تركيا

أتراك يطفئون شاشات التلفزيون للتنديد بــ"أكاذيب" الحكومة

صورة من مراقبتنا أثناء تجمع في أنقرة في 19 أيار/مايو 2018.
صورة من مراقبتنا أثناء تجمع في أنقرة في 19 أيار/مايو 2018.
إعلان

سينتخب الأتراك في 24 حزيران/يونيو 2018 رئيسا لبلدهم. والمعارضة التي شهدت عمليات تطهير واعتقالات جماعية منذ محاولة الانقلاب في 15 حزيران/يوليو 2016 ، ترى نفسها مهمشة من وسائل الإعلام الرئيسية، العامة منها والخاصة، وتتهمها بأنها تخدم الحكومة الحالية والرئيس رجب طيب أردوغان الذي يخوض حملة انتخابية بغية ولاية جديدة. وتشهد شبكات التواصل الاجتماعي والحدائق والساحات العامة حركة تقودها الجمعيات والأحزاب الصغيرة التي تشجع الأتراك على النقاش حول الأخبار بكل حرية.

في أوائل شهر أيار/مايو، طبق الملايين من مستخدمي الإنترنت بالحرف كلام الرئيس أردوغان الذي وعد بالاستقالة إذا أعرب الناس عن ذلك. وبلغت الكلمة المفتاحية #Tamam (تمام بمعنى "كفى") أرقاما قياسية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. واليوم، تواصل المعارضة التعبئة من أجل التنديد بالانتخابات المقبلة التي تراها غير منصفة.

وهناك جمعيات وكذلك مواطنون لا ينتمون لأي حزب يستنكرون بشكل خاص سطوة السلطة الحاكمة على وسائل الإعلام ويشجعون المواطنين على "عدم تشغيل" أجهزة التلفزيون كي لا يسمعوا المزيد من "الأكاذيب" و"الدعاية الحكومية".

"الإعلام يكذب"

هاندي غازي، شابة تركية عمرها 30 سنة وهي طبيبة عامة في أنقرة وعضو في حركة المعارضة Haziran Hareketi ("حركة حزيران").

جميع وسائل الإعلام تقريبا في تركيا تتحكم فيها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان. بالنسبة إلينا هذا الإعلام كاذب. فهم يقولون على سبيل المثال إنه لا وجود لأي أزمة اقتصادية في تركيا في الوقت الحاضر [العملة الوطنية تنهار والتضخم يزيد، وفقا لصحيفة لوموند].

وهذه الوسائل الإعلامية تكاد لا تعطي الكلمة للأحزاب والحركات السياسية الأخرى. هناك ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة في 24 حزيران/يونيو، لكننا لا نرى سوى أردوغان على شاشة التلفزيون. وهذا أمر مؤسف! خصوصا أن قسما من ضرائبنا يستخدم لتمويل التلفزيون العام الذي لا يمكن القول إنه يقوم بأي "خدمة عامة".

صورة التقطتها مراقبتنا هاندي غازي في 19 أيار/مايو في أنقرة.

صورة التقطتها مراقبتنا هاندي غازي في 19 أيار/مايو في أنقرة.

.

وإزاء انتشار هاشتاغ "تمام" عبر الشبكات الاجتماعية، أطلقت "حركة حزيران" (Haziran Hareketi) -وهي تضم فاعلين من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة الصغيرة التي ولدت عن ثورات Gezi - حملة#KapatGitsin . واقترحت هذه الحركة على أعضائها -وأنا منهم- عدم تشغيل التلفزيون والتجمع في الحدائق لمناقشة الأخبار والسياسة بكل حرية.

ومنذ 18 أيار/مايو، تشارك العديد من الأتراك عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات يظهرون فيها وهم يوقفون تشغيل أجهزة التلفزيون كنوع من الاحتجاج.

