الهجرة العكسية في قوارب مطاطية من اليونان إلى تركيا
نشرت في: آخر تحديث:
عبور نهر إيفروس الفاصل بين اليونان وتركيا هو آخر مرحلة بالنسبة لعشرات السوريين الذين يعودون اليوم بطريقة غير شرعية إلى تركيا، أمام الصعوبات التي واجهتهم في أوروبا. وقد باتوا، مثل اللاجئين الذين يرغبون في الرحيل إلى أوروبا، ضحية المهربين..
كثيرون يتحدثون عن المشاكل الإدارية والاختلاف الاجتماعي والثقافي الكبير في أوروبا. من بين هؤلاء، سمر (اسم مستعار) هي إحدى اللاجئات السوريات التي قررن العودة إلى تركيا بشكل نهائي:
مر على وصولي إلى ألمانيا أكثر من عام ونصف ولم أحصل على الإقامة حتى الآن. عائلتي في تركيا وسئمت الانتظار! ليس لدي أوراق فأنا لا أستطيع العمل ولا أستطيع التقديم على طلب لم الشمل.
جيفارا واجه صعوبات في الاندماج بالمجتمع البريطاني:
قررت العودة إلى تركيا بعد بقائي لأكثر من سنة في بريطانيا. بالنسبة لي، طبيعة الحياة الاجتماعية لم تناسبني ولم أشعر بأنني قادر على الاندماج. عدت إلى تركيا حيث تقيم زوجتي وطفلي.
أزمة اللاجئين العالقين في الجزر اليونانية بعد الاتفاق الأوروبي التركي عام 2016 (الاتفاق يقضي بأن على تركيا أن تتكفل باللاجئين الموجودين على أراضيها والراغبين في الالتحاق بأوروبا كما عليها أن تقبل بأولئك الذين يتم طردهم من اليونان) وإغلاق طريق البلقان، كانت من الأسباب التي دفعت هؤلاء اللاجئون للعودة إلى تركيا. وحسب نفس الاتفاق، على أوروبا أن تستقبل لاجئا مقابل كل لاجئ تطرده اليونان، لكن عديد العوائق تحول دون طرد اللاجئين. إضافة إلى مشاكل تواجه اللاجئين بعد الوصول إلى أوروبا، كتعقيدات لم الشمل وصعوبة الاندماج في المجتمعات المضيفة.
رحلات عبر الواتساب
رحلات العودة هذه عادة ما تكون سرية، إذ أن وزارة الخارجية التركية فرضت منذ يناير/ كانون الثاني 2016 تأشيرة دخول على السوريين. بيد أن الحصول على هذه التأشيرة صعبة لدرجة أن المهاجرين يفضلون محاولة العبور بطريقة غير شرعية.
ومن أجل الترتيب لرحلة "العودة"، يدير مهربو البشر مجموعات محادثة على "واتساب". ينضم إلى هذه المحادثات أشخاص يريدون الدخول إلى تركيا بطريقة غير شرعية، ويتبادلون عبر الرسائل تفاصيل الرحلة.
تقرؤون كذلك على موقع مراقبون : الهجرة غير الشرعية.. ما مدى صحة الوعود التي يقدمها المهرب للمهاجرين؟
وبنفس الأسلوب الذي يعتمد عليه المهربون لإقناع المهاجرين بالسفر إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، يعمد المهربون إلى الترويج للرحلات التي ينظموها بالاتجاه المعاكس.
وأرسل أحد المهربين هذا الفيديو الترويجي، يظهر فيه مجموعة أشخاص في قارب مطاطي يعبرون نهر إيفروس.
يصل المهاجرون من مختلف الدول الأوروبية إلى مطار سالونيك في اليونان باستخدام إما وثائق مزورة أو عبر البر. ثم يتوجهون بالباصات إلى مدن مثل لافارا وذيذيموتيخو، ويقطعون الغابات سيرا على الأقدام لعدة ساعات وصولا إلى نقطة عبور النهر حيث ينظم المهربون رحلة الانطلاق إلى تركيا.
ويصل المهاجرون إلى الطرف الآخر من النهر حيث تستقبلهم مجموعة من المهربين، بحسب ما يدعي أحد المهربين.
