في عرسال، معاناة اللاجئين السوريين مستمرة، رغم انتهاء المعارك
نشرت في: آخر تحديث:
المعارك التي خاضها حزب الله في منطقة عرسال الحدودية ضد مقاتلي جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقا) في الأسبوع الأخير لشهر يوليو-تموز زادت من معاناة اللاجئين السوريين في المنطقة. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار وبدء تبادل الأسرى بين الجهتين، تبقى ظروف اللاجئين هشة ورهينة ضغوطات تسعى لدفعهم إلى العودة إلى بلدهم.
تقع عرسال في محافظة البقاع شمال شرق لبنان وتشترك مع سوريا بخط حدودي. اعتبرت البلدة الملجأ الأول للعائلات الهاربة، منذ عام 2013، من محافظة حمص ومنطقة القلمون القريبتين من الحدود اللبنانية، والتين شهدتا معارك شرسة بين فصائل من المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري المدعومة من حزب الله. وقد استقر أغلب النازحين في مخيمات عشوائية تكونت داخل البلدة.
بيد أن جميع العائلات الهاربة لم تتمكن من دخول بلدة عرسال بسبب الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية في الأشهر الموالية "حفاظا على الوضع الأمني". وهكذا لجأت آلاف العائلات النازحة إلى مخيمات مؤقتة في جرود عرسال، أي على مشارف البلدة، وتحديدا في منطقة الملاهي ووادي حميد، بانتظار إما العودة إلى قراهم أو الدخول إلى المدن اللبنانية القريبة. لكنهم عانوا أشد الظروف على مر السنوات الماضية ومنعت الجمعيات الإنسانية من الدخول إلى المنطقة، فلم يحصل النازحون إلا على القليل من المساعدات الغذائية والطبية.
وخلال صيف 2014، اندلعت أحداث معركة عرسال التي شاركت فيها فصائل تتبع لجبهة "النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وقد بلغت المعركة ذروتها خلال شهر أغسطس – آب خلال مواجهات مسلحة بين هذه الفصائل والجيش اللبناني، نجم عنها مقتل عشرات الجنود اللبنانيين وخطف اثنين. وقد نجح الجهاديون في الأشهر التي تلت هذه المعركة في فرض سيطرتهم على منطقة واسعة من جرود عرسال. في هذه الظروف، قام الجيش اللبناني بوضع حواجز أمنية وعسكرية بين مخيمات الجرود وعرسال البلدة، بحجة منع الإرهابيين من دخول المدن اللبنانية.
في سجن المخيم
المعركة الأخيرة في جرود عرسال التي اندلعت بتاريخ 21 يوليو-تموز بين حزب الله وتنظيم جبهة "فتح الشام" كان لها أيضا تأثير سلبي على حياة المدنيين في منطقتي وادي حميد والملاهي على مشارف البلدة.
محمد )اسم مستعار(، نازح من مدينة حمص إلى وادي حميد، في جرود عرسال، قام بتصوير الفيديو أدناه :
معاناة #اللاجئين_السوريين في #جرود_عرسال #وادي_حميد ومناشدتهم للعالم بمساعدتهم فهم لاجئين وليسو إرهابيين
Posted by Ahmad Alqusair on Thursday, July 27, 2017
أثارت المعارك الجارية في جرود عرسال الرعب عند النازحين وخاصة الأطفال. الوضع الإنساني سيء حيث لا يوجد غذاء كاف، ومنذ بدء المعركة تم تشديد الحصار على سكان المخيمات. ولم يستطع الخروج من المخيم سوى عشرات الأشخاص بينهم امرأة حامل وأطفال قدم لهم الصليب الأحمر مساعدات. لكن بقي في الداخل جرحى ومصابون.
عبد الحليم، أحد سكان مدينة القصير، نزح إلى عرسال عام 2013 واشتغل مع بعض الجمعيات الإنسانية داخل المخيمات. وحسب هذه الجمعيات، فقد قطعت الأمم المتحدة مؤخرا المساعدات عن أكثر من 1500 عائلة بحجة أنهم قادرون على تأمين حاجياتهم بمفردهم:
كيف لنا أن نؤمن احتياجاتنا ولا توجد فرص عمل؟ شخصيا، أجني القليل من المال بالعمل مع الجمعيات الموجودة هنا أو من المساعدات التي يقدمونها لنا. لكن الدولة لا تؤمن وصول الكهرباء والماء الصالح للشراب في المخيمات سوى لساعات قليلة، فنضطر لدفع مبالغ لتأمين المولدات الكهربائية والمياه الصالحة للشرب. إضافة إلى ذلك، نحن مضطرون لسحب مياه الصرف الصحي بأنفسنا.
