الولايات المتحدة

أراض مجانية للتحفيز على العيش في الغرب الأمريكي

أصبحت السهول الكبرى في ولاية كانساس بموجب قانون تملك الأراضي الزراعية الذي وضع في عهد الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن والذي يجيز الحصول على صكوك ملكية بالمجان لكل من كان قادرا على العيش في تلك الأراضي الموحشة. وبعد مرور أكثر من قرن على صدور هذا القانون، قررت عدة بلدات مهجورة في تلك الولاية الأمريكية استخدامه كي لا تموت.

إعلان

شارع رئيسي في مدينة ماركيس في ولاية كانساس. الصورة: freelandks.com

أصبحت السهول الكبرى في ولاية كانساس بموجب قانون تملك الأراضي الزراعية الذي وضع في عهد الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن والذي يجيز الحصول على صكوك ملكية بالمجان لكل من كان قادرا على العيش في تلك الأراضي الموحشة. وبعد مرور أكثر من قرن على صدور هذا القانون، قررت عدة بلدات مهجورة في تلك الولاية الأمريكية استخدامه كي لا تموت.

 

بدأت البلدات الأمريكية الصغيرة تخلو من سكانها بسبب هجرتهم نحو المدن الكبرى. ومن هذه الولايات ولاية كانساس في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وهي من الولايات العشر الأكثر خلوا من السكان عام 2014.

 

وعام 1999 أرادت مدينة مينيابوليس في كانساس تغيير الوضع مستلهمة من القانون القديم الصادر عام 1862الذي ينص على التبرع بالأراضي. وجاء العرض بأن كل من يلتزم ببناء بيت في المدينة والعيش فيها سيستفيد مجانا من قطعة أرض. ومنحت البلدية أيضا بعض المزايا مثل القروض العقارية التفضيلية الميسرة.

 

وعرضت عدة مدن أخرى نفس الشيء ومنها مدينة ماركيت الواقعة في منطقة ماكفيرسون. وهذا البرنامج المسمى أراض مجانية بكانساس (Free Land KS) والذي أطلق منذ 12 سنة قد غيّر وجه هذه المدينة ذات 600 نسمة. ورغم أن الولاية قد أغلقت مؤخرا المدرسة الابتدائية في المدينة يبدو أن السكان استعادوا الثقة في مستقبلهم.

شارع في ماركيت بولاية كانساس. الصورة: freelandks.com.

"كل بيت جديد يملأ خزينتنا أكثر"

ستيف بايبر هو عمدة سابق في مدينة ماركيت وهو حاليا على يرأس منظمة "Marquette Development" المعنية بتنمية المدينة وقد قدمت عائلته إلى المدينة عام 1922.

 

قبل إطلاق هذا البرنامج كان عندنا تقريبا 250 أسرة تعيش في ماركيت. ثم بفضل برنامج الأراضي المجانية (Free Land KS) بنينا نحو ثلاثين بيتا جديدا. وتعيش المدن الصغيرة في كانساس أساسا على الرسوم العقارية التي يدفعها السكان لذلك فكل بيت جديد يملأ خزينتنا أكثر.

 

بعض الناس استفادوا من هذا البرنامج ولكن عندما رأوا أنهم لا يملكون أموالا للبناء، اشتروا بيوتا جاهزة. [في هذه الحالة يفقد المستفيدون من البرنامج حقهم في امتلاك الأرض]. في نهاية المطاف لن يكفي عدد المساكن على ما يبدو!

 

لم نعد أبدا بتوفير العمل للناس وحاولنا استحداث مناصب في المدن الصغيرة ولكن الأمر كان صعبا جدا. الوضع الأمثل هو تمكين الناس من القدوم أولا ثم تركهم يبحثون عن عمل لكسب رزقهم. وهنا في ماركيت نحن محظوظون بسبب قربنا من المدن الكبرى مثل هوتشيستون على بعد 60 م وماكفيرسون التي فيها قطاع مهم لصناعة البلاستيك وتقع على بعد 40 م. وقد أخبرني رجل جاء من كاليفورنيا للعيش هنا أن قطع مئة كيلومتر تقريبا هنا تستغرق وقتا أقل من قطع 60 كم في كاليفورنيا. وعندنا أيضا مشروع منجمي جاري العمل عليه بشمال المدينة وقد استطاع بعض الأشخاص إيجاد عمل هناك. وأخيرا عندنا معمل لتكرير الغاز غير بعيد.

