جنازة "النعش الطائر" سلاح لتصفية الحسابات في كوت ديفوار
نشرت في: آخر تحديث:
إنها حكاية نعش يحمله أناس ويتحول إلى سلاح للقتل في بلدة كوسر جنوب كوت ديفوار. يقوم أهل هذه المدينة بمراسم غريبة تسمى "النعش الطائر" ويعتقدون أن "الفقيد سيعبر عن رغبته" ويحدد الأشرار. ولكن هذه المراسم في الحقيقة تكون فرصة لتصفية بعض الحسابات.
صور التقطها جوليان آبيا ونشرها على موقع Avenue225.com أثناء مرسم دفن في كوسرو في 20 أيلول/سبتمبر.
إنها حكاية نعش يحمله أناس ويتحول إلى سلاح للقتل في بلدة كوسر جنوب كوت ديفوار. يقوم أهل هذه المدينة بمراسم غريبة تسمى "النعش الطائر" ويعتقدون أن "الفقيد سيعبر عن رغبته" ويحدد الأشرار. ولكن هذه المراسم في الحقيقة تكون فرصة لتصفية بعض الحسابات.
تنبيه: هذه المشاهد قد تكون مروعة.
"كان هناك شكوك حول "ضحايا النعش" بأنهم سحرة"
مراقبنا جوليان آبيا كواسي كان في قرية كوسرو عندما أقيمت جنازة شخص يدعى "إيسمه" من أبيدجان توفي فجأة في منتصف أيلول/سبتمبر. شعر الفقيد بالإجهاد منذ عدة أسابيع فأجرى بعض الفحوص في مصحة أبيدجان لم تكشف عن شيء يذكر، حسبما روت أسرته. وفي 20 أيلول/سبتمبر الماضي بعد قداس أقيم على روح الفقيد كان يحمل النعش بعض أهل البلدة وكان يفترض بهم أن يتوجهوا إلى المقبرة عندما أخذوا يركضون وكأنهم يلاحقون أحدا، مما أثار دهشة أهل البلدة ومراقبنا.هذه أول مرة أرى فيها مشهدا كهذا. لقد سمعت من قبل عن طقوس "النعش الطائر"ولكني لم أرها أبدا. كان حملة النعش يتصببون عرقا ويبدو أنهم يلهثون. وكان البعض يصرخ "توقفوا! توقفوا!" ولكن لا أحد كان قادرا على وضع النعش ولا على التوقف.
في الثانية 57 من هذا الفيديو الذي صوره جوليان آبيا يظهر حملة النعش وهم يديرونه عدة مرات دورات كاملة من 360 درجة، ثم توقفوا أمام بيت أخ الفقيد الذي تعرض للهجوم العنيف من السكان خلال الدقائق التالية.
بدأ حملة النعش بالتوجه نحو بيت الفقيد حيث كسروا الأبواب والنافذة. وحسب هذا التقليد فهذه علامة على أن صاحب المكان، وهو أخ الفقيد، مسؤول عن موته. ثم لاحقوه دون أن يؤذوه. وبعدها توجهوا نحو تلة صغيرة في وسط البلدة حيث لاحقوا سيدة في الستين من عمرها. كان المشهد مهولا وكانت السيدة تحتضر وتطلب النجدة باللغة المحلية. بعضهم أرادوا نجدتها لكن حملة النعش اعترضوا طريقه وأوضحوا له أن كل من يتدخل سيلقى نفس المصير.
سيدة ستّينية متهمة بممارسة السحر مسجاة على الأرض تحت النعش. صورة لجولان آبيا.
وقد أكد حملة النعش أن "قوة خارقة قادمة من النعش" قد مستهم. لكن الغريب أن الأشخاص المقتولين كانت تحوم حولهم الشبهات بممارسة السحر. فهل كانت الجنازة فرصة للتخلص منهم؟ على كل حال كان هؤلاء الأشخاص فرحين حول الجثة الهامدة للمرأة. فقد كانوا يرقصون ويصورون ويضحكون على ما أسموه "نهاية سيطرة الساحرة" التي فضحوها.
"حملة النعش غالبا ما يتعاطون المخدرات"
هذه العادة المعروفة باسم "لوندولا" في جمهورية الكونغو الديمقراطية موجودة أيضا في بوركينا فاسو والنيجر وغانا. ويرى الدكتور ياو ساتورنين دافي أكافو، وهو عالم أنثروبولوجيا ومدرس وباحث في معهد العلوم الأنثروبولوجية والتنمية في جامعة فيليكس هوفييت بوانيي، أن القومية الإثنية المسماة "آكان" في جنوب كوت ديفوار هي تحديدا التي تتمسك بهذه الطقوس:ولا يعتبر الآكان في كوت ديفوار الموت أبدا أمرا طبيعيا أو مفاجئا، بل ينبغي دائما تفسير الوفاة بالبحث في كل ما هو ثقافي أو روحاني. كما أنهم لا يؤمنون بأي تفسير علمي لهذه الأمور وفي معظم الحالات يوجه الاتهام لأشخاص بممارسة السحر أو حتى لأفراد أسرة الميت فيكونون "ضحايا النعش". لذلك من الطبيعي الاشتباه بوجود تصفية حسابات وراء هذا الطقس.
ولكن يجدر هنا التوضيح بأنه غالبا ما يلجأ حملة النعش إلى أساليب في التداوي لها فعل المخدر القوي.وحسب هذه المعتقدات فهذا ضروري كي لا يصب عليه الفقيد جام غضبه. وحالته هذه يمكن أن تفسر ما يحدث من تجاوزات مأساوية.
ولقد لاحظت أن هذه العادات تتراجع تراجعا كبيرا لأن ممارسيها اكتشفوا أنهم غالبا ما يتعرضون للمحاكمة بتهمة القتل. وأصبح أعيان القرى غالبا على وعي بهذه التجاوزات ولم يعودوا يسمحون للناس بحمل النعوش."
يقول مراقبنا إن المشهد الذي جرى أثار هيستيريا جماعية وبدا السكان "في حالة رضا" بعد القضاء على السحرة المزعومين.
أما جوليان كواسي فيوضح في مقالته المنشورة على موقع Avenue 225.com أن قوات الدرك قد فتحت تحقيقا لتحديد أسباب الوفاة الحقيقية. وهو يرى أن حملة النعش والسكان الذين تسببوا في القتل لم يلق عليهم القبض بعد. وقد اتصلت فرانس24 ببلدية المحافظة الفرعية لمدينة دابو، وهي الأقرب لبلدة كوسرو، فلم يرغب أحد في الحديث معللين ذلك بأن المحاففظة الفرعية لمدينة توباه هي المسؤولة عن هذه المنطقة. ولم يستطع فريقنا الاتصال بأي متحدث من هذه المدينة.
حررت هذه المقالة بالتعاون مع Alexandre Capron (@alexcapron)، صحافي في برنامج فرانس24 "مراقبون".
ترجمة: عائشة علون