عندما يتحول فيديو لضرب طفل إلى معركة بين "السنة والشيعة"
نشرت في: آخر تحديث:
صور هذا الفيديو في الضاحية الجنوبية في بيروت ويظهر فيه طفل لبناني وهو يضرب طفلا على الأرجح أنه سوري. وقد أثارت هذه المشاهد حالة عارمة من الاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي واعتبرها الجميع مثالا للكراهية بين السنة والشيعة.
لقطة من الفيديو
صور هذا الفيديو في الضاحية الجنوبية في بيروت ويظهر فيه طفل لبناني وهو يضرب طفلا على الأرجح أنه سوري. وكان يضربه بأمر من أشخاص كبار كانت أصواتهم تسمع ولم يظهروا على الشاشة. وقد أثارت هذه المشاهد حالة عارمة من الاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي في نهاية الأسبوع في 19 تموز/يوليو واعتبرها الجميع مثالا للكراهية بين السنة والشيعة. وصحيح أن هناك تحقيق جار لكن لا شيء يثبت حتى الآن أن هذه الأفعال القاسية ذات طابع طائفي.
الطفل اللبناني صغير واسمه عباس والطفل الثاني الذي يرجح أنه سوري اسمه خالد وهو أكبر سنا ببضعة أعوام. نرى إذن عباس وهو يلكم خالد على وجهه ويركله ويضربه بالعصا.. ونسمع صوت رجل يقول له بلهجة لبنانية "عباس اضربه..لا تخف".. ويضيف صوت الرجل "أقوى أقوى" ثم نسمع أصوات أطفال آخرين. وينفذ الطفل عباس إذ يطلب منه أن يصفع خالد أو يضربه على بطنه. وكان الطفل خالد يبدو عليه الألم من الضربات ونراه يبكي ويتضرع إلى الله أن يساعده.
لقد نشرت هذه المشاهد على البوابة اللبنانية يا صور التي تتداول الأحداث الاجتماعية والثقافية في منطقة صور جنوب لبنان. لكن سرعان ما أخذت ردود الأفعال طابعا دينيا.
"هذه الإشاعات كانت تبحث بالخصوص عن اتهام حزب الله والشيعة واستغلال النزاع السوري في أي مناسبة"
حسين شيعي يعيش في الضاحية الجنوبية في بيروت.أنا ناشط جدا على تويتر وقد تابعت ردود الأفعال التي أثارها هذا الفيديو طوال عطلة نهاية الأسبوع. لقد ظهر بسرعة هاشتاغ العربي #un_enfant_chiite_libanais_frappe_un_enfant_syrien. واستخدم هذا الهاشتاغ في العديد من الصفحات في بلدان الخليج ذات الأغلبية السنية.
إن هذا مجرد تأويل لهذا الفيديو فليس في المشاهد ما يدل على أي بعد طائفي. ومن تداولوا هذا الهاشتاغ استندوا إلى عناصر مختلفة، وهي أن الفيديو صور في رامل العلي وهو حي شيعي جنوب بيروت. وكان الرجل الذي يأمر الطفل عباس بضرب الطفل خالد يتكلم بلكنة واضحة على أنه من منطقة وادي البقاع وهي منطقة شيعية في لبنان واسم عباس شائع عند الشيعة وعند السنة أيضا. وهذا ما جعل بعض الناس يتهمون الرجل بأنه من حزب الله الشيعي رغم أنه لا شيء يدل على ذلك. وهناك لاجئون سوريون في كل أحياء بيروت ويمكن أن يكون هذا المشهد قد صور في أي مكان آخر.
ومن ناحية أخرى فإن ملامح الطفل خالد ولكنته تدل على أنه ربما لاجئ سوري من عائلة سنية. وهنا أيضا لا يمكن الجزم لأن الفيديو ليس فيه ما يثبت ذلك. فصوت الرجل الذي يسمع لا يقول إن كان خالد سوريا ولا إن كان سنيا. أظن أن الصفحات التي تداولت هذه الإشاعات كانت تبحث بالخصوص عن اتهام حزب الله والشيعة واستغلال النزاع السوري في أي مناسبة.
"غرضي الوحيد من نشر هذا الفيديو على موقعي هو غرض أخلاقي وإنساني"
هيثم شعبان هو الذي أنشأ موقع Yamour الذي نشر الفيديو وهو شيعي.حصلنا على هذا الفيديو من أحد معارفنا الذي حصل عليه بدوره من أحد معارفه.
ولم نستطع التعرف على المصدر بالضبط. يبدو أنه تم تداوله من هاتف محمول إلى آخر. على كل حال يبدو أن الفيديو صور حديثا كما أكدت أسرة خالد لبعض وسائل الإعلام.
غرضي الوحيد من نشر هذا الفيديو على موقعي هو غرض أخلاقي وإنساني وليس سياسيا بالطبع. كنت أريد أن أندد بالطريقة التي يجبر بها ذلك الطفل على ضرب طفل آخر. عادة ما يتشاجر الأطفال ويضربون بعضهم بعضا، لكن هذا ليس شجارا طالما الطفل ينفذ أوامر شخص كبير. وهذا أمر غير مقبول بالنسبة إلي. ولم أفكر لحظة واحدة أن هذا الفيديو سيكون له هذا التأثير العالمي وأن الناس سيؤولون محتواه. وقد فتح تحقيق في هذا الشأن. وأعلنت قوات الأمن الداخلي عن اعتقال أب الطفل عباس وابن عمه المتهمين بتصوير الفيديو وإعطاء الأوامر لعباس بضرب الطفل خالد. ولم يحدد بعد إن كان خالد لاجئا سوريا ولا إن كان المشهد ينطوي على بعد طائفي.
ترجمة: عائشة علون