الكونغو: أعمال يدوية مدرسية أم أعمال شاقة؟
نشرت في: آخر تحديث:
اختار مديرو مدارس مدينة بوكاما جنوب جمهورية الكونغو الديمقراطية أسلوبا غير سويّ لتجديد مباني المدارس مجانا: إذ جعلوا التلاميذ يقومون بما أسموه "الأعمال اليدوية" وقد استخدموا أطفالا صغارا جدا أحيانا كي يصنعون بأنفسهم الآجر في مقلع للطين بدل أن يكونوا في قاعات الدرس
أطفال بعضهم "ما دون سن الثامنة" في موقع بناء في بوكاما. صورة التقطها مراقبنا أمس.
اختار مديرو مدارس مدينة بوكاما جنوب جمهورية الكونغو الديمقراطية أسلوبا غير سويّ لتجديد مباني المدارس مجانا: إذ جعلوا التلاميذ يقومون بما أسموه "الأعمال اليدوية" وقد استخدموا أطفالا صغارا جدا أحيانا كي يصنعون بأنفسهم الآجر في مقلع للطين بدل أن يكونوا في قاعات الدرس. اقرؤوا المزيد....
لقد منع تشغيل الأطفال رسميا منذ أن أصدر وزير الشؤون الاجتماعية في الكونغو مرسوما وزاريا عام 2008. ولكن في مدينة بوكاما الواقعة في كاتانغا التي يسكنها 40000 نسمة تقريبا تحولت هذه الأشغال إلى أشغال شاقة. إذ يذهب التلاميذ من نحو عشر مدارس ابتدائية في المدينة يوميا إلى مقالع الطين لصنع الآجر. وقد التقط مراقبنا في بوكاما، دورانس أونيمبا، صورا وأوضح لنا أن الأطفال يعملون في موقع البناء وبعضهم لم يتجاوز سن الثامنة.
تلاميذ يذهبون أولا لجلب الطين من المقالع إلى موقع البناء.
يجمع التلاميذ الأكبر سنا الحجارة طيلة أيام على حساب أيامهم الدراسية ويقول بعض الآباء إن إنتاج بعض الأطفال يصل "إلى 400 يوميا".
"بعض الأطفال يعملون بين ست وثماني ساعات في اليوم"
دورانس أونيمبا يعيش في بوكاما وقد نقل خبر تشغيل الأطفال على إذاعة أوكابي وهي من أهم الإذاعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
"كل يوم من أيام الأسبوع يذهب التلاميذ منذ 7:30 صباحا إلى مقالع الطين في مجموعات من 8 أو 10 تلاميذ. وهناك يضعون الطين في قوالب لصنع الآجر. فيما يذهب غيرهم لقطع الخشب من الغابة لكي يصنعوا تلك القوالب، وينقل آخرون الآجر إلى المدرسة. ويؤدي الأطفال هذه المهام بالتناوب. وهم يقضون جلّ يومهم أحيانا في موقع البناء بدل قاعات الدرس.
أما الأطفال "الأقوى بنية" فيعملون بين ست وثماني ساعات في اليوم. لكنني رأيت أن الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة يقضون أحيانا أربع ساعات وهم يقومون بهذه الأشغال. وأحيانا لا يرافقهم المدرسون ويتركونهم يعملون بمفردهم. ولذلك استطعت التقاط هذه الصور.
والرواية الرسمية التي تخبرها إدارة المدرسة للآباء هي أن هذه الأشغال تندرج في إطار "الأعمال اليدوية اليومية". [ماينص عليه قانون 1954 هو للأعمال اليدوية التي لا تتجاوز ساعة يوميا]. لكن منذ شهرين بدأ العديد من الآباء يشكون من أن أطفالهم يعودون مرهقين ويعانون من آلام في الظهر والمفاصل. وهذا لأن العديد من هؤلاء الأطفال يعملون أكثر من طاقتهم الجسدية. ووفق حساباتي فإن الطفل البالغ عشر سنوات يصنع نحو مئة آجرة في اليوم ومن هم في السادسة عشرة من عمرهم يصنعون 400 آجرة.
يستخدم الأطفال الأصغر سنا لحمل الآجر وتجميعها في موقع البناء القائم في المدرسة. الصورة لمراقبنا.
"الآباء لا حيلة لهم لأنهم إن اعترضوا فسيصبح أطفالهم مهددين بالطرد"
كينغا كادي لوفو مفتش في التأمين الاجتماعي لدى وزارة العمل.
طلبت منهم رسميا بعدم استخدام الأطفال، لكن نبرتهم كانت تتغير في نهاية هذه الاجتماعات فيجيبني المدرسون والمديرون بأنني "لست رئيسهم وأنهم لا يأبهون إطلاقا لما أقوله".
المشكلة الأساسية هي أنه ما من اتفاق حول هذه مسألة بين لجنة أولياء أمور التلاميذ ومديري المدارس في بوكاما. ومعظم الآباء لا يريدون تمويل تجديد المدارس، لذلك قرر هؤلاء المسؤولون بلا استشارة كل الآباء تشغيل التلاميذ في صنع الآجر. ومن لا يوافق على هذا الأمر من الآباء فهو عاجز عن التصرف: وإن اعترضوا على هذه الأعمال الشاقة، فسيتعرضون لضغوط وسيصبح أطفالهم مهددين بالطرد.
بضعة مدارس فقط توقفت عن هذه الأشغال، لكنها لم تعد تستطيع فتح أبوابها للتلاميذ الذين احتج آباؤهم. وقد أحصينا نحو عشر مؤسسات تعليمية في بوكاما تلجأ لهذه الممارسات ونحو 1000 تلميذ معني بهذا القرار. غير أن هناك حتما عدد أكبر من المدارس في المناطق القروية ما زلنا لا نعلم شيئا عنها.
لقد أوضح لنا كوسماسموغيمبا مسؤول عن التعليم في المنطقة ومقيم في كامينا على بعد 140 كيلومترا من مدينة بوكاما أن هذه "الأعمال اليدوية" ضرورية لتجديد المدارس:
"إننا نعيش في فقر مدقع والحكومة لم تستوعب بعد حجم احتياجاتنا في مجال تجديد المدارس. والمديرون يبذلون كل ما في وسعهم لإعادة تأهيل المباني التي غالبا ما تكون في حالة مزرية جدا. وقد طلبوا مساهمة أولياء أمور التلاميذ، لكنهم تملصوا ولم يدفعوا المبلغ المطلوب [هيئة التحرير: حسب معلوماتنا، يصل المبلغ إلى 3000 فرنك (أي 5 يورو تقريبا) ويشمل رسوم التسجيل والتجديد]. لذلك تقرّر أن يشارك الأطفال في تجديد مباني المدارس.
أنا مستعد لفتح تحقيق وتقدير مسؤوليات كل الأطراف إنْ كان صحيحا أن الأطفال يعملون أكثر من طاقتهم وأن هذا يؤدي إلى مشكلات جسدية. وأرى أن هناك مبالغة في الأرقام المعلن عنها [هيئة التحرير: كون بعض الأطفال يصنعون حتى 400 آجرة في اليوم] لأنه لم يأت أي ولي من أولياء الأمور ليشتكي.