صورة ملتقطة من فيديو انتشر على نحو واسع على شبكات التواصل الاجتماعي منذ 2 شباط/فبراير يظهر عملية اغتصاب جماعية في مالي. نشاهد في الصورة ذراع أحد المعتدين.
نص:
كورنتان بانييه
إعلان
بدأ منذ 2 شباط/فبراير تداول مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي في مالي، تظهر فيه فتاة شابة من هذا البلد وهي تتعرض لاعتداء من قبل أربعة أشخاص، وأثار انتشاره ضجة واسعة في البلاد. وبفضل الناشطين في مجال حقوق المرأة تم التعرف على هوية الضحية، وألقي القبض على عدد من الجناة. مراقبونا يأملون في أن يسهم هذا الحراك غير المسبوق في كسر حاجز الصمت المحيط بهذا النوع من الاعتداءات، وتحسين وضع النضال لمكافحة العنف ضد المرأة.
تمكن فريق تحرير مراقبون من مشاهدة مقطع الفيديو الذي يصعب تحمل رؤيته، والذي يستغرق دقيقتين و34 ثانية. ونظرا لعنف المشاهد وقسوتها، ننشر منه لقطة شاشة مموهة فقط. الضحية، التي لا ترتدي سوى قميص قطني، ممددة على الأرض، يقوم رجل بتثبيت ذراعيها ورأسها بينما يتناوب رجلان آخران على اغتصابها. بعدها يقوم الرجل الذي كان يثبتها في بداية الفيديو بدوره باغتصاب الفتاة الباكية والمتوسلة. وقعت الحادثة في باماكو، ولكن المكان غير قابل للتحديد في الفيديو.
تم نشر الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل الفورية. ويوم السبت 3 شباط/فبراير، تلقته بيلا ماريكو، عضو جمعية وقف العنف المنزلي، وقررت التحرك.
"ملامح المعتدين واضحة بشكل كبير في الفيديو، وكان من الواجب تحديد هوياتهم"
تلقيت الفيديو صباحا عبر تطبيق واتساب، ثم فايبر وفيس بوك ماسنجر. يطلب مني العارفون بالتزامي الحقوقي دائما الإبلاغ عن حوادث العنف العائلي ضد المرأة. هذه ليست المرة الأولى التي أشاهد فيها مقطع فيديو مثل هذا، ففي عام 2014 انتشر مقطع فيديو لاغتصاب جماعي في سيارة. ولكن يبقى نادرا أن يصور المغتصبون أنفسهم. هذه المرة ملامح الجناة واضحة بشكل كبير في الفيديو، وكذلك ملامح الضحية، وقلت في نفسي إنه من الواجب تحديد هوياتهم. لذلك وجهت دعوة عبر صفحتي على فيس بوك لمن لديه معلومات عنهم لمشاركتنا بها.
وتمكنت بفضل أحد المعارف من إرسال مقطع الفيديو إلى مفوض ونائب رئيس الشرطة الأخلاقية، والذي تسلم القضية يوم الاثنين 5 شباط/فبراير. بالمقابل لم تسفر دعوتي للشهود عن نتائج.
لذلك قررت أن أعرض مكافأة قدرها مليون فرنك أفريقي، عبر موقع غير فيس بوك، لأي شخص يمكن أن يقودنا إلى الجاني أو الضحية. اتصلت امرأة بالشرطة لأنها تعرف أم الضحية ثم توجهت إليهم للإدلاء بشهادتها. سنقوم بجمع مبلغ المكافأة من خلال التبرعات الطوعية، وسنرى ما إذا كنا سنقسمها بين الشاهدة والأم، أو ما إذا كنا سنمنحها للأم والضحية.
منشور لمراقبتنا على موقع فيس بوك، يعرض مكافأة على كل من يدلي بمعلومات حول الجناة أو الضحية.
