المملكة العربية السعودية

عامل مهاجر يتعرض للاعتداء: "السعوديون يظنون أن كل شيء مباح"

 لقد نشر على الإنترنت فيديو يظهر حالة أخرى من حالات اعتداء أحد السعوديين على عامل مهاجر. وتناقلت هذه المشاهد عدة قنوات تلفزيونية عربية في نهاية هذا الأسبوع لدرجة أن السلطات المعنية بحقوق الإنسان في المملكة اهتمت بالموضوع. لكن مراقبينا يشككون في أن يغير ذلك في الأمر شيء.

إعلان

لقطة من فيديو يظهر فيه عامل مهاجر وهو يتعرض للاعتداء من سعودي.

  

لقد نشر على الإنترنت فيديو يظهر حالة أخرى من حالات اعتداء أحد السعوديين على عامل مهاجر. وتناقلت هذه المشاهد عدة قنوات تلفزيونية عربية في نهاية هذا الأسبوع لدرجة أن السلطات المعنية بحقوق الإنسان في المملكة اهتمت بالموضوع. لكن مراقبينا يشككون في أن يغير ذلك في الأمر شيء...

 

جرى المشهد في قسمين: أولا يظهر رجل آسيوي لكن لا يمكن التأكد من جنسيته وهو يتلقى عدة صفعات من رجل آخر لا نراه. ثم يقوم بعد أن تعرض للضرب مرة أخرى على خصره. وهنا انهال عليه المعتدي باللكمات والركلات ولم يتردد في ضربه بعقال غترته على وجهه [هيئة تحرير "مراقبون" ارتأت الاكتفاء بنشر لقطات من هذه المشاهد العنيفة جدا]. ولا يمكن تحديد مكان ما حدث وتاريخه بالضبط.

 

تنبيه: هذه المشاهد قد تكون مروعة.

 

"يبدو أن هذا المهاجر بنغالي من لكنته عندما تحدث بالعربية"

محمد السعيدي يعيش في جدة غرب المملكة.

 

لا يمكنني الجزم مئة بالمئة في جنسية المعتدى عليه، لكنه يبدو بنغاليا من لكنته عندما تحدث بالعربية. قميصه البرتقالي هو لباس موحد يلبسه عمال التنظيف التابعون للبلدية في المملكة العربية السعودية، لذلك فربما يكون عاملا في بلدية ما. والرجل السعودي غاضب لأنه يتهم العامل باستخدام الهاتف المحمول للاتصال بزوجته وربما يشك في أن حديثه معها كان إباحيا؟ وعندما سأل العامل كيف عثر على رقم هاتف زوجته، أجاب بأنه ’وجد جهاز هاتف مستعمل في القمامة.

 

وقد أعلنت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنها ستفتح تحقيقا بشأن حالات الاعتداء المذكورة وأكدت أنه إذا ثبت وقوعها فسيعاقب الجاني.

 

لكن مراقبنا أحمد صبري، الناشط في حقوق الإنسان والذي يعمل في المجال الاجتماعي بجدّة، يرى أن هيئة حقوق الإنسان ليس لها مصداقية لأنها تحت جناح الحكومة. وهو يرى أن السبب يكمن في القوانين السعودية المتعلقة بحقوق المهاجرين التي تنتهك العديد من حرياتهم الأساسية.

 

"هذا الفيديو يبيّن إجحاف النظام القانوني الذي يحكم حقوق المهاجرين"

أحمد صبري ناشط يتابع قضايا حقوق الإنسان ويعمل في المجال الاجتماعي في جدّة.

 

نجد في المملكة العربية السعودية هيئتين رئيسيتين معنيتين بحقوق الإنسان. الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان [لم تستطع فرانس 24 أن تتصل بهذه الهيئة] وهي جهاز مستقل ندد مرارا بسوء معاملة العمال المهاجرين، وهيئة حقوق الإنسان، وهي جهاز حكومي يرمي بالأحرى إلى تعزز صورة إيجابية عن البلد وتقديم المملكة على أنها دولة تحترم حقوق الإنسان. [منذ أسبوع أوضحت الهيئة أمام الأمم المتحدة أن المملكة العربية السعودية تحرز "تقدما حقيقيا" في مجال حقوق الإنسان. وفي هذا السياق، يصعب أن نصدق بأن هذه الهيئة ستجري تحقيقا موضوعيا في هذا الصدد.

 

ويذكر هذا الفيديو مرة أخرى بإجحاف النظام القانوني الذي يحكم حقوق المهاجرين في المملكة. فللعمل في البلد على أي عامل أجنبي أن يجد "كفيلا"سعوديا سواء تعلق الأمر بالخدمة في المنازل أو أي عمل آخر في البلد. وعلى المهاجرين أن يحصلوا على إذن كفيلهم للتنقل، فهم ليسوا أحرارا في التنقل. ولذلك، غالبا ما يصادر الكفيل جواز سفر المهاجر فيتيح له ذلك التحكم في العامل.

 

لا شيء يدل على أن السعودي الظاهر في الفيديو هو كفيل هذا العامل المعتدى عليه، لكن نظام الكفالة ما هو إلا باب مفتوح على هذا النوع من الاعتداءات. والشعور بالإفلات من العقاب هو السائد لأن المهاجر حتما لن يرفع أي شكوى. وإن فعل ذلك، فلن يملك أي سلاح للدفاع عن نفسه، فهو عموما لا يتقن اللغة العربية والنظام القضائي لا يوفر له ما يكفي من المحامين يستطيع التحدث إليهم. أما تصوير هذه المشاهد، فقد يكون وسيلة للضغط على العمال المهاجرين ولكي يروا عاقبة من يقف بوجه السعوديين.

 

حررت هذه المقالة بالتعاون مع كورونتان بينييه (@cbainier)، صحافي في فرانس 24.

 

ترجمة: عائشة علون