غينيا - السنغال

"مهنتي تهريب البضائع على دراجة نارية بين غينيا والسنغال"

 هذه قصة مهرب غيني يقطع مئات الكيلومترات في قلب الغابة بين غينيا والسنغال على دراجة نارية محملة بالبضائع المهربة. وقد اختار أن يحكي لمراقبنا حياته اليومية والمخاطر التي يتعرض لها على الطريق.

إعلان

لقطة من فيديو يظهر إحدى رحلات المهربين.

 

هذه قصة مهرب غيني يقطع مئات الكيلومترات في قلب الغابة بين غينيا والسنغال على دراجة نارية محملة بالبضائع المهربة. وقد اختار أن يحكي لمراقبنا حياته اليومية والمخاطر التي يتعرض لها على الطريق.

 

مراقبنا سالي بيلالي قابل مجموعة من شباب مدينة لابي شمال غينيا. وهذه شهادتهم لبرنامج "مراقبون".

"أهم ثلاثة مخاطر هي: الحيوانات والأنهار والدوريات"

ديالو مامادو عمره 22 سنة. ترك الدراسة عام 2009 ولمّا لم يجد عملا أصبح مهربا على متن دراجته النارية بين مدينة لابي في غينيا ومدينة كيدوغو في السنغال.

 

سعر الدراجة النارية في المتوسط 4 ملايين فرنك غيني [نحو 437 يورو] ويمكن إعادة بيعها بنحو 370000 فرنك CFA[نحو 560 يورو] ما وراء الحدود. لكنها مفيدة لي في هذه المسافات التي أقطعها لأنني أستطيع تحميل قدر كبير من البضائع.

 

نشتري عموما 4 أو 5 دراجات نارية ونفكك واحدة أو اثنتين، ثم نوزع قطع الغيار في الأمتعة. ونملأ بقية الأكياس بأي بضائع ممكنة، أنا شخصيا أملؤها بالسجائر وزيت النخيل [غيري من المهربين يؤكدون أنهم ينقلون الأدوية]. ثم نحمّل كل هذا ونحكم ربطه بالحبال المتينة وغالبا ما يصل وزن الحمولة على الدراجة إلى مئة كيلوغرام تقريبا.

 

 

وعندما تجهز حمولتنا ننطلق في رحلة مسافتها 300 كيلومتر ونسافر عموما في جماعات. بائعو الدراجات النارية يمرون عادة من "الطريق النظامية" ويمرون بجمارك الحدود شمال البلد ولكنهم يبيعونها بأسعار أغلى منا نحن المهربين لأنهم يضطرون لدفع الرسوم الجمركية الغينية.

 

أنا أسلك طريق المنتزه العمومي للسنغال ولا أدفع إلا رسم العبور عند الحدود ويبلغ 20000 فرنك غيني [نحو 3 يورو] على كل دراجة نارية. نوع من "البقشيش".

 

ومن هذه الطريق أستطيع تفادي الدوريات السنغالية وأكون متيقنا من بيع دراجتي للأفراد العاملين في مناجم الذهب في كيدوغو لأنني أعرض سعرا أدنى من سعر السوق. وكل ما يمكن ربحه عدا ذلك فهو فائض.

 

لكن المشكلة هي أن هذه الرحلة كالجحيم. فحياتنا عرضة للخطر في كل لحظة. فليس هناك أي طريق آخر وعلينا أن نجتاز الأدغال وأحيانا الغابة دون أن نرى الأرض التي نسير عليها بدراجاتنا. هنا غالبا ما نسقط أو نصاب بجرح أو بكسر، وما من معين إلا الزملاء وهم لا يحسنون الإسعاف أو العلاج. أنا شخصيا أحمل علامات جروح في ذراعيّ وساقيّ ستظل مدى الحياة.

 

  

"نعيش دائما في خوف من أن نعود للبداية من الصفر"

 

 يمكن أن أتحدث عن ثلاثة مخاطر رئيسية. ثالث هذه المخاطر الحيوانات المفترسة التي نقابلها في المحمية الطبيعية وأساسا الثعابين التي تلدغنا عند الاقتراب من شجرة أو التماسيح. بعض الزملاء صادفوا أسودا أو فيلة واضطروا للعودة أدراجهم بالبضائع.

وثاني المخاطر، عبور الأنهار. إنها لحظة حاسمة وغالبا ما نضطر لوضع البضائع في الماء أولا وتوديعها مؤقتا أو إلى الأبد والمخاطرة بفقدان آلاف الفرنكات. وقبل تحميل البضائع لا نعرف إن كان قاربنا سينقلب في المياه. العديد من أصدقائي غرقوا وهم يحاولون إنقاذ بعض أكياس البضائع.

 

لكن ما أخافه أكثر هو بلا شك أفراد الدوريات السنغالية، فالويل لمن يقع في يدهم. إنهم يأخذون كل البضائع وفي حالة من أصل اثنين يمكن أن يدخلونه السجن. وطبعا يفقد الشخص كل ما جمّعه طوال سنوات لكي يخرج من هناك. ونحن نعيش دائما في خوف من أن نعود للبداية من الصفر.

 

المهربون وهم يفرّغون البضائع ليعبروا النهر.

 

لا أنصح أي أحد باحتراف التهريب، فهي مهنة مرهقة جسديا ونفسيا. من النادر أن أسافر أكثر من مرتين في الشهر. تختلف الأرباح باختلاف البضائع، لكن في أحسن الأحوال أستطيع الحصول على ربح يتراوح بين مليونين و3 ملايين فرنك غيني [بين 200 و300 يورو، فيما لا يتجاوز متوسط الرواتب في غينيا 555000 فرنك غيني، أي 53 يورو، حسب البنك الدولي]. لماذا أستمر في هذا العمل؟ لأنني دخلت هذه الدوامة وبسبب الطمع في المكسب والتعوّد. غير أني أحيانا أقول في نفسي إن الملايين التي أكسبها لا تساوي المخاطر التي أعرض نفسي لها.

 

الطريق الوعرة التي يسلكها المهربون.

"معظم من قابلتهم يريدون أن نلقي الضوء على ظروف عملهم"

سالي بيلالي سو طالب في علم الأحياء ويعيش في لابي. وقد قابل العديد من المهربين ومنهم ديالو مامادو. لكي نفهم هذا النوع من التهريب، يكفي أن نذهب إلى أماكن بيع الدراجات النارية وإلى بعض ورشات الدراجات في المدينة. الشباب يستغلون ضعف الفرنك الغيني مقارنة بالفرنك CFA لتحقيق الربح عبر بيع الدراجات في السنغال.

 

ما أذهلني هو أن هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و30 سنة مستعدون لأي شيء من أجل بضع ملايين من الفرنكات الغينية [مئات من اليوروهات].ومعظم من قابلتهم يريدون أن نلقي الضوء على ظروف عملهم مع اقتراب الانتخابات التشريعية.

 

إنهم لا يبحثون عن الأعذار ولكنهم يرون أن المشكلة الأكبر هي بطالة الشباب الأقل تأهيلا والذين يتوجهون بلا تفكير إلى هذا النوع من التهريب. [حسب وزارة الشباب وتوظيف الشباب والرياضة تبلغ نسب الشباب العاطلين ما دون 25 سنة في غينيا نحو 60%].

 

ترجمة: عائشة علون