#مخيمات_اللاجئين_السوريين_في_عرسال نناشد الهلال الاحمر القطري ومفوضية الامم لرعاية شؤون اللاجئين واتحاد الجمعات الإغاثية وجمعية الاستجابه وجميع الجمعيات والناشطين . المدنيين اللاجئين في مخيم النور اصبحو بلا مأوى
Posted by عبد الحليم شمس الدين on Saturday, July 1, 2017
رغم ذلك، تبقى هذه الظروف أهون نسبيا من تلك التي يعاني منها اللاجئون على مشارف البلدة، حسب ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان:
داخل بلدة عرسال يوجد حوالي 40 ألف لاجئ سوري مسجل [بينما يقدر عدد سكان بلدة عرسال بـ 35 ألف نسمة، ملاحظة من هيئة التحرير]، يقيمون في تجمعات عشوائية مع غياب وجود مخيمات رسمية للاجئين السوريين في لبنان. نعمل على تقديم مساعدات غذائية ومالية لهم بالتعاون مع البلدية والجمعيات الإنسانية. يعيش أغلب هؤلاء تحت خط الفقر ويحاولون إيجاد عمل في قطاعات البناء والزراعة والتنظيف، لكن الوضع صعب جدا بالنسبة لهم حيث 90% من اللاجئين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم.
إذا كان الوضع صعبا بالنسبة للاجئين داخل بلدة عرسال، فمعاناة الأشخاص في الجرود أشد، حيث لا تستطيع أي جمعية أو منظمة الدخول إلى المنطقة. وبحسب تقديراتنا، هناك ما يقارب 11 ألف شخص في وادي حميد ومنطقة الملاهي يعانون من ظروف صعبة جدا.
ضغوطات وشبه تهديدات
تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار الخميس 27 تموز/يوليو مقابل إطلاق جبهة "فتح الشام" أسرى لحزب الله. وتم تشكيل لجنة تضم ممثلين عن الفصائل المسلحة الموجودة في جرود عرسال بهدف تسجيل أسماء السوريين الراغبين في مغادرة لبنان، من مدنيين ومقاتلين. لكن هذه المبادرة لم تحسن أبدا ظروف عيش اللاجئين، لا سيما أولئك الذين يوجدون داخل البلدة مثل خالد )اسم مستعار(، الذي هرب إلى عرسال مع زوجته وأطفاله:
بعد إعلان وقف إطلاق النار، دخلت لجنة المفاوضات إلى مخيمات البلدة وبدأ أحد الشيوخ بإلقاء خطاب مفاده إما أن نعود مع مقاتلي "فتح الشام" إلى مناطق إدلب التي تقع تحت سيطرتهم، أو أن نبقى هنا عرضة لمخاطر قد تهدد حياتنا بأية لحظة، نظرا لعدم استقرار الأوضاع. لا أدري ماذا أفعل أنا وعائلتي، لكننا خائفون مما سيحصل ولا نريد العودة إلى مناطق تسيطر عليها جبهة "فتح الشام".
الهدف من هذه المفاوضات هو الضغط علينا كلاجئين وإجبارنا على ترك لبنان والعودة إلى سوريا رغم الخطر والمصير المجهول الذي ينتظرنا." [على صعيد رسمي، صرح عدد من المسؤولين السياسيين اللبنانيين، من بينهم رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس ميشال عون، أنهم يشجعون عودة النازحين السوريين إلى بلدهم بسبب التداعيات الاقتصادية الثقيلة لوجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري في لبنان، لكن "دون إجبارهم، ملاحظة من هيئة التحرير].
هذا وسبق أن قام ضباط وجنود تابعون للجيش اللبناني بدخول مخيمي "النور" و"القارية" في عرسال يوم 30 حزيران-يونيو 2017، فيما وصفوه بمداهمات "وقائية"، أسفرت عن مقتل أربعة لاجئين. وألقى الجنود القبض على رجال وأطفال دون سن 18. وبحسب ما أفادت به منظمة العفو الدولية، فإن صور جثث اللاجئين تحمل علامات تدل على تعرضهم للتعذيب.
وجدد الائتلاف الوطني السوري تحميل السلطات اللبنانية مسؤولية "حماية اللاجئين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحقهم، كمحاولات التهجير القسري إلى مناطق أخرى، أو إجبارهم على العودة إلى مناطق سيطرة النظام والمليشيات التابعة له".
نص نشرته في البداية هيئة تحرير "مراقبون" على موقع مهاجر نيوز