائري في ليبيا] قال لنا إنه لا يستطيع القيام بشيء لمساعدتنا.

"أصبنا بآلام في المعدة بسبب الأكل المتعفن"

 

في النهاية، سمحت السلطات الجزائرية لـ45 مواطنا جزائريا بالعبور ووضعتهم في دار الشباب في مدينة الدبداب على بعد 5 كيلومترات من المعبر. لكن الأمور لم تكن على ما يرام حسب مراقبنا:

 

"سُمح لنا بالعبور في حدود العاشرة من صباح الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول. بعد ذلك تم التحقيق معنا في مركز الشرطة واحدا تلو الآخر قبل أن يتم نقلنا في السابعة مساء إلى دار الشباب في الدبداب على متن حافلة لنقضي فترة العزل الصحي. وبالرغم من الجائحة، تم وضعنا في غرف تؤوي من ستة إلى ثمانية أشخاص... أصبنا بآلام في المعدة بسبب الأكل المتعفن. سمعت أن طبيبا سيأتي لإجراء فحوص فيروس كورونا غدا [27 أكتوبر] قبل أن نغادر العزل الصحي".

 

صور التقطها مراقبنا عبدو من داخل مقر العزل الصحي في دار الشباب بمدينة الدبداب بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول.

ومازال عبدو مضطرا لقطع 1500 كيلومتر للوصول إلى مدينته شميني، في ولاية بجاية شمال شرق البلاد.

ومنذ إغلاق الحدود، قامت الخطوط الجوية الجزائرية بإجلاء 17 ألف شخص عبر 123 رحلة إجلاء منذ منتصف مارس/أذار إلى غاية 13 سبتمبر/أيلول 2020. في المجمل، تم إجلاء 33 ألف جزائري من 44 دولة منذ إغلاق الحدود في الجزائر حسبما صرح به الرئيس عبد المجيد تبون خلال حوار صحفي مع الصحافة المحلية.

واتصل فريق تحرير مراقبون بوزارة الداخلية دون تلقي جواب. وسننشر ردها حال وروده إلينا.

حرر هذا المقال عمر التيس.