إحدى الناجين من هجوم نيروبي ”اتصلت ببناتي لأودعهن“
إحدى الناجين من الهجوم الإرهابي على أحد المراكز التجارية بالعاصمة الكينية نيروبي روت لفرانس24 وقائع الساعات الطوال من عملية احتجاز الرهائن، والتي كانت واحدة منهم.
نشرت في: آخر تحديث:
إعلان
عدد من المرضى في عيادة طبيب أسنان أثناء محاولتهم الاختباء خلال الهجوم الذي وقع على المركز التجاري يوم السبت الماضي. جميع الصور المتضمنة في هذا المقال التقطتها عدسة مراقبتنا.
إحدى الناجين من الهجوم الإرهابي على أحد المراكز التجارية بالعاصمة الكينية نيروبي روت لفرانس24 وقائع الساعات الطوال من عملية احتجاز الرهائن، والتي كانت واحدة منهم.
ذهبت إيمان الغرير، زوجة أحد الدبلوماسيين الكويتيين، إلى عيادة طبيب أسنان في المركز التجاري ”وست غيت“ لتفاجأ أثناء وجودها هناك بوقوع هجوم على المركز. ومن نافذة العيادة تابعت إيمان اللحظات الأولى للهجوم وتمكنت من التقاط بعض الصور وضعتها مباشرة على حسابها بموقع ”أنستاغرام“.
وقد أعلنت حركة ”الشباب“ الإسلامية الصومالية بعدها، على تويتر، مسؤوليتها عن الهجوم الذي قامت به انتقاما من التدخل الكيني في الصومال.
"الشرطة طالبتنا بالبقاء في أماكننا والتحلي بالسكينة والهدوء"
كنت في صالة الانتظار وقت الهجوم، وكنت أشاهد من النافذة كل ما يحدث على سطح المبنى المجاور والذي يقع فيه مرأب المركز التجاري. وكان هناك عدد من الخيام المنصوبة وبعض الناس في غاية الانشغال؛ فهذا المكان عادة ما يقام فيه تظاهرات مختلفة في عطلة نهاية الأسبوع، وعلمت بعدها أن هذه الخيام أقيمت من أجل تصوير برنامج تلفزيوني شهير في فن الطبخ. وكان هناك أيضا عدد من الأطفال يلعبون على أجهزة ترامبولين.
منظر من سطح المبنى المجاور يطل على ساحة المرأب ويوضح أماكن الخيام وأجهزة الترامبولين.
وفجأة كان هناك دوي قوي وكأنه صوت انفجار قنبلة يدوية ثم رأيت أشخاصا يركضون في المرأب ويهرعون إلى بوابات الخروج ولكنهم فجأة غيروا اتجاههم إلى الاتجاه المعاكس - أعتقد أنهم وجدوا في مواجهتهم عددا من المهاجمين. وبدأ بعدها إطلاق نيران مدفع رشاش بغزارة وهو ما أثار حالة من الذعر في صالة الانتظار بالعيادة. وتجنبا من الإصابة برصاصة طائشة ابتعدنا جميعنا عن النافذة والتجأنا إلى ممر داخلي.
في البداية اعتقدنا أنه هجوم بغرض السطو ولكن طبيب الأسنان - الذي شاهد المهاجمين لوقت أطول - أخبرنا بأنه يبدو وكأنه هجوم إرهابي وبنظرة سريعة إلى ما يرتدون من ملابس تكهن بأنهم ينتمون لحركة ”الشباب“ الصومالية.
وفي المرأب كان هناك هرج ومرج: عدد من رجال أمن المركز التجاري بزيهم الأزرق المميز كانوا يطاردون الإرهابيين، كما كان هناك بعض الناس يقفزون من فوق السطح لكنه كان من المستحيل تمييز ما إن كانوا إرهابيين أم من الضحايا. [حسب شهادات أخرى: بعض ممن كانوا في المرأب استطاعوا الاختباء تحت عدد من السيارات بينما نجح آخرون في الهرب] وعلى الأرض شاهدت أجسادا هامدة متمددة فقررت لحظتها التقاط بعض الصور. وفي هذه الأثناء انفجرت قنبلة يدوية أخرى فاتصلنا مسرعين بالشرطة.
على الرغم من أن الأمر يبدو وكأنه عملية اعتقال بيد أن مراقبتنا لا تعرف بالضبط بأي شيء تعلق الأمر وقت التقاطها لهذه الصورة.
”هؤلاء الإرهابيون لن يحرموننا من الاستمرار بالعيش بشكل طبيعي“
رد علينا رجال الشرطة ناصحيننا بالتزام أماكننا والتحلي بالهدوء وبأنهم سيأتون لإنقاذنا حالما يتم تأمين المبنى بالكامل.
كان عددنا يقارب الثلاثين شخصا في هذه الصالة وكان هناك طفل صغير يكاد يبلغ عمره العام ونصف العام في حالة من الهلع. كل واحد منا كان على اتصال بأصدقائه أو أقاربه ليكون على علم بآخر مستجدات الأحداث. وعندما سمعنا أن الإرهابيين بدأوا في أخذ رهائن لم نستبشر خيرا وانتابنا هلع من أن يكونوا قد احتلوا المبنى بأكمله وشعرنا بضروروة البحث عن مكان للاختباء فيه. قمت بالاتصال ببناتي وأخبرتهن بأني أحببتهن كثيرا وقمت بتوديعهن.
جثة على الأرض بعد الهجوم.
بعد حوالي أربع ساعات على بداية الهجوم عاود رجل شرطة الاتصال بإحدى السيدات من مجموعتنا وأخبرها بأنهم نجحوا في تأمين الجزء الذي نتواجد به من المبنى، وقال إن الشرطة تقف الآن أمام باب عيادة الطبيب ففتحنا لهم الباب فقادونا باتجاه سلم الخروج، كانوا مدججين بالأسلحة ورافقونا حتى خرجنا من المرأب الذي تمت السيطرة عليه وحيث قمت بالتقاط بعض الصور. أعطونا ماء وتأكدوا إذا ما كان أحد منا مصابا بجروح ثم نقلونا إلى المستشفى في سيارات إسعاف. السيارة التي أقلتني كانت تغطيها الدماء.
عربات الإسعاف تصل إلى المكان.
قضيت بقية عطلة نهاية الأسبوع مع العائلة ولم أكف عن التفكير في مصير هؤلاء الذين بقوا محتجزين في المركز التجاري. واليوم ترددت في السماح لبناتي بالذهاب إلى المدرسة من شدة خوفي عليهن. إن كينيا بلد جميل والكينيون شعب شجاع حقا لهذا فإن هؤلاء الإرهابيين لن ينجحوا في حرماننا من مواصلة الحياة بشكل طبيعي.