مسدس للماء المقدس وإعادة تهيئة للمساجد وشبات من الشرفة... الطقوس الدينية تتأقلم مع فيروس كورونا

مسدس للماء المقدس، صلاة (الشبات) السبت اليهودي على الإنترنت، إعادة تنظيم للمساجد والاحتفالات الدينية في الخارج...تتأقلم دور العبادة مع مرض كوفيد-19 (صور من مواقع التواصل الاجتماعي).
مسدس للماء المقدس، صلاة (الشبات) السبت اليهودي على الإنترنت، إعادة تنظيم للمساجد والاحتفالات الدينية في الخارج...تتأقلم دور العبادة مع مرض كوفيد-19 (صور من مواقع التواصل الاجتماعي).
إعلان

أثرت جائحة فيروس كورونا على الحياة اليومية لملايين الأشخاص حتى في عباداتهم. ففي كل أنحاء العالم، أغلقت دور العبادة أبوابها لتفادي خطر انتقال العدوى. وفتح بعضها أبوابه من جديد لكن رجال الدين وجدوا نفوسهم مجبرين على إعادة ترتيب خدماتهم. في هذا المقال جولة حول العالم فيما يتعلق بالديانات السماوية الرئيسية الثلاث.

تنظيم قداس على طريقة السينما المفتوحة

في الولايات المتحدة، تم تطبيق نفس إجراءات العزل العام فيما يتعلق بأماكن التجمعات على الكنائس. لكن سمحت بعض الولايات الأمريكية بتنظيم "قداس في السيارة" على طريقة السينما في الهواء الطلق على غرار هذا المقطع المصور يوم 3 أيار/ مايو في مدينة شانهاسن في ولاية مينيسوتا.

في المقطع المصور في مدينة شانهاسن (ولاية مينيسوتا)، يحتفل قس بقداس في موقف للسيارات. ونرى في بداية الفيديو، على اليسار، المؤمنين يتابعون الاحتفال من سياراتهم.

وذهب البعض أبعد من ذلك حتى، على غرار هذا القس في مدينة ديترويت (ولاية ميشيغان) الذي رش المصلين بالماء المقدس باستخدام مسدس مائي بمناسبة عيد الفصح يوم 12 نيسان/ أبريل. كما أن هذا القس بارك سلال عيد الفصح التي يضع فيها الأطفال قطع الشكولاتة البيضاوية. وقالت الأبرشية في تصريح لفريق تحرير مراقبون "لقد عملنا على تمكين الأطفال والعائلات من طريقة للاحتفال ولو نسبيا بعيد الفصح، حتى ولو كان ذلك من دون احتفالات عامة" قبل أن تضيف: "كانت الاستجابة لهذه المبادرة إيجابية بشكل كبير”. وانتشرت هذه الصور، التي نشرت على صفحة أبرشية سانت أمبروز على فيس بوك، انتشار النار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

في بعض الولايات، تم السماح بتقديم الخدمات الدينية في الخارج. في ميامي (ولاية فلوريدا)، شارك هؤلاء المؤمنون التابعون للكنيسة الإنجيلية البروتستانتية 'فالوشيب تشيرش" يوم 17 أيار/ مايو في احتفال ديني نُظم في الهواء الطلق.

وبهدف احترام إجراءات السلامة التي أصبحت إجبارية وحيوية، قامت الكنائس بإعادة ترتيب عاداتها. ففي بولندا، استبدلت هذه الكنيسة جرن الماء المقدس (التي يضع فيها المؤمنون أصابعهم من أجل التبرك أثناء الدخول للكنيسة) بعبوة للسائل المعقم.

"جرن ماء مقدس من دون لمس" في كنيسة أور لايدي في سكابولار، في مدينة زوبرشيكا دولنا (جنوبي بولندا على الحدود مع سلوفاكيا).

