فرنسا – المملكة المتحدة

"دورات كاليه": موسيقيون بريطانيون يبحثون عن مواهب في مخيم المهاجرين

إعلان

عندما يتحدث الأوروبيون عن المهاجرين القادمين إلى بلدانهم، فهم يتصورون أن هؤلاء المهاجرين عديمي الكفاءة وليس لديهم ما يساهمون به في مجتمعاتهم. لكن العديد من المهاجرين هم من ذوي الكفاءة ومتعددوا المواهب.مراقبنا ذهب للبحث عن مواهب محددة: المواهب الموسيقية.

فانيسا لوكاس سميث.....تعيش في لندن. وفي نهاية الأسبوع الماضي عبرت البحر مع مجموعة موسيقيين مقيمين في المملكة المتحدة نحو مخيم مؤقت للمهاجرين طالبي اللجوء اسمه "الغابة" في منطقة كاليه الفرنسية بحثا عن موسيقيين.

مقتطف من وثائقي عن دورات كاليه يظهر عليه مغني سوري اسمه محيي الدين

.

يوجد مخيم اللاجئين في كاليه منذ أكثر من عقد. وهو نقطة توقف إلزامية لكل من هرب من الحرب والملاحقات والصعوبات الاقتصادية في بلده ويريد الوصول إلى المملكة المتحدة. لكن موجة المهاجرين وخصوصا من سوريا وأفغانستان والسودان وإرتيريا أعادت هذا المخيم إلى واجهة الأحداث.

فانيسا وأصدقاؤها قضوا 48 ساعة يجمعون ويسجلون المقاطع الموسيقية مع أهل المخيم والآن يحضرون ألبوما اسمه "The Calais Sessions" وينوون إطلاقه على آيتيونز ويعود ريع مبيعاته إلى هيئات خيرية تساعد اللاجئين.

تصورنا أنه إذا كان في المخيم 4000 شخص، فإن حظوظنا كبيرة جدا لإيجاد موسيقيين"

في المملكة المتحدة، جمعنا فرقة من عشرة موسيقيين سوريين ورومانيين وأكراد وبريطانين يعزفون الناي والعود والدربكة والدجيمبي والأكورديون والكمان والتشيلو وجميع أنواع آلات الإيقاع. وجلبنا عددا كبيرا جدا من الآلات الأفريقية والشرقية، وخصوصا الطبول، لأننا أردنا تنظيم ورشات مع أشخاص لم يتلقوا أي تدريب موسيقي. وبصراحة لم يكن عندنا أي فكرة عما إذا كنا سنجد أشخاصا لديهم مواهب موسيقية في كاليه بفرنسا، لكننا تصورنا أنه إذا كان في المخيم 4000 شخص، فإن حظوظنا كبيرة جدا لإيجاد موسيقيين.

أهل المخيم يجربون الآلات. جميع الصور منشورة بإذن من "The Calais Sessions"

 

  عندما وصلنا هناك سلمنا على كل فرد وأخرجنا آلاتنا الموسيقية. ولم يكن يعنينا أن يكونوا مبتدئين أو محترفين كل ما أردناه هو أن يشارك بالعزف أكبر عدد من الناس. ولم يستغرق الأمر وقتا طويلا. إذ بدأ صوت الطبول يسمع والغناء والتصفيق والرقص واجتمعت الناس حول كل نوع من الآلات التي تعزف. وبدا كأن الناس يشعرون باليأس وأخذوا يعبرون عن أنفسهم ويعزفون ويشاركون.

مشهد الضرب على الدربكة.

حالما علم الناس بأننا نريد تسجيل بعض الأغاني، أخذوا يقولون: آه..عليكم أن تقابلوا شابا هنا يغني لنا طوال الوقت! وقدموا لنا شابا سوريا اسمه محي الدين صوته رائع. ويبدو أنه لم يدخل مجال الغناء أبدا، لكنه يستطيع حتما. وقابلنا سوريا آخر يعزف على الدربكة بامتياز. فغنى المغني أغنية جميلة ألفها بنفسه وأخذ بعض الموسيقيين يرتجلون معه. وعرفنا أن علينا تسجيلها. كلمات الأغنية بالعربية وهي تتحدث عمن قتلوا في الحرب بسوريا وكيف أن قلبه ما زال معهم. وكانت الأغنية إهداء لأخيه الفقيد. [هيئة التحرير: انظر الفيديو أعلاه للاستماع للمغني وحكايته]. ويوم الأحد، استخدمنا استوديو تسجيل مؤقت لبدء التسجيل. وكان معنا مهندس صوت أحضر معدات كثيرة معه، إذ لم يكن في المخيم أي كهرباء فاستأجرنا موّلدا وأحضرناه معنا. وخلال اليوم جاء العديد من سكان المخيم الآخرين وعزفوا على مختلف الآلات. كان هناك أشخاص من إثيوبيا والسودان وإرتيريا والصومال وأفغانستان. وسجلنا قدرا كبيرا من مقاطع عزف الطبول والدربكة وسنعمل على الميكساج وننتج منها مقطعا راقصا.

"جمعنا حلقة كبيرة من القارعين على الدربكة والطبلة في الخارج في الظلام الدامس"

 وفي تلك الليلة جمعنا حلقة كبيرة من القارعين على الدربكة والطبلة في الخارج في الظلام الدامس. كان هناك أكثر من مئة شخص وفي البداية خفنا لأننا شعرنا أنه من الصعب علينا إدارة حشد كبير وصاخب ولا يتحدث نفس اللغة. لكن الجميع تصرفوا باحترام كبير وكانوا ينبهون بعضهم البعض لكي يخفضوا أصواتهم كلما أراد صديقي الذي يقود حلقة الطبول أن يوضح لهم شيئا.

ألفا مقيم في المخيم وهو موسيقي (يمين الصورة) وهو يعزف مع صولا (يسارا) الذي يعش في المملكة المتحدة وهو عازف إيقاع في فرقة جاميروكواي

المهاجرون ليس عندهم في المخيم وسائل الترفيه وظروف العيش مزرية. فهم يعيشون في الخيم التي أقيمت على أراض لطمر النفايات، وعندما تهطل الأمطار تخرج من الأرض جميع الأشياء المقززة من الحفاضات إلى النفايات الصناعية إلى الأطعمة الفاسدة. وسيصبح الوضع أسوأ لأن فصل الشتاء قريب.

وإننا ننوي العودة لتسجيل مزيد من المقاطع مع أنحاء المخيم الآخرى. لكننا سنبدأ في إصدار 4 أو 5 مقاطع في الأسابيع القادمة. ونحن حاليا مشغولون كثيرا بالمونتاج والميكساج وترقيم المقاطع وإعداد أشرطة وثائقية قصيرة لمصاحبة المقاطع بغرض بيعها. وهذه أجمل وأغلى موسيقى وإبداع موسيقي أشارك فيه. ونحن نأمل أن يكون تقديم حكايات المهاجرين من خلال الموسيقى أن يشد إليهم الانتباه أكثر.

لمتابعة أخبار مشروع "The Calais Sessions" ومعرفة موعد إصدار المقاطع، عليكم بزيارة صفحة فيسبوك.

ترجمة: عائشة علون