نسخة "أحدث" من الحملة حيث يظهر أحد مستخدمي الإنترنت اللحظة التي يضغط فيها على خاصية الانسحاب عبر تويتر من متابعة الرئيس التركي..

في هذا الفيديو شباب يتمادون ويرمون جهاز التلفزيون في المزبلة.

 

خلال فترة الانتخابات، تقوم وسائل الإعلام بدور حاسم، إذ يمكنها التأثير على قرارات الناخبين. كانت الفكرة هي أن نظهر لهذه المنابر الإعلامية وللحكومة بأننا متحدين وأقوياء ولا يمكنهم أن يسلبونا أصواتنا. وقررنا أيضا التحرك من أجل مراقبة الاقتراع، نظرا إلى حدوث العديد من المخالفات التي لوحظت العام الماضي إبان الاستفتاء.

"الشرطة صورتنا بغرض تخويفنا"

 

تجمعنا في العديد من الحدائق مساء الجمعة 18 أيار/مايو، في حيي كنا تقريبا خمسين تحدثنا كثيرا ولعبنا ألعاب الورق وتطرقنا للوضع السياسي. وفي اليوم التالي، دعيت جميع أحياء العاصمة للتجمع في حديقة باتيكينت حيث حضر صحفيان من المنبر الإعلامي المعارض BirGün [هيئة التحرير: من القلائل الذين نجوا من حملات الاعتقالات التي قامت بها الحكومة] وأوضحا لنا أسلوب العمل في الصحيفة والمناخ السياسي ...

وفي نهاية التجمع، تحدثنا مطولا عن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي نستشعرها، خاصة بعد النتائج. نخشى أن ينتهي بنا الأمر مثل اليونان...

وفي يومي الجمعة والسبت، جاء عناصر الشرطة لمعرفة ما يجري. فشرحنا لهم أننا لا نقوم بمظاهرة وأننا نتحدث بهدوء في حديقة عامة. ولكن في السبت، التقطوا لنا صورا وسجلوا فيديوهات ربما لتخويفنا. أنا رأيته شكلا من أشكال التخويف.

"الحكومة بثت شعورا بالخوف لدى الصحافيين"

في السبت 19 مايو/أيار، شارك الصحافي بيركانت غولتكين، 31 سنة، من صحيفة بيرغون، في التجمع وأخذ الكلمة موضحا أسباب مشاركته.

أعمل في واحدة من آخر وسائل الإعلام المستقلة في تركيا. وأرى أن حملة الكف عن تشغيل أجهزة التلفزيون ضرورية لسببين. أولا، الحكومة متشددة للغاية مع الإعلام وتبث شعورا بالخوف لدى الصحافيين. ثم يجب التذكير بأن وسائل الإعلام التركية تملكها المجموعات الكبرى [هيئة التحرير: باستثناء بضع منها مثل BirGün أوCumhuriyet أو Evrensel] التي تفضل عدم إزعاج الحكومة.

تجمع في 18 أيار/مايو في اسطنبول رفع خلاله عدة مشاركين عددا من صحيفة بيرغون المعارضة..

في 26 أيار/مايو، نظمت "حركة حزيران" مظاهرة كبيرة ضد تجمع إعلام الموالاة أو ما يسمى بالتركية إعلام Havuz (حرفيا: حوض نسبة إلى تمويله القادم من عدة جهات والمجمّع في مكان واحد سمي مجازا: حوض)، وهو لقب يطلق على المنابر الصحافية الموالية للحكومة في إسطنبول. وألقى خلاله الصحافي بيركانت غولتكين خطابا باسم جريدته.

وليست "حركة حزيران" أول من اختار التجمع في الحدائق العامة وغيرها من الأماكن العامة لمواجهة القمع الحكومي. ففي عام 2016، نظم العديد من الأكاديميين، المقالين إبان عمليات "التطهير" التي أعقبت المحاولة الانقلابية، "أكاديميات الشارع" في حدائق أنقرة.

ترجمة: عائشة علون