بعيدا عن صورتها السياحية والمرحبة، صارت قبرص طريقا مسدودا أمام المهاجرين واللاجئين. بريطانيا، التي تملك قاعدتين عسكريتين في مستعمرتها القديمة قبرص، هرعت لمساعدة المهاجرين الذين غرقت قواربهم وهم في الطريق إلى اليونان. ولكنها ترفض أي طلب لجوء. شهادة مهاجر فلسطيني عالق في الجزيرة منذ 4 أشهر.
بلال (اسم مستعار) فلسطيني عمره 26 عاما. نقل إلى قاعدة للقوات الجوية الملكية في قبرص يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما غرق زورقه، القادم من لبنان في طريقه إلى اليونان، مع مئات المهاجرين. ومنذ ذلك الحين وهو يعيش على قاعدة ديكيليا البريطانية.
"الحل هو السفر سرا في قارب إلى تركيا"
قيل لنا أننا لانستطيع تقديم طلب لجوء لا في بريطانيا ولا في اليونان. فقدمنا طلبا للجوء هنا. حتى ولو أن أحدا لا يود البقاء في قبرص. كل السوريين تلقوا ردودا إيجابية، وحتى بعض الفلسطينيين. واستطاعوا ترك القاعدة العسكرية. ولكننا ما زلنا حوالي ثلاثين شخصا هنا في الموقع. في انتظار رد، بما أنه تم رفض طلبنا سابقا. وهكذا صار لنا 4 أشهر عالقين في هذه القاعدة، ولايحق لنا تركها حتى لو أننا نستطيع ذلك من خلال القفز فوق الحواجز.
طارت الخيام بسبب الرياح
هنا نعيش في الخيام، وننام على أسرّة ضيقة. ولكن الرياح اقتلعت هذه الخيام منذ شهر. وكان علينا إعادة نصبها من جديد. ومنذ شهرين شب حريق في إحدى الخيم، بسبب تماس كهربائي. نأكل ثلاث وجبات في اليوم. ولكن الطعام سيء .
دمر حريق جزءا من المخيم، منذ شهرين.
تلقينا القليل من المساعدات منذ وصولنا إلى قبرص. على سبيل المثال، من الصعب جدا تلقي العلاج، جاء بعض الأطباء لفحصنا في البداية. ولكن طبيبا واحدا عاد لرؤيتنا فيما بعد، على الرغم من وجود عدة حالات التهاب أمعاء. إضافة إلى وجود عشرات الأطفال الذين مازالوا يعيشون في المخيم. حتى أن وليدا رأى النور في إحدى هذه الخيم.
هناك عشرات الأطفال الذين لا يزالون يعيشون على قاعدة ديكيليا العسكرية، بعد أربعة أشهر من وصولهم إلى قبرص.
جاءت منظمتان لرؤيتنا، ولكن لمرة واحدة فقط. في البداية قامت KISA وهي منظمة غير حكومية بتقييم احتياجاتنا، وجلبت لنا بعض الثياب. ثم جاء بعض الشبان من برنامج AVR قبرص وقالوا لنا أن باستطاعتهم مساعدتنا للعودة إلى لبنان، أو في الوصول إلى البرازيل أو إلى فنزويلا إذا لم نرغب بالعودة إلى لبنان، لأنه على ما يبدو من السهل الحصول على أوراق للذهاب إلى هاتين الدولتين.
بالنسبة لي، لقد تم رفض طلب اللجوء الذي تقدمت به إلى قبرص الأسبوع الماضي، ولكني أستطيع أن أقدم طلبا جديدا بعد مرور عشرين يوما من رفضه. ولكنني تقريبا على يقين من أن طلبي سيرفض من جديد
يقول لنا البريطانيون بأنهم سوف يعيدوننا إلى لبنان فيما إذا رفضت طلبات لجوئنا. ولكن بالنسبة لي، من المستحيل أن أعود إلى هناك. وبناء عليه قررت ترك قبرص والسفر سرا إلى تركيا. وقد دفعت لأحد المهربين 2000 يورو من أجل أن يأخذني معه على أحد القوارب في الأيام القريبة المقبلة. هنا الجميع يريدون أن يفعلوا الشيء نفسه، بالمناسبة البعض قد غادر فعلا إلى اليونان وتركيا"
قد يبقى بعض المهاجرين على قاعدة ديكيليا العسكرية لفترة طويلة.
قبرص صارت طريقا مسدودة للعديد من طالبي اللجوء غير السوريين. وهذا منذ وقت طويل. هناك عائلة سودانية عالقة منذ 17 عاما على نفس القاعدة العسكرية البريطانية التي يوجد عليها بلال.
الوصول إلى قاعدة بريطانية في قبرص ليس الطريق الأقصر من أجل طلب اللجوء إلى بريطانيا. هناك اتفاقيات وقعت مع جمهورية قبرص في عام 2003، تنص على أن تأخذ السلطات القبرصية مسؤولياتها في مثل هذه الظروف. والجزيرة هي عضو في الاتحاد الأوروبي، ولكنها ليست في فضاء شينغن، ولا تسمح بحرية التنقل في أوروبا. وهذا لايغري إلا القليل من المهاجرين.
في اتصال مع فرانس24، قالت منظمة KISA بأن هناك بعض المهاجرين لا يمكن طردهم من قبرص، إذا اعتبر بلدهم الأصلي خطيرا: "بناء عليه، من الممكن أن يبقى قسم من هؤلاء على القاعدة بعض الوقت. الحل الأمثل، بالنسبة لهم، هو الحصول على تأشيرة دخول إلى بلد ثالث مثل البرازيل أو فنزويلا"