هل تحالف الجيش الحر مع الجيش النظامي لإقامة حاجز؟
عرفت الأشهر الأخيرة في سوريا هدنة، خاصة حول العاصمة دمشق، في المعارك بين القوى النظامية والمعارضة السورية المسلحة. وفي هذا السياق، نشرت على الشبكات الاجتماعية لقطة من فيديو قدمت على أنها لحاجز مشترك للجيش الحر والجيش النظامي. تعاون لم يسبق له مثيل ولكنه جائز حسب عدد من مراقبينا، رغم استياء المعارضة من تداول هذه الصورة.
نشرت في: آخر تحديث:
عرفت الأشهر الأخيرة في سوريا هدنة، خاصة حول العاصمة دمشق، في المعارك بين القوى النظامية والمعارضة السورية المسلحة. وفي هذا السياق، نشرت على الشبكات الاجتماعية لقطة من فيديو قدمت على أنها لحاجز مشترك للجيش الحر والجيش النظامي. تعاون لم يسبق له مثيل ولكنه جائز حسب عدد من مراقبينا، رغم استياء المعارضة من تداول هذه الصورة.
الصورة نشرت على موقع تويتر وهي لقطة من فيديو صور في 25 يناير/كانون الثاني من داخل مدرعة. تظهر الصور الطريق الذي يمر من أمام مسجد السلام في برزة، شمال دمشق. وهذا الطريق كان خطا فاصلا للمعارك بين الجانبين إلى حدود الأسابيع الماضية، أي قبل إمضاء الهدنة. وفي الثانية 28 من الفيديو، تمر المدرعة أمام الحي الذي يقع تحت سيطرة الجيش الحر ويظهر مسلحون يلبسون زيا عسكريا ومدنيا فيسأل المصور "هذا [الجيش] الحرّ على اليمين؟". فيرد عليه زميله بالإيجاب.
مستخدمو الإنترنت الذين نشروا هذه الصورة قدموها بدورهم على أنها لحاجز مشترك بين الجيش النظامي والجيش الحر. فهل هذا التعاون تم فعلا بين الفريقين؟ قطعا لا، حسب أنصار الجيش الحر.
"لم يكن هناك أي تواصل بين مقاتلي الجيش الحر والنظام خلال المفاوضات"
لقد اتفق فعلا على هدنة في برزة في 7 يناير/كانون الثاني. لكن زياد الشامي، وهو مدير المركز الإعلامي لبرزة والمناصر للجيش الحر يؤكد أنه لم تتم أية عملية مشتركة بين الطرفين
المسلحون الذين نراهم في هذه المشاهد هم فقط من عناصر الجيش النظامي. إعلان الهدنة هو الذي جعلهم يسمحون لأنفسهم بالتقدم عن مراكزهم الأصلية وراء مسجد السلام عندما تم تصوير هذا الفيديو. لا يوجد أي عنصر تابع للجيش الحر في هذه المشاهد بل لم يكن هناك أي تواصل بين المقاتلين من الفريقين حتى خلال المفاوضات حول الهدنة التي تم الاتفاق حولها من قبل لجان تابعة للطرفين
ويذكر زياد الشامي أن النظام السوري لم يذعن بعد لتطبيق جميع الشروط التي طالب بها الجيش الحر عند الاتفاق على الهدنة، من بينها رحيل الجيش النظامي عن جميع الأحياء وإطلاق سراح السجناء، ما يجعل أي تعاون بين الطرفين محالا.
لكن فيديو آخر قد يتعارض مع هذا القول. ففي هذه المشاهد التي نشرها ذات المركز الإعلامي لبرزة بعد أيام قليلة من الهدنة (13 يناير/كانون الثاني)، يظهر مدني بين عناصر الجيش النظامي وقد تمت تغشية وجهه من قبل ناشطي المركز الإعلامي وكأنهم يخشون أن يتعرف عليه. فهل حاول هؤلاء حماية أحد عناصر الجيش الحر من أن يظهر مع الجيش النظامي؟
أبدا، يجيب زياد الشامي. زميلنا الذي قام بنشر الفيديو أخطأ عندما لاحظ الزي المدني لهذا الرجل لكنه ناشط من أنصار جيش الأسد
"النظام السوري تحدث كثيرا على هذه الهدنة كي يظهر بمظهر صانع السلام ويطعن في سمعة الجيش الحر"
النظام السوري تحدث كثيرا على هذه الهدنة على هامش محادثات السلام جنيف 2 حتى يعطي أدلة على حسن نيته المزعومة. وإن قام أنصاره بنشر هذه الصورة فهم يضربون عصفورين بحجر واحد: إظهار النظام بمظهر صانع السلام والطعن في سمعة الجيش الحر الذي يبدو متواطئا معهم
بالفعل، النظام السوري لم يكتف بإعلان وقف إطلاق النار في برزة بل نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن 200 مقاتل من المعارضة ينتمون إلى الجيش الحر وإلى جبهة النصرة قد سلموا أسلحتهم واستسلموا بعد إعلان الهدنة. كما أكد النظام أنه طالب برفع العلم الرسمي للجمهورية السورية بدل علم المعارضة. بيانات أنكرها الجيش الحر جملة وتفصيلا.
"الطرفان يبالغان في تصريحاتهما"
لم يتخلف الجهاديون عن الموعد بل اغتنموا هذه الفرصة لنشر الصورة متهمين الجيش الحر بالخيانة.
علاء إحسان هو مدير مركز التوثيق السوري وهو يعيش في أحد الأحياء الموالية للنظام السوري. وهو يفسر أن الجيش الحر كان مجبرا على إنكار هذا التعاون حفاظا على صورته أمام بقية المعارضة.
لقد بالغ الطرفان في تقديمهما للوضع. من نراهم في هذه الصورة هم فعلا عناصر من الجيشين، النظامي والحر لكن من الخطأ القول أنهم كانوا يحرسون حاجزا مشتركا لأنهم لم يكونوا يقومون بأي رقابة.
هذا المكان كان خطا فاصلا أي أن المرور من هناك يعني خطرا حتميا بسبب تواجد القناصة. ولكي يستطيع السكان العودة إلى منازلهم دون خوف بعد الإعلان عن الهدنة، قبل المقاتلون من الفريقين أن يظهروا معا كضمان بأن المدنيين لا يخشون شيئا. وهذا "الحاجز" لم يدم أكثر من 48 ساعة، ربما كان سبب ذلك أن الجيش الحر انتبه إلى ما قد يلحقه من أذى بسبب رواج هذه الصورة.
عودة السكان إلى أحياء برزة كانت منتظرة في غضون أسبوعين بعد إعلان الهدنة، وهو ما يتناسب مع تاريخ تصوير الفيديو الذي أخذت منه الصورة.
هذا الجدل يزيد من هشاشة الاتفاقات التي قد يصل إليها المقاتلون من الجهتين على أرض المعركة. اتفاقات تبقى وليدة الظروف الحينية ولا تندرج ضمن سياسة سلمية قد يقودها أحد الطرفين.
حرر هذا المقال سارة قريرة (@SarraGrira) ووسيم نصر (@SimNasr)، صحافيان في فرانس 24.