تقرؤون كذلك على موقع مراقبون : كيف يستغل مهربو البشر مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لرحلاتهم ؟
"قام المهرب بإيصالنا إلى جزيرة وسط النهر، وطلب منا ضعف ما اتفقنا عليه"
عباس هو أحد اللاجئين السوريين في ألمانيا وصل عام 2015، وقرر العودة المؤقتة إلى تركيا لزيارة عائلته
اضطررت للقيام بهذه الرحلة لأن الحصول على تأشيرة دخول إلى تركيا هو شبه مستحيل بالنسبة لي ولكثير من السوريين. قبل فرض السلطات التركية الحصول على تأشيرة الدخول كان بإمكانك الذهاب إلى تركيا بسهولة لكن الآن أصبح الأمر معقدا. فأنت تحتاج إلى كفيل تركي وحساب مصرفي وحجز فندقي.. لذلك اضطررت الذهاب إلى تركيا بشكل غير شرعي لزيارة عائلتي.
بعد وصولي إلى مطار سالونيك في اليونان، توجهنا إلى مدينة سوفلي القريبة من الحدود اليونانية التركية. وبعدها كان يجب علينا أن نسير في الغابة المحاذية لنهر إيفروس للوصول إلى نقطة عبور النهر التي يتجمع بها المهربون.
على متن قارب مطاطي
كان الطريق في الغابة صعبا ومتعبا للغاية، كنت برفقة شاب آخر وعائلة مع طفل لا يتجاوز عمره 9 سنوات، حيث اضطررنا للسير لأكثر من 13 ساعة. بعدها وصلنا إلى المكان الذي يتجمع فيه مهربو البشر وصعدنا على متن قارب مطاطي صغير لا يحمل أكثر من 10 أشخاص.
كنا قد اتفقنا مع المهرب على دفع مبلغ 150 يورو للشخص الواحد. وبعد دقائق قام بإيصالنا إلى جزيرة وسط النهر، وادعى أننا وصلنا إلى تركيا. ثم طلب منا دفع 150 يورو إضافية للوصول إلى الضفة التركية، وإلا سيقوم بسلب كل ما نملك! وتشاجرت مع المهربين إلى أن اتفقنا على أن أدفع باقي المبلغ بعد الوصول إلى تركيا.
صعدنا على متن القارب المطاطي مرة أخرى ووصلنا إلى تركيا بعد دقائق معدودة. ثم رافقني أحد المهربين إلى إسطنبول. وباقي الأفراد استقلوا حافلات إلى المدينة.
وفقا لاتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين، يحق للفرد الحاصل على حق اللجوء، طلب لم شمل أفراد أسرته إلى البلد الذي لجأ إليه. لكن تعقيدات إجراءات "لم الشمل" في الدول الأوروبية المضيفة التي قد تصل فترة الانتظار فيها إلى سنتين، دفعت بعض اللاجئين للعودة إلى تركيا بشكل نهائي.
ومن المشاكل الأخرى التي قد تواجه اللاجئين هي أن الوافدين الجدد غالبا ما يحصلون على حق "الحماية المؤقتة"، التي لا تتيح للاجئ طلب لم الشمل.
في ألمانيا مثلا، وفقا لصحيفة "دي زوددويتشه تسايتونغ"، فقد حصلت نسبة 60% من طالبي اللجوء السوريين على "الحماية الثانوية". وبعد تشديد قانون اللجوء عام 2016 تم وقف العمل بلم الشمل العائلي لمن يحصلون على الحماية المؤقتة حتى مارس/ آذار 2018.
وفي النمسا، يجب على اللاجئ أن يقدم طلب لم الشمل خلال ثلاثة أشهر بعد حصوله على حق اللجوء. وإذا فوت هذه المدة ولم يقدم طلبا، فيجب عليه حينها أن يقدم ما يثبت أنه يمارس عملا ولديه دخل شهري ثابت يكفيه ويكفي من يريد لم شملهم من أفراد أسرته، بالإضافة إلى وجود سكن للجميع وتأمين صحي لهم.
نص نشرته في البداية هيئة تحرير "مراقبون" على موقع مهاجر نيوز
دانا البوز