منزل جديد على أرض تبرعت بها مدينة ماركيت في ولاية كانساس.

 

"كلنا عشنا قصصا عديدة في حياتنا وبعضها محزنة"

في البداية أحدث البرنامج ضجة. وظهرنا في التلفزيون الوطني وما إلى ذلك. وكان الناس يأتون من كاليفورنيا أو فيرجينيا أو من أوهايو. لم نكن نصدق ما يحدث. كلنا عشنا قصصا عديدة في حياتنا وبعضها محزنة.

  

ذات مرة أتت عائلة مكسيكية بالسيارة من مايامي وكانوا 11 شخصا في حافلة صغيرة جدا ولكن المشكلة هي أنهم ظنوا أننا سنعطيهم بيتا مجانا. أنا شخصيا ظهرت في مقابلة للحديث حول هذا البرنامج مع التلفزيون الوطني الناطق بالإسبانية Telemundo ولكن يبدو أن كلامي ترجم ترجمة خاطئة. لقد قلنا لهذه العائلة إننا نعطي الأرض مجانا وليس البيوت. فكان الأمر قاسيا ولكن لحسن الحظ وجهناها إلى مركز للإيواء في المدينة المجاورة. في الحقيقة عندما رأينا هذه العائلة عرفنا حجم الفقر في الولايات المتحدة.

 

وجاء آخرون ولكن حلمهم تبخر، خصوصا عندما رأوا تكلفة الملكية. فيما ظن البعض أننا نعطي الأراضي الزراعية ولكن في الحقيقة نحن نعطي قطعة مساحتها بالكاد تتجاوز الهكتار الواحد.

 

خلال أزمة الرهون العقارية كان الناس يعانون لبيع بيوتهم ولذلك كان عدد من يأتون إلى هنا أقل. وقد بني مؤخرا بيتان وهناك آخر قيد البناء. وتبلغ مساحة أحدث بيت 185 م² وهو من أكبر البيوت وأغلاها سعرا من كل ما بني على "الأراضي المجانية".

 

وسنحت لنا الفرصة كي نقابل الكثير من الأشخاص عن طريق هذا البرنامج. بعضهم كان شكلهم غريبا ولكن في النهاية وجدنا أن هذا العالم مكون من شتى أشكال البشر وأن هذا في حد ذاته شيء أعجبنا.

بيت جديد بني في إطار برنامج مدينة ماركيت في ولاية كانساس.

"لو عاد الزمن لفعلت الشيء نفسه"

جيم أونراه سائق سيارة إسعاف في ماركيت ورئيس مركز الإطفاء. وقد وصل إلى المدينة في إطار هذا البرنامج وهو اليوم غير نادم على خياره ولكنه يرى أنه صرف مبالغ أكثر مما كان يتخيل.

  

طلبوا منا دفع إمدادات المياه والصرف الصحي. [في مدن أخرى تتبرع بالأراضي مثل مينيابوليس تتكفل البلدية بهذه الأعباء]. لم تكن المبالغ باهظة ولكنني أرى أنه كان عليهم أن يخبرونا. ومن ناحية أخرى، فالبيوت تطل على طرقات غير معبدة بقلب الأراضي الموحلة بحيث لا يستطيع المرء أن يبقي بيته نظيفا. وإذا أردنا تعبيد تلك الطرقات ينبغي تقديم طلب رسمي، ثم سيتعين علينا أن ندفع بأنفسنا تلك المصاريف لأن الضرائب سترتفع. فهل يمكنني فعل ذلك؟ نعم يمكنني ولكنني على الأقل صرت أعلم ما عليّ فعله وأعرف الأسئلة التي ينبغي طرحها.

 

لا شيء يضاهي العيش في مدينة صغيرة. فأنا أستطيع ترك باب بيتي مفتوحا وترك ابني يتجول في المدينة بلا قلق وأعرف كل جيراني وهم يعرفونني ونحن نتعاون.

 

يعتبر هذا البرنامج في مدينة ماركيت نوعا من النجاح. وقد حاولت عدة مدن أخرى أن تفعل مثلنا وكانت النتائج غير مرضية تماما.

  

حررت هذه المقالة بالتعاون مع Brenna Daldorph(@brennad87)، صحافية في فرانس24.