هاجروا إلى السعودية بحثا عن الثروة فوجدوا الفقر والاستغلال!
نشرت في: آخر تحديث:
نص:
Maëva Poulet
إعلان
مراقبنا وقع عليه الاختيار للعمل في المملكة السعودية بشركة البناء والأشغال العمومية Saudi Oger، فغادر السنغال طامحا في كسب الثروة. وبعد عامين لم تصرف الرواتب وتعاقبت الإضرابات. وتحولت الدجاجة التي تبيض ذهبا إلى فشل ذريع تمثل في انتحارات وفي بقاء العمال الأجانب عالقين في المملكة...وهم يحكون لنا فيما يلي عن خيبة أملهم.
خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة شارك مراقبنا في خمسة إضرابات على موقع بناء مركز "الملك عبد العزيز" في الدمام، وهو مكان سيستقبل الأنشطة الثقافية. وسبب الإضرابات هو عدم صرف الرواتب منذ أشهر عديدة. وكل ما تفعله الشركة المذكورة إزاء غضب العمال هو تأجيل تاريخ الدفع.
مظاهرة 3 آذار/مارس في الدمام. صورة أرسلها مراقبنا.
"أحد زملائي شنق نفسه في ورشة الأسبوع الماضي"
في السنغال كنت كهربائيا أعمل لحسابي الخاص ولكن كان من الصعب حقا إيجاد عمل في البلد، ولم أكن أستطيع كسب قوت عائلتي. عندي سبعة أطفال وأعيش مع إخوتي وأخواتي. وكلما كنت أحصل على عمل كنت أكسب 5000 فرنك أفريقي [7€]. لكنني لم أكن أكسب هذا كل يوم.
ذات يوم قابلت سمسارا يعمل في شركة Saudi Oger وكان يعرض تأشيرات للمملكة السعودية. شرح لي الشروط وبدا لي الأمر مغريا: كان عرض العمل في ورشة البناء ويشمل المعيشة والسكن. فهناك في بلدي لم أعد قادرا على سد كل الاحتياجات، لذلك قبلت الذهاب مع صديق لي. دفع كل منا مليون فرنك أفريقي للحصول على التأشيرة [2000€]. هذا مبلغ كبير لكن الضمانات بدت لنا مغرية جدا. ولكن عندما وصلنا فقط فهمنا أن المملكة السعودية أبعد ما تكون عن أرض الأحلام.
في ورشة البناء في الدمام. صورة أرسلها مراقبنا.
كثيرون يعتبرون أننا جئنا إلى هنا لنكسب المال ونرسله إلى عائلاتنا في بلدنا. عادة أرسل ما يعادل راتبا واحدا أي نحو 3000 ريال سعودي [700€] لعائلتي كل شهرين. حاليا هذا مستحيل...فهناك الكثير من الأجانب هنا. بعضهم أتوا من السنغال وآخرون من الفلبين وفرنسا ولبنان...لي صديق في ورشة البناء أخبرني أن أطفاله يتصلون به يوميا لطلب المال. وهم قد يتركون المدرسة إذا لم يرسل لهم شيئا.
ورشة بناء مركز الملك عبد العزيز حيث يعمل مراقبنا.
خيبة الأمل هذه تدفع البعض للانتحار. وبالفعل فقد شنق عامل فليبيني نفسه في الورشة الأسبوع الماضي. كانت زوجته مريضة وبسبب عدم وجود المال لم تستطع شراء الأدوية...وقد دفعه عجزه عن مساعدة عائلته للانتحار....وحدثت فاجعة مشابهة من قبل في بداية شباط/فبراير في ورشتي وخفنا أن يصبح ذلك أمرا متكررا شيئا فشيئا، فالعمال أعصابهم منهارة جدا.
"ينقلونني من ورشة إلى ورشة ولا خيار لي"
علاوة على أننا لا نتقاضى رواتبنا فنحن مستغلون ونعيش في ظروف سيئة. كل يوم أستيقظ في الساعة 4 صباحا للذهاب إلى ورشة البناء ولا أنتهي إلا في الساعة 7 مساء. ولكي أكسب بعض الدخل الإضافي عرضوا علي أن أعمل في المساء لكن في نهاية المطاف نادرا ما أرى فارق الدخل هذا على كشوف رواتبنا.
ناهيك عن أنهم يفعلون بنا ما يشاؤون. أنا كلفوني في البداية بعمل في ورشة بناء مركز محفوظات بالدمام، ثم أرسلوني إلى الرياض لأمر آخر بضعة أشهر وبعدها عدت إلى الدمام. ليس لي أي خيار حقا فهم ينقلونني من ورشة إلى أخرى.
غرفة مراقبنا من الداخل.
ونعيش نفس الشيء في المسكن. الوضع كارثي. فنحن ننام في أماكن مسبقة الصنع. غرفتي أتقاسمها مع شخصين لكن أحد أصدقائي يتقاسم غرفته مع خمسة أشخاص ! الغرف ضيقة جدا ونخاف دائما أن يسرق منا شيء.
"لا أستطيع العودة لبلدي وليس عندي مال كاف وبعضنا ليس عنده وثائق"
كلنا تقريبا نريد العودة لبلدنا لكن هذا مستحيل بلا راتب ولا نستطيع شراء بطاقات العودة. شخصيا لا أستطيع العودة إلى السنغال وأحاول العودة منذ شهرين لكنني لا أملك المال الكافي لشراء بطاقة الطائرة.
في تشرين الثاني/نوفمبر جرت مظاهرات في الدمام للمطالبة بدفع الرواتب.
ويعيش آخرون وضعا معقدا أكثر، إذ تنص عقودنا على أن الشركة تتكفل بنا تماما. وهي التي تتولى وثائقنا الإدارية. لكن العديد من العمال انتهت صلاحية وثائق هويتهم ولم تجددها لهم الشركة أبدا. العديد من الأشخاص لم يعد لديهم وثائق شرعية، مما يحول دون مغادرة المملكة. لا أدري إن كانت الشركة تتعمد فعل ذلك للاحتفاظ بنا، لكننا نشعر أننا وقعنا في فخ.
والسنغاليون ليسوا المتضررين الوحيدين. فإن شركة البناء المذكورة المهددة بالإفلاس، هي التي يديرها رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري. ويعمل فيها أيضا مئة فرنسي تقريبا بالمملكة السعودية. في الشهر الماضي اضطرت السفارة الفرنسية للتدخل فأرسلت رسالة إلى الرئيس والمدير العام للشركة. وبعد يومين، صرف مجلس إدارة الشركة قسما من الرواتب وأكد -حسب وعد غير مكتوب- بأن العاملين سيتقاضون رواتبهم بانتظام اعتبارا من آذار/مارس.