أما في إيطاليا حيث ينتمي معظم السكان إلى الطائفة الكاثوليكية، فإن الكنائس أصبحت مفتوحة مجددا يوم 18 أيار/ مايو، في حين يحتفل المسيحيون بعيد الارتقاء الخميس 21 مايو. وبهدف دفع المؤمنين على اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي، نشرت أبرشية سانت بارتولوميو، في مدينة نابولي، مقطع فيديو يوم 18 أيار/ مايو تحت عنوان "كيف نتصرف في القداس"، يظهر فيه بعض المصلين وهم يصورون أنفسهم أثناء الدخول للكنيسة، ويختارون أماكنهم ويتلقون المناولة... في كنف احترام مسافة متر واحد عن الآخرين وارتداء كمامة. فيما يرتدي القس قفازات. وتم إرفاق هذا الفيديو بموسيقى حماسية.

في المساجد، أشرطة لاصقة لفرض احترام التباعد الاجتماعي

في الوقت الذي بدأ فيه شهر رمضان يوم 23 نيسان/ أبريل، كانت المساجد أيضا خاضعة لقيود في معظم بلدان العالم. ففي السنغال، بدأت المساجد في استقبال المصلين من جديد منذ 11 أيار/ مايو. ويذهب شيخ تيجان غاي إلى المسجد بشكل منتظم لأداء الصلاة. ويبلغ غاي من العمر 33 عاما ويسكن في منطقة كوي مسار في مدينة بيكين (قرب العاصمة داكار). وأطلق مع شبان آخرين من حيه مبادرة في مساجد عديدة بهدف فرض احترام إجراءات الوقاية. حيث قاموا خصوصا بوضع أشرطة لاصقة في أماكن متفرقة على سجاد الصلاة بهدف فرض احترام مسافة بين المصلين.

في هذا المقطع المنشور على تويتر يوم 14 أيار/ مايو، يؤكد شيخ تيجان غاي أنه قرر "ألا ينتظر الدولة" لاتباع إجراءات التباعد الاجتماعي

يقوم شيخ تيجان غاي وشبان آخرون من الحي بإلصاق أشرطة على بعض الأماكن على سجاد الصلاة لضمان ترك مسافة بين المصلين.

"الكمامات الواقية و السائل المعقم ليست مجانية. نشتريها بأموالنا الخاصة"

بالتعاون مع شبان الحي، قلنا إنه يجب علينا فرض احترام إجراءات الوقاية بأنفسنا في المساجد. نقوم بتوعية الناس من خلال إعلامهم بأن المرض يمكن أن يكون قاتلا للأشخاص المسنين. لأن أغلبية من يواظبون على الصلاة في المسجد هم من الكبار في السن.

الناس يحترمون إجراءات الوقاية عامة. لكنه يبقى أمرا صعبا: فالكمامات الواقية والسوائل المعقمة ليست مجانية. ندفع ثمنها من مالنا الخاص.

أما في نيجيريا، البلد الأكبر من حيث عدد السكان في إفريقيا، فإن المصلين يحضون أيضا على المحافظة على التباعد الاجتماعي على غرار هذا المسجد في مدينة مايدوغوري شمال شرق البلاد.

"يحافظ المسلمون على المسافة الاجتماعية أثناء أدائهم صلاة التراويح في مسجد إينديمي الشعبي في مدينة مايدوغوري" يقول متصفح الإنترنت هذا بفخر يوم 15 أيار/ مايو.

التباعد الاجتماعي أثناء الصلاة في مسجد إينديمي في مدينة مايدوغوري.

الشبات اليهودي من الشرفة

في إسرائيل، فتحت الكنائس أبوابها من جديد يوم الأربعاء 20 أيار/ مايو، أسبوعا فقط قبل عيد الأسابيع، وهو العنصرة اليهودية الذي يتوافق مع يوم 28 أيار/ مايو.

يقول يهودا غليك بسعادة، وهو حاخام وسياسي إسرائيلي: "العودة إلى الكنيس، هاليلويا!"

أما في كندا، وفي ظل عدم القدرة على التجمع، احتفل المؤمنون اليهود بيوم السبت اليهودي (يوم راحة في الديانة اليهودية يدوم من مساء الجمعة إلى غاية مساء السبت) من شرفاتهم.

