مصر

مصر: "رأيت شرطيا يقتل بائعا متجولا بالرصاص!"

إعلان

كان مراقبنا شاهدا على تجاوز غير طبيعي لأحد عناصر الشرطة صباح الثلاثاء في إحدى ضواحي القاهرة. إذ رأى بأم عينه شرطيا يطلق النار على بائع متجول من مسافة قريبة بسبب خلاف تافه. .وفيما يلي شهادته.

 

حدثت هذه المأساة في حي الرحاب في القاهرة الجديدة، وهو حي رائج للغاية يقع على بعد ثلاثين كيلومترا تقريبا شرق العاصمة المصرية، حيث يكثر الباعة المتجولون. كانت الساعة تقترب من 9 صباحا عندما أشهر شرطي بالبذلة العسكرية رشاشا وفتح النار على بائع الشاي.

صورة مظللة للضحية أرسلها لنا مراقبنا.

تضاعفت تجاوزات الشرطة في مصر منذ 2015، ولم يعد عدد الانتهاكات يحصى. وهذا الانتهاك الأخير أثار مظاهرات عنيفة. وقد قام بعض أهل الحي الغاضبين بضرب شرطي وقلبوا سيارة تابعة للشرطة وهم يصرخون "الداخلية بلطجية!"، وهذا هو المصطلح المستخدم في العديد من الدول العربية خاصة منذ قيام الثورة المصرية عام 2011 لوصف المرتزقة الشرسين التابعين للأنظمة الاستبدادية.

 

متظاهرون يهتفون: "الداخلية بلطجية".

"لا شيء يبرر هذا القتل"

أحمد طالب ويمر يوميا من هذا الحي في طريقه إلى الجامعة.

كنت على بعد أمتار قليلة من الشرطي عندما أطلق النار على بائع المشروبات المتجول. أطلق عليه النار وهو لا يبعد عنه سوى خمسة أمتار. لا أعرف ما حدث بالضبط بين الرجلين، ولكن لم يبدُ أن البائع كان مسلحا، على كل حال.

غير أن طلقات الرصاص لم تصب البائع المتجول فحسب، بل أصابت أيضا شخصين كانا ينزلان من الحافلة. وحسب ما رأيت فإصابتهما طفيفة وقد نقلا إلى المستشفى.

صورة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ثم تسارعت الأحداث فيما بعد. إذ تدخل شخص ونزع الرشاش من يد الشرطي. وهرع أشخاص آخرون نحو الجريحين لإسعافهما، لكن لا أحد انتبه في تلك اللحظة إلى البائع الذي كان على الأرض.

أنا رأيته. واقتربت منه وكان ما زال يتنفس. ثم هرعت إلى الجريحين الآخرين. وعندما عدت إلى البائع لم يعد يتنفس وكان قد مات. أردت أن أغلق عينيه لكنني لم أتحمل وخانتني شجاعتي. فغطيت وجهه وصورته.

سكان الحي يحتشدون أمام سيارة الإسعاف.

أخبرني شهود عيان أن الشرطي أطلق النار على البائع بعد مشاجرة على سعر الشاي، ولكن لم أستطع معرفة تفاصيل أكثر. وأخبروني أيضا أن الرجلين تبادلا الشتائم. لكن مهما كان ما فعله ذلك البائع، لا شيء يمكن أن يبرر مقتله مطلقا. لقد كان إعداما بصريح العبارة.

 

ضرب سكان الحي شرطيا آخر كان في مكان الحادث لأن الأمر اختلط عليهم وظنوا أنه هو من ارتكب التجاوز وقتل البائع. وقد لاذ الشرطي القاتل بالفرار بسرعة بعد فعلته. ثم وصلت تعزيزات من الشرطة لاحقا وفرقت المظاهرة في جو من الهدوء النسبي إلى حد ما.

 

خلال الاحتجاجات التي تلت مقتل البائع، حاول بعض الأهالي سحل شرطي كان في عين المكان. الصورة منشورة على فيس بوك.

أما أنا فبقيت في عين المكان نصف ساعة بعد وعندما هممت بالمغادرة لم تكن سيارة الإسعاف قد وصلت بعد.

الشرطة المصرية تضغط على الزناد بسهولة كبيرة. وعلى السلطات أن تتخذ إجراءات صارمة للحد من استخدامهم للأسلحة النارية.

وفي ذلك اليوم، أعلنت وزارة الداخلية في بيان عن توقيف الشرطي مرتكب الجريمة وفتح تحقيق للكشف عن ملابسات هذه المأساة. وأنه يجب عرض ذلك الشرطي بسرعة على النائب العام. وقد أكد أن المشاجرة كان سببها "سعر الشاي"، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

 

تجاوزات الشرطة بالجملة

لقد تضاعف عدد التجاوزات التي ارتكبتها الشرطة المصرية في الفترة الأخيرة. ففي أيار/مايو 2015، قتل شرطي خطأ بسلاحه إحدى سكان حي الزبالين بالقاهرة فيما كانت تشاهد اشتباكا من شرفة بيتها.

 

في كانون الثاني/يناير 2015، أدى مقتل الناشطة شيماء الصباغ خلال تجمع لمعارضين في وسط القاهرة إلى موجة غضب في البلد.

 

ثم في شباط/فبراير من العام نفسه، قتل شرطي بسلاحه سائق سيارة أجرة أثناء شجار حدث.

 

وخلال كلمة تلفزيونية ألقاها السيسي في كانون الأول/ديسمبر 2015 اعترف لأول مرة بـ "تجاوزات الشرطة" التي ارتكبت في البلد. ولكنه وصفها بأنها "أعمال معزولة".

 

ترجمة: عائشة علون