خبر كاذب

لا.. الرجل المقطوع الرأس في هذا الفيديو ليس جمال خاشقجي

صورة لشاشة فيديو تمت مشاركته عبر واتساب على أنه يظهر اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي
صورة لشاشة فيديو تمت مشاركته عبر واتساب على أنه يظهر اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي
إعلان

يروج منذ بضعة أيام عبر واتساب فيديو يقال إنه يصور اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ولكن بعد بحث مستفيض، يبدو أن هذه الصور لا علاقة لها إطلاقا بهذه القضية. فالفيديو يصور عملية تصفية حسابات بعنف لا مثيل له بين عصابات إجرامية في البرازيل. ومنذ اغتيال جمال خاشقجي والعديد من الصور المتداولة على الشبكات الاجتماعية تدعي أنها تظهر حقيقة ما جرى، لكن لا شيء منها يمت للحقيقة بصلة.

تنبيه: بعض التفاصيل الواردة في هذا المقال قد تكون مروعة

دخل الصحافي وكاتب الرأي السعودي جمال خاشقجي القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر ولم يخرج. وفي 15 نوفمبر، قال المدعي العام السعودي إنه تم تخديره وتقطيع أوصاله في عين المكان.

في الأيام الأخيرة، أرسل العديد من مستخدمي الإنترنت إلى فريق تحريرنا فيديو يحمل مشاهد عنيفة للغاية، مدعين أنه يصور عملية قتل جمال خاشقجي ويطلبوا منا التحقق.

مدة هذا الفيديو دقيقة وثلاثون ثانية ويظهر فيه رجل سمين للغاية مستلق على بطنه على مفرش بلاستيكي أسود وصدره عار. ومنذ بداية الفيديو يبدو جثة هامدة. وهناك رجل يقطع رأسه وهو يرتدي سترة تمويه وقفازات رمادية. ثم يحمل رجل ملثم ومسلح رأس الضحية ويشهرها.

وقد ارتأينا عدم نشر تلك المشاهد لأنها مشاهد عنيفة للغاية.

يسارا، مراسلة وصلتنا على صفحتنا عبر فيس بوك، ويمينا رسائلنا عبر واتساب.

"الصحافي السعودي قتل في تركيا وفي سفارة المملكة السعودية على يد مبعوثين من الأمير السعودي. [...] شكرا للتحقق من هذا الفيديو. فهنا يرسل أي شيء بدون ذكر المصدر ولا أي معلومة..."، كما قال لنا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر مستخدم إنترنت مالي في رسالة واتساب وأرفق كلامه بالفيديو.

واتضح أن تلك الصور تظهر تقطيع رأس شخص ما، لكنها لا علاقة لها بقضية خاشقجي ولا بالشرق الأوسط.

 

التحقق الصعب

ولإيجاد أصل هذا الفيديو اضطررنا بداية إلى البحث المعاكس بالصور على برمجية InVid (انظر هنا لمعرفة كيفية ذلك)، بدون جدوى.

يسارا، فيديو تقطيع الرأس والرمز التجاري لشركة الأمن بارز بشكل واضح. ويسارا مثال لبذلات عناصر G4S على صورة رسمية نشرها الفرع البلجيكي لهذه الشركة الكبرى المتخصصة في الأمن.

بعد ذلك لاحظنا تفصيلا في الصورة: الرمز التجاري واضح على سترة رجل يحمل رأس الضحية في نهاية الفيديو. ويظهر بوضوح الرمز التجاري لشركة الأمن G4S. غير أن هذه الشركة موجودة في 120 بلدا فهذا غير كاف لمعرفة مكان تصوير الفيديو.

ثم لاحظنا أنه في توقيتين من الفيديو حيث جرى حديث بين الأشخاص، أي في التوقيت 0'22 والتوقيت 0'25، وكذلك في 0'56، كان الحديث باللغة البرتغالية وسمعت جملة Tem que quebrar o osso التي تعني حرفيا "يجب تكسير العظام".

وبدون معرفة اللغة بالضرورة، كان من الممكن إيجاد الفيديو. فقد بحثنا في مواقع أخرى تنشر عادة هذا النوع من الفيديوهات، مثل Reddit أو Liveleak، عبر البحث بكلمات مفتاحية بعدة لغات. وفي معرض محادثة عبر Reddit تمت أرشفتها على قناة  Watch people die(شاهدوا موت الناس)، وجدنا صفحة فيديو أخرى من الأرشيف بعنوان Bound Man On Tarp Beheaded With Axe (رجل مربوط وموضوع على مفرش مشمع وقد قطعت رأسه بالفأس) . وتحت هذا الفيديو، يقول صاحب تلك الصفحة في التعليق إنه صور في ولاية ريو غراندي دي سول في البرازيل.

جريمة مرتبطة بعصابات إجرامية برازيلية

ومن هنا، أسفر البحث بالكلمات المفتاحية باللغة البرتغالية عن إيجاد آثار لهذه الفيديو في الصحافة البرازيلية.

 

صورة شاشة من مقال نشر في صحيفة كوريرو دي غرافاتاي.

صحيفة كوريرو دي غرافاتاي نشرت مقالا أرفقته بصورة شاشة مظللة جزئيا لنفس الفيديو في 4 أيار/مايو 2017. أكد فيه أن عملية القتل تلك جرت في 3 أيار/مايو 2017 في غرافاتاي، وهي مدينة تقع على بعد 30 كيلومترا من بورتو أليغري في البرازيل. وارتكبتها عصابة إجرامية اسمها بالا نا كارا بحق أوريدز تيليس دا سيلفيرا، المعروف بلقب بونيتينو، وعمره 48 سنة، وهو عضو في عصابة معادية لها اسمها أوس مانوس. وقد فتح تحقيق من قبل مكتب التحقيقات المكلف بعمليات القتل وحماية الأشخاص في غرافاتاي، كما قالت الصحيفة البرازيلية المذكورة.

وأوردت صحف محلية أخرى مثل صحيفة جيرو دي غرافاتاي وصحيفة كوريرو دي بوفو أحداثا مشابهة.

هل هذا موظف بشركة الأمن G4S؟

صحيح أننا استطعنا إيجاد أصل الفيديو، إلا أننا لم نستطع التحقق إذا كان الرجل الظاهر في الفيديو هو موظف بشركة الأمن الدولية G4S. وكان هذا سؤال مستخدم إنترنت من ساحل العاج أرسل إلينا الفيديو وكان قلقا من أن تكون عملية القتل تلك قد ارتكبت بأمر من إدارة شركة الأمن الدولية G4S" كما كتب يقول لنا في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.

فريق تحرير "مراقبون" بفرانس24 أرسل طلبا للحديث مع شركة G4S فرع البرازيل وقد أكدت أنها تريد التواصل بصدد هذه القضية "التي لا علاقة لها بالشركة". وسننشر أي رد يأتينا منها بالكامل.

ترجمة: عائشة علون