سوريا

سوريا: معاناة فلسطينيي مخيم اليرموك المحاصرين

 منذ عدة أشهر ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع عند المدخل الجنوبي لدمشق تحاصره قوات بشار الأسد في محاولة لخنق الجماعات المتمردة التي استقرت هناك، حسب النظام. اللاجئون اليوم بين نارين ومقطوعون عن العالم كما أنهم يفتقرون إلى كل شيء.

إعلان

لقطة من فيديو يظهر شابا من مخيم اليرموك وهو يطلق صرخة يأس.

 

منذ عدة أشهر ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع عند المدخل الجنوبي لدمشق تحاصره قوات بشار الأسد في محاولة لخنق الجماعات المتمردة التي استقرت هناك، حسب النظام. اللاجئون اليوم بين نارين ومقطوعون عن العالم كما أنهم يفتقرون إلى كل شيء.

 

لقد بدأ حصار المخيم منذ عشرة أشهر وهو جزء من عملية عسكرية واسعة النطاق يقوم بها الجيش النظامي للسيطرة على الضواحي الجنوبية لدمشق. وفي الأشهر الأخيرة، استرجع الجيش النظامي عدة مواقع مجاورة لليرموك فيما وصفه بأنه "عملية مكافحة الإرهاب"، مشددين الخناق على المخيم.

 

ولا يتسرب من داخل المخيم إلا القليل جدا من الأخبار، إذ لم يعد يحق للسكان الخروج منه. وشبكات الاتصالات تقطع بانتظام. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان ب 46 شخصا عدد الذين ماتوا في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ولكن لم تؤكد الأمم المتحدة إلا وفاة 15 شخصا. وهذه الوفيات حدثت أساسا بسبب انعدام الغذاء والوضع الصحي الكارثي. ويظل كثير من الأطفال عرضة للمعاناة من الأمراض المرتبطة بسوء التغذية.

 

وحاول فريق الأمم المتحدة المعني بالشؤون الإنسانية يوم الأربعاء 15 يناير/كانون الثاني أن ينقل إلى المخيم حصصا غذائية ولقاحات لشلل الأطفال، لكن إطلاق النار حال دون ذلك. ويتبادل النظام السوري والمتمردون المسلحين المتمركزين داخل المخيم إلقاء المسؤولية على بعضهما عن اندلاع أعمال العنف.

 

لقد أنشئ مخيم اليرموك عام 1957، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، إذ يمتد على مساحة كيلومترين مربع وكان يضم قبل النزاع السوري، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أكثر من 148000 لاجئ. وسكانه ليسوا حصرا من الفلسطينيين. فهناك سوريون ضعاف الحال يعيشون فيه.

 

شاب من اليرموك. نشر هذا الفيديو على موقع يوتيوب في 14 يناير/كانون الثاني 2014

"سعر كيلو الأرز أصبح يصل إلى 36 يورو داخل المخيم"

شامل عضو في شبكة شام نيوز الإخبارية. وقد هرب الشهر الماضي من الحجر الأسود، الحي المجاور لمخيم اليرموك. وظل على اتصال مع سكان المخيم.

 

في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حاصر الجيش النظامي مخيم اليرموك. وأقيمت عدة حواجز على مداخل المخيم لمنع دخول المتمردين وخروجهم. ولم يعد من حق المدنيين عندما يذهبون لشراء المؤن الغذائية أن يعودوا بمؤن أكثر مما يكفي ليوم واحد. والهدف من ذلك ليس إضعاف مخزونات السكان من المؤن فحسب، بل أيضا منعهم من إحضار مؤن للمتمردين.

 

وقد تمكن بعض السكان من الهرب نحو الأردن أو لبنان [هيئة التحرير: بين 100000 و150000 من السكان هربوا في ديسمبر/كانون الأول 2012]. أما من لم يكن عندهم الإمكانيات وليس لهم أقارب خارج المخيم فقد اضطروا للبقاء فيه. وهم اليوم في سجن مفتوح على السماء.

ومنذ 10 أشهر ومخيم اليرموك محاصر بالكامل. ولا يسمح لأي شيء ولا أحد بالدخول والسكان يفتقرون لكل شيء. والصور والشهادات التي تنشر على الإنترنت يرسلها ناشطون يتصلون بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية القائمة قبل الحصار.

 

وتباع المؤن القليلة بأسعار خيالية في السوق السوداء. وقد وصل سعر الأرز في الأماكن الأخرى إلى 150 ليرة [هيئة التحرير: 0.80 يورو] وداخل المخيم يصل سعره إلى 7000 ليرة [هيئة التحرير: 36 يورو]! وهذه المواد تصل عبر شبكات تهريب أقامها فلسطينيون مقربون من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة [هيئة التحرير: مجموعة مسلحة يمولها النظام السوري وقد اعترضوا على قدوم الثوار إلى المخيم]. وهم يتفاهمون مع الجنود الذين يحرسون الحواجز لكي يسمحوا لهم بتمرير المؤن مقابل عمولة. إنها تجارة رابحة.

"مخيم اليرموك رهان استراتيجي لقطع الطريق على المتمردين"

ماهر أيوب صحافي فلسطيني وساكن قديم باليرموك وقد هرب في سبتمبر/أيلول 2012.

 

 

مخيم اليرموك ضحية موقعه الجغرافي فهو يقع عند الباب الجنوبي لدمشق في أقرب ضاحية لمركز المدينة [هيئة التحرير: 8 كيلومترات جنوب مركز مدينة دمشق] ولذلك فهو رهان استراتيجي لقطع الطريق على المتمردين.

 

والجيش يسيطر على جنوب دمشق وبسبب العمليات العسكرية الأخيرة، استطاع التمركز أيضا جنوب اليرموك. أي أن الجيش يحاصر المخيم والأحياء المجاورة حيث توجد فصائل المتمردين التي أصبحت في مأزق. ولن يرفع النظام الحصار قبل أن يخنق المعارضة المسلحة.

 

وكما حدث في العراق، فإن اللاجئين الفلسطينيين ضحية لتداعيات لهذا النزاع.

 

 

بالأحمر مواقع الجيش السوري جنوب دمشق وجنوب الضاحية الجنوبية. وفي الوسط مخيم اليرموك.

 

ترجمة: عائشة علون