 

في 4 نيسان/ أبريل، أنشد اليهود من شرفاتهم للاحتفال بالسبت اليهودي.

ومن أجل مواصلة تقديم الخدمات الدينية، توجه الحاخامات أيضا لوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات مكالمات الفيديو.

"يوم الشبات (السبت اليهودي) في زمن فيروس كورونا. في المنزل، في تواصل عبر الإنترنت مع كنيس هوبوكين (ولاية نيو جيرسي" على هذه الصورة، نرى خبز "هالاه" الذي يتقاسمه اليهود مساء الجمعة بالإضافة إلى إشعال الشموع للإيذان ببداية السبت اليهودي.

 "شكرا سيدي الحاخام للإشراف علينا خلال صلاة الشبات هذا الصباح. شبات شالوم للجميع".

في فرنسا، أغلقت دور العبادة أبوابها منذ منتصف شهر آذار/ مارس. وفي مدينة مرسيليا، قام المجلس الإسرائيلي (المكلف بتنظيم الاحتفالات اليهودية الدينية في المنطقة) بنشر الاحتفالات والدروس الدينية عبر صفحته على فيس بوك.

الفضل يعود لوسائل التواصل الاجتماعي في الإبقاء على الرابط الروحي

ويوم الإثنين، طلب مجلس الدولة من الحكومة الفرنسية رفع المنع عن دور العبادة. ويشرح روبن أوهانا، الحاخام الأكبر في مرسيليا ومنطقة الآلب بروفنس كيف تستعد الكنائس اليهودية في مرسيليا لإعادة فتح أبوابها:

هذا أمر يسعدنا، لأنه يعني أن الدولة أخذت في الحسبان الثقافة الدينية. وبالرغم من ذلك، نبقى حذرين. سنمنع دخول كبار السن، والأطفال والأشخاص الأكثر عرضة للمرض. أما بالنسبة للذين سيأتون، فسيكون عليهم احترام التباعد الاجتماعي. كما أن ارتداء الكمامة سيكون إجباريا في الكنائس اليهودية. كما أن العناق والأحضان ستكون ممنوعة. عمليات الالتصاق التي نقوم بها في العادة في نهاية الاحتفالات سيتم حذفها. الهدف تفادي خطر انتقال العدوى بأقصى طريقة ممكنة.

وبالرغم من ذلك، لن يتوقف المجلس الإسرائيلي عن العرض عبر الإنترنت. فبالنسبة للسيد روبن أوهانا، فإن وسائل التواصل الاجتماعي مكنت من جذب عدد أكبر من المؤمنين:

 

أُقدم دروسا أسبوعية على يوتيوب. سابقا، كنت أتلقى مائتي مشاهدة. اما منذ بداية العزل العام، وصل عدد المشاهدات إلى ثلاثة آلاف. تم الإبقاء على الرابط الروحي بفضل وسائل التواصل الاجتماعي. الناس اكتشفوا طريقة جديدة للبقاء مع بعضهم البعض.

ويوم السبت، لا يقود اليهود السيارة. وهو ما يعني أن هؤلاء الذي يسكنون بعيدا عن مرسيليا لا يمكنهم القدوم إلى الكنيس لأداء الصلاة. اليوم لدينا الإمكانيات للتفكير فيهم، وأيضا التفكير في المعوقين وكبار السن الذين لا يستطيعون المجيء إلى الكنيس. وسائل التواصل الاجتماعي ستمكن من الإبقاء عليهم ضمن المجموعة والحفاظ على هذا الشكل الجديد من الرابط معهم.

وللإعداد لإعادة فتح الكنائس اليهودية، نشر المجلس الإسرائيلي في مرسيليا يوم 12 أيار/ مايو على صفحته على فيس بوك قائمة الإجراءات التي يجب احترامها. ومن بينها إجبارية ارتداء كمامة واقية، لا عناق ومنع الكيدوخ، وهي عادة للتبرك يقوم خلالها المؤمنون بشرب النبيذ من كأس واحدة.

حررت هذا المقال ماري جونرياس.