سوريا -تركيا

عندما يستفز جهاديو تنظيم "الدولة الإسلامية" الجيش التركي عبر الحدود

منذ يومين نشر وتداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر جهاديين من تنظيم "الدولة الإسلامية" يتبادلون الكلام على أطراف مدينة "عين العرب" السورية. وأثار هذا الفيديو سخط النشطاء الأكراد الذين اعتبروا أن فيه يكمن الدليل على تواطؤ وتنسيق ما بين الجهاديين والجيش التركي. لكن المشهد هو أقرب لعملية استفزاز من فعل جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية".

إعلان

منذ يومين نشر وتداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر جهاديين من تنظيم "الدولة الإسلامية" يتبادلون الكلام على أطراف مدينة "عين العرب" السورية. وأثار هذا الفيديو سخط النشطاء الأكراد الذين اعتبروا أن فيه يكمن الدليل على تواطؤ وتنسيق ما بين الجهاديين والجيش التركي. لكن المشهد هو أقرب لعملية استفزاز من فعل جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية".

منطقة معارك ونزاع بين الجهاديين والفصائل الكردية

صور هذا الفيديو إعلاميون من وكالة إعلامية كردية في 22 أكتوبر / تشرين الأول في مكان قريب من تلة الشعير السورية. وتقع التلة المذكورة غربي مدينة "عين العرب"، وقد سيطر عليها الجهاديون ووحدات حماية الشعب الكردية تباعا.

تم تصوير المشهد في منطقة حدودية بين سوريا وتركيا حيث ترك من لجأ من أكراد سوريا إلى تركيا سياراته وعرباته، كون السلطات التركية لا تسمح بدخول السيارات والآليات الوافدة من الجانب السوري إلى أراضيها.

لا يمكن التأكيد اليوم، 29 أكتوبر/تشرين الأول، أن المنطقة المذكورة ما زالت تحت سيطرة جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية". ذلك بالرغم من تأكدنا من سيطرة الجهاديين على تلة الشعير وجوارها يوم التصوير ومن مصادر في التنظيم، وهذا ما أكده لنا بدوره عبر الهاتف الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية في "عين العرب". حيث أكد لنا حسن شورش أن المنطقة التي تظهر في التصوير وقعت تحت سيطرة الجهاديين في 22 أكتوبر/تشرين الأول قبل أن تستعيدها وحدات حماية الشعب الكردية مدعومة بطيران التحالف الدولي في اليوم التالي.

الجهاديون ينذرون بوصولهم للمنطقة الحدودية

الفيديو الذي نشرته وكالة DIHA الكردية تبدأ برؤية رجلين مسلحين، أحدهما بلباس أفغاني والثاني مرتديا كنزة سوداء اللون، يحرقان شيء ما في مكان محاذي للحدود التركية السورية. ثم ينتقل الرجلين باتجاه نقطة يتواجد فيها عدد من السيارات والآليات الزراعية التي تركها اللاجئون إلى تركيا وراءهم حيث نرى عدد آخر من الجهاديين. في الدقيقة 1 و13 ثانية الرجل الذي يرتدي كنزة سوداء يبدأ بالتلويح باتجاه الحدود. ثم في الدقيقة 1 و41 ثانية نرى 5 رجال يتبادلون أطراف الحديث بالقرب من شاحنة صغيرة محملة بالبضائع. ثم يتوجه الجهاديان اللذان نراهما في بداية الفيديو نحو الحدود التركية السورية سيرا على الأقدام. في الدقيقة 2 و32 ثانية يبدأ الرجلان من جديد بالتلويح نحو الحدود، ما يوحي بتوجههما للجنود الأتراك في الجانب التركي، ثم يتقدمان وهما يحملان السلاح إلى الشريط الحدودي الشائك. بعد ذلك بثوان تظهر آلية للجيش التركي ويخرج منها أربعة جنود يسارعون بارتداء الستر الواقية من الرصاص متوجهين نحو الجهاديين. ونلحظ تبادل للحديث بين طرفي الحدود لكن رداءة التسجيل تمنعنا من تبيان مضمون هذا الحديث.

في هذا الفيديو التي تداولته وسيلة إعلامية كردية أخرى والذي يظهر نفس المشهد إلا أنه أطول بعض الشيء، نرى جنديا تركيا يشير ويطلب من الجهاديين الابتعاد عن الشريط الحدودي في الدقيقة 3 و13 ثانية. قبل أن ينصرفا يقوم الجهاديان برفع سبابتهما نحو السماء، وهي إشارة تعتمدها الفصائل الجهادية والإسلامية. ثم يصرخان "الله أكبر... لا إله إلا الله..."

ليست هذه المرة الأولى التي يتقدم فيها جهاديو تنظيم "الدولة الإسلامية" نحو مناطق متاخمة للحدود السورية التركية حول مدينة "عين العرب". وقد شاهد اللاجئون الأكراد إلى تركيا في العديد من المرات الجهاديين يستولون على سيارات تركوها في الجانب السوري لدى فرارهم إلى تركيا.

"ليس هنالك من أمر مريب" في هذا المشهد

يشكك الكثير من النشطاء بدور تركيا في الصراع الدائر ما بين الفصائل الكردية وتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، حيث يعتبر العديد منهم أن تركيا تساعد الجهاديين من خلف الستار. لذا اعتبرت العديد من وسائل الإعلام الكردية أن هذا الفيديو يؤكد شكوكهم حول تواطؤ السلطات التركية مع الجهاديين. لكن سردار ك، وهو ناشط كردي من مدينة "عين العرب"، يعتبر أنه لا يوجد ما يثير الريبة في تصرفات الجنود الأتراك، معتبرا أن "الجهاديين قاموا باستفزاز الجنود الأتراك بعد سيطرتهم على هذه المنطقة غربي المدينة. ومن الطبيعي أن لا يتجاوب الجنود مع هذا الاستفزاز الصريح، كما أنه لا يمكنهم أن يخترقوا الحدود -إلى سوريا- للرد على الجهاديين دون تلقيهم أوامر واضحة من قيادتهم".

وكان اتخذ البرلمان التركي قرارا يسمح بمشاركة القوات المسلحة التركية، إلى جانب دول التحالف الدولي، بالحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق. لكنه لم يتم العمل بالقرار بعد والجيش التركي يكتفي حتى الساعة بضبط الحدود مع سوريا. حيث لا ترغب أنقرة بدعم وحدات حماية الشعب الكردية، وهي النسخة السورية عن "حزب العمال الكردستاني" العدو التاريخي لتركيا التي تصنفه كمنظمة إرهابية.

من جانب آخر، سمحت تركيا لقوات البشمركة، التابعة لسلطات كردستان العراق، بالتوجه نحو "عين العرب" مرورا بأراضيها لمقاتلة تنظيم "الدولة الإسلامية". ووصلت فعلا طلائع البشمركة إلى تركيا في ليل 28/29 أكتوبر/تشرين الأول متوجهين نحو عين المدينة المحاصرة من قبل الجهاديين منذ 16 من الشهر نفسه.