يوم الأربعاء 7 شباط/فبراير، توجهت الضحية إلى مركز الشرطة الأخلاقية في باماكو. وفي المساء، بدأ التحقيق مع أربعة مشتبه بهم تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما. وذهب رئيس الوزراء إلى حد نشر صورهم على تويتر... سببت هذه القضية تعاطفا قويا جدا في مالي: فحتى وإن لم يكن بالإمكان تحديد عدد المشاركات، إلا أن مقطع الفيديو انتشر على نطاق واسع، وكان الموضوع على كل الألسن حسب مراقبينا.
وناشدت ثلاث عشرة منظمة غير حكومية ومنظمة مختصة بحقوق الإنسان أيضا من النائب العام لباماكو المطالبة بعقوبات تجعل من الجناة عبرة لغيرهم. من بينها، الأمازونات، وهو تجمع لمكافحة العنف ضد المرأة. وتلتقي رئيسته كادياتو فوفانا بانتظام مع ضحايا الاغتصاب.
"يمكن أن تقع الفتيات ضحية لألاعيب من يدعون صداقتهن"
مما ألاحظه، فإن سهولة الوصول للمواد الإباحية التي أتاحتها التكنولوجيا الحديثة لها تأثير حقيقي على سلوك الرجال: فهي تشجعهم على إعادة إنتاج ما يشاهدونه. ولكن غالبا ما يستخدم الاغتصاب كعقاب. أنا أرفض الاعتراف حتى بالحد الأدنى بأي تفسير يقدمه من يرتكبون هذه الأفعال، ولكن باختصار، هم شبان يريدون الانتقام من فتاة لأنها رفضتهم. يمكن أن يضعها أمام خيار الموافقة أو الاعتداء، أو يمكن أن تقع الفتيات ضحية لألاعيب من يدعون صداقتهن، حيث تقع هذه الحوادث، ويمكن أن تكون اغتصابا جماعيا أو لا...
ويبقى الاغتصاب إلى حد كبير من المحظورات في مالي، لأنه يعد إهانة للضحية وأسرتها. ولكن التعامل مع هذه الحالة يعطي بصيصا من الأمل لموكتار ماريكو، المحامي ورئيس الرابطة المالية لحقوق الإنسان.
.
"عندما تتعرض امرأة لاعتداء، تحاول العائلة إخفاء الأمر"
في مالي، تعرف كل العائلات بعضها، من غاو إلى باماكو يمكن إيجاد صلة بين أي شخصين في خمس دقائق. وبما أن الاغتصاب يعتبر مساسا بشرف العائلة، عند حدوثه تلتقي عائلتا الضحية والجاني لتدارك الأمر بحضور إمام، ويتفقون على تجاهل القضية. يشرحون للضحية أنه من الواجب عدم القيام بمتابعة قانونية، ويجب تلافي المحكمة، لأنه باختصار، يجب تجنب أن تعرف الواقعة. وإلى جانب العار، من الجدير بالمعرفة أن الفتاة التي تتعرض للاغتصاب تجد صعوبة في الزواج، ويذكرونها دائما بما حدث لها.
برؤية انتشار هذا الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، أدركنا سريعا أن الشباب لا يفكرون في عواقب أفعالهم، ولا يعتبرون الاغتصاب مستهجنا. إنهم يرون بوضوح أنه عمل شائع. هنا، العنف ضد المرأة أمر عادي جدا... والاعتقاد السائد هو أن المرأة يجب أن تخضع لتقويم الرجل.
ولهذا السبب مثلت الحركة التي أثارها مقطع الفيديو هذا واستعداد السلطات لفتح التحقيق، مفاجأة سارة بالنسبة لي. يجب أن يكون هذا بداية للتغيير.
في مالي، يعاقب على الاغتصاب بالسجن لمدة تتراوح بين 5 سنوات و20 سنة. وهناك مشروع قانون بشأن العنف ضد المرأة قيد المناقشة لمدة عامين، ولكنه يواجه معارضة شديدة من جانب الزعماء الدينيين. وحسب كوفاتو فوفانا، ينص القانون على وجه الخصوص على معاقبة ختان الإناث والسماح للمرأة، بمجرد بلوغها فقط، بأن تقرر وحدها ما إذا كانت ترغب بذلك أم لا.