هل أصبح أهل دمشق مضطرين لأكل لحوم القطط أم أنها مجرد سيناريوهات؟
هذا الفيديو الذي نشر يوم الاثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول يصور رجلين وهما يسلخان قطا ويطبخانه ويأكلانه بسبب نقص الأغذية في أحد أحياء دمشق التي يدور فيها القتال. ولا يستبعد أن يكون المدنيون السوريون قد تعرضوا لمثل هذه الأوضاع، فهذا الفيديو يبدو بالأحرى أنه سيناريو يرمي إلى إحداث ضجة.
نشرت في: آخر تحديث:
لقطة من الفيديو.
هذا الفيديو الذي نشر يوم الاثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول يصور رجلين وهما يسلخان قطا ويطبخانه ويأكلانه بسبب نقص الأغذية في أحد أحياء دمشق التي يدور فيها القتال. ولا يستبعد أن يكون المدنيون السوريون قد تعرضوا لمثل هذه الأوضاع، فهذا الفيديو يبدو بالأحرى أنه سيناريو يرمي إلى إحداث ضجة...
ولقد نشر هذا المقطع أولا على حساب يوتيوب الخاص بهيئة اسمها "مكتب جنوب دمشق الإعلامي" وحيث نشرت عشرات الفيديوهات، أساسا للثوار في المعارك. ومدته دقيقة وثلاثون ثانية وعنوانه " حالة إنسانية كارثية: أكل القطط في المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق".
ويشير الرجل الذي صور في التعليق إلى فتوى أصدرها فقهاء دمشق في أكتوبر/تشرين الأول تجيز للسوريين الذين بهم خصاصة أكل القطط والكلاب. ويقول الرجل: إلى من لا يصدق بعد: هذا هو حال من في المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق. الشيوخ أفتوا والناس أخذت تطبق الفتوى. وبخلاف الخنزير، فالقرآن لا يحرم صراحة أكل القطط والكلاب. لكن استهلاك هذه الحيوانات وخاصة الكلاب غير مستحب في الدين الإسلامي. غير أن مراقبنا في دمشق يرى أن صحة هذا الفيديو مشكوك فيها نظرا لعدة تفاصيل.
"هذا لا يشبه طعام شخص يتضور جوعا"
عمر معارض سلمي للنظام ويعيش في دمشق.
الفيديو مقدم على أنه صور في حي محاصر من الجيش النظامي. وحسب المشاهد تبدو المنطقة محاصرة ولا يمكن إدخال الأغذية إليها. لا أحد يستطيع الخروج. وفي هذه الحالة يمكن أن نظن أن السكان يتضورون جوعا ولا يملكون أي شيء. غير أن هذه ليست الصورة الحقيقية المنشودة من تصوير هذين الرجلين، فهما على ما يرام وملابسهما جيدة وهما حليقا الذقن ويبدوان في صحة جيدة ولا يبدو أنهما حقا يعيشان في منطقة المعارك الشديدة. ثم إنني لاحظت أنهما يطبخان القط في طنجرة تبدو جديدة.
وأنا أتساءل عن المشهد الأخير من الفيديو حيث يظهر الرجل وهو يتذوق بالملعقة مما يفترض أنه القط المطبوخ، ثم يعيد بعض الطعام إلى الطنجرة التي ما زال فيها بقية الوجبة أصلا، وهذا تصرف غير مألوف من شخص يتضور جوعا.
ومن التفاصيل الأخرى التي تشكك في مصداقية هذه المشاهد، هذا المقطع الذي ليس فيه أي صورة عامة تتيح تحديد مكان التصوير ولا التحقق مما إذا كانت فعلا في أحد الأحياء التي تدور فيها المعارك. حتى عنوان الفيديو لا يوحي بشيء ولا يشير إلا إلى أن المشهد صور في "جنوب" المدينة. ومن الغريب أيضا أن لحظة ذبح القط قد قصت عند المونتاج.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن هذا الفيديو قد نشر في 28 أكتوبر/تشرين الأول. ولكن في 29 أكتوبر/تشرين الأول الذي يصادف "اليوم الوطني للقطط" في الولايات المتحدة الأمريكية الرامي إلى تشجيع الأسر الأمريكية على تبني القطط. ولم يكن بوسع مخرجي هذه المشاهد أن يفعلوا غير ذلك إنْ أرادوا إحداث ضجة والتأثير في الرأي العام الأمريكي المتعاطف مع هذه الحيوانات.
ومع ذلك فالعديد من أحياء جنوب دمشق تعيش مواجهات شرسة بين الجيش السوري النظامي ومعارضي بشار الأسد. وفي نهاية الأسبوع الأخير، أُجليَ من حي معضمية الشام مئات الأشخاص أثناء هدنة إطلاق النار هناك. وحسب قناة بي.بي.سي، حُمل العديد منهم على نقالات وكانوا يعانون من نقص في الغذاء ولا يقوون على المشي. ويظهر أيضا في العديد من الفيديوهات المصورة في الضواحي الجنوبية ومناطق أخرى بسوريا أطفال أصابهم الهُزال ويعانون من مشكلات في التنفس ونقص التغذية.
ترجمة: عائشة علون