كابول: تحويل حافلة إلى مكتبة متنقلة للأطفال
نشرت في: آخر تحديث:
العاصمة الأفغانية كابول التي دمرتها الحرب طيلة عقود لا تستطيع توفير أماكن ثقافية للشباب. وقد ظهرت، منذ شباط/فبراير 2018، حافلة تابعة لجمعية أفغانية ناشئة اسمها Charmarghz (شارماغز) وتسعى إلى تغيير هذا الوضع، وهي تجوب المدينة بهدف تحفيز شباب كابول على قراءة الكتب.
رغم أن عدد سكان كابول بلغ 4,6 مليون نسمة، لا توجد في كابول سوى مكتبة واحدة، وهي مكتبة تاريخية لا تضم إلا القليل من الكتب للقراء الشباب. وهذا ما دفع جمعية Charmarghz إلى فكرة تحويل حافلة إلى مكتبة أطلقت عليها اسم "bookmobile" واختارت لها شعار اللونين الأزرق والأبيض، بغرض جعل القراءة في قلب الحياة اليومية للشباب الأفغان.
"أحضرنا لهم المكتبة عند أبواب بيوتهم"
صاحبة هذه المبادرة هي فريشتا كريم، وهي شابة عمرها 26 عاما وطالبة سابقة في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة. عند عودتها إلى كابول عام 2015 وقد حصلت على شهادة عليا في مادة السياسة العامة، أرادت أن تحمس شباب كابول. فأطلقت جمعية شارماغز مع ثلاثة أصدقاء. وتعني كلمة شارماغز باللغة الدرية -وهي متفرعة من اللغة الفارسية المستخدمة في أفغانستان- "جوزة". وغالبا ما يستخدم المصطلح للإشارة إلى "التفكير العقلاني"، ويقصد به الدماغ.
خطرت في بالي هذه الفكرة منذ ثلاث سنوات. بعض أهل الحي عرفوا أنني أملك كتبا أحضرتها من إنكلترا. العديد منهم طرقوا بابي لاستعارة بعض الكتب في الأدب الإنجليزي أو لقراءة بضع صفحات من الروايات عندي في منزلي. وما ذهلني أنهم كانوا من الكبار والأطفال. وأنا قبل ذلك لم أكن استطيع تقدير مدى حاجة الكابوليين الماسة لتثقيف أنفسهم.
حافلة شارماغزخلال جولاتها اليومية. صورة لفريشتا كريم.
اليوم ليس عندنا سوى خمسة متطوعين، والجمعية تريد إدخال ألوان مبهجة على حياة أطفال الحي. وهذا التجمع أفغاني 100% ويقول إنه تلقى كل الدعم المالي من الأفراد.
"لم نتلق أي مساعدة من الدولة، بل ساعدنا متبرعون محليون ممن رأوا في مشروعنا إمكانية تحسين وضع الشباب. وكانت النتائج واعدة! في البداية، كنا ننزل من الحافلة لمقابلة الأطفال وكانوا في انتظارنا في محطات توقفنا المعتادة. كل يوم، يحضر 300 طفل إلى حافلتنا. وهذا انتصارنا الحقيقي."
"هؤلاء الأطفال أصبحوا يرون في القراءة نوعا من المقاومة"
بدلا من افتتاح مكتبة ودعوة الناس لزيارتها، أحضرنا لهم المكتبة عند أبواب بيوتهم. وهذا له تأثير أكبر ويطمئن الأهالي أكثر أيضا، فهم يشعرون بالقلق والتوتر من التنقل في أنحاء المدينة. وهؤلاء الأطفال أصبحوا يرون في القراءة نوعا من المقاومة حيال انعدام الأمن في حياتهم اليومية.
متطوع من جمعية شارماغزيقرأ قصة للأطفال. فيديو: فريشتا كريم
ولقد زادت نسبة انعدام الأمن هذا العام. فمنذ بداية 2018 أصبحت أفغانستان، وفقا للأمم المتحدة، الهدف الرئيسي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، إذ قتل نحو 800 مدني بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو، أي ضعف عدد القتلى في 2017.
محتويات المكتبة تتراوح بين "الدواوين الشعرية التقليدية والقصص التثقيفية"
الفكرة هي تحفيز الشباب الأفغاني، وخاصة المراهقين، على التحلي بالحس النقدي. والعديد من أهل كابول لا يستطيعون الاستفادة من الكتب ولا المكتبات. فنسب الفقر مرتفعة للغاية، ولا يستطيع الآباء تحمل مصاريف الكتب التثقيفية بالإضافة إلى الكتب المدرسية. وقد بدأ فريقنا بتمكينهم من الوصول إلى الأعمال الأدبية المختلفة لتثقيف أنفسهم وتنويع آرائهم حول القضايا الاجتماعية. محتويات المكتبة تتراوح بين "الدواوين الشعرية التقليدية والقصص التثقيفية باللغة البشتون".
قراءة قصص من تنظيم جمعية شارماغز. فيديو: فريشتا كريم.
وتجدر الإشارة إلى أن سبعة أشخاص كبار من أصل عشرة في أفغانستان أميون، حسب اليونسكو. ورغم أن نظام التعليم آخذ في النمو عاما بعد عام منذ نهاية فترة حكم "طالبان"، فإن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن ثلاثة ملايين طفل ما زالوا محرومين من التعليم. ومن ناحية أخرى ووفقا لمكتب الإحصائيات الأفغاني في فترة 2016-2017، فإن 55% من الأفغان لم يكونوا يملكون دولارا واحدا في اليوم لسد احتياجاتهم من المأكل والملبس والمسكن.
ترجمة: عائشة علون