مشروع أول "قرية بيئية" في مصر يُجهَض بسبب الأزمة التي تعيشها البلاد
منذ بضعة أشهر، عاش حي المقطم في القاهرة، وهو حي فقير جدا، تجربة فريدة من نوعها، فقد تخيلت بعض المنظمات أن في وسعها أن تجعل منه أول قرية بيئية في مصر وذلك بإضاءته كليا عن طريق الطاقة الشمسية. وكان فعلا بإمكان هذه المبادرة أن تغير نمط عيش سكانه لو لم تجمد الأزمة التي تعيشها البلاد كل شيء.
نشرت في: آخر تحديث:
إضاءة بواسطة الطاقة الشمسية في حي المقطم
منذ بضعة أشهر، عاش حي المقطم في القاهرة، وهو حي فقير جدا، تجربة فريدة من نوعها، فقد تخيلت بعض المنظمات أن في وسعها أن تجعل منه أول قرية بيئية في مصر وذلك بإضاءته كليا عن طريق الطاقة الشمسية. وكان فعلا بإمكان هذه المبادرة أن تغير نمط عيش سكانه لو لم تجمد الأزمة التي تعيشها البلاد كل شيء.
يقع حي المقطم على هضاب العاصمة وهو عبارة عن مزبلة في الهواء الطلق ويعرف بكونه "حي الزبالين". هناك أطلقت مؤسسة لوكس، التي تدعم المشاريع المعمارية البيئية، مشروعا للتهيئة العمرانية، وذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بالتعاون مع جامعة أومييا السويدية. وكان أحد محاور البرنامج إضاءة هذا الحي القابع في الظلام بإنشاء جهاز إنارة ممون بالطاقة الشمسية.
صورة من حي المقطم
"حالة عدم الاستقرار تسببت في تأجيل العديد من القرارات"
هاني عريان هو مدير مكتب جمعية حماية بيئة القاهرة في حي المقطم، وهي أحد الهياكل المحلية التي تساهم في المشروع.
كانت مؤسسة لوكس قد أنجزت مشاريع أحياء بيئية مماثلة في الهند، ثم اختارت المقطم لأنه أحد الأحياء الأكثر فقرا في القاهرة خاصة أنه لا يحظى بأية إضاءة عمومية. لم يكن هناك أي عمود كهرباء والإنارة الوحيدة في الشوارع تأتي من اللوحات الإعلانية لمحلات التجارة.
كانت فكرة المؤسسة أن تمنح الإمكانات اللازمة للعمل بالتعاون مع الفاعلين المحليين حتى بعث المشروع على أن تمسك السلطات المحلية بزمام الأمور فيما بعد. فالمشروع ليس ضربا من الصدقة وإنما عملية تهدف إلى وضع ديناميكية تشمل مساهمة السكان وجمعياتهم حتى لا يبقوا رهن الإعانة الخارجية.
جلسة عمل في كنيسة الحي
وفرت الجمعية إذن لوحات للطاقة الشمسية تمد مصابيح من صنع السكان بالكهرباء. وبما أن أغلب سكان حي المقطم أقباط فحضور الكنيسة هام، حيث ساهمت عدة جمعيات قبطية في تركيب لوحات الطاقة الشمسية على سطوح مختلف البنايات وهي التي تقوم إلى حد الآن بصيانة الأجهزة والعناية بها.
لوحات الطاقة الشمسية التي قامت مؤسسة لوكس بتوفيرها
"كان بإمكان مشروعنا أن ينتج فرص عمل في أحد أفقر أحياء القاهرة"
انطلقنا من مواد مستعملة لنصنع المصابيح الخاصة بإنارة الشوارع، وهي من خصوصيات حي السقاطين، والمواد التي صُنعت منها المصابيح هي في الأصل أغطية علب دهن قديمة أو تنكات مشروبات لأنها مواد تعكس أشعة الضوء. وقد وظفت جمعيتنا ثلاث نساء لصنع المصابيح.
أغطية العلب التي تُصنع منها المصابيح
قبل أيام من تركيب المصابيح قدمنا المشروع للسكان، حتى أن الكهنة تحدثوا عنه في خُطبهم في الكنيسة. وفي المساء الذي تم فيه وضع المصابيح كان الجميع في حالة حراك تام لأن الحدث كان هاما فقد غير تماما مظهر الشارعين الرئيسين اللذين تم العمل فيهما.
تركيب المصابيح في أحد الشوارع الرئيسية بالحي
كان محافظ القاهرة متحمس جدا ووعدنا بأن تقوم البلدية بكل ما في وسعها لتعميم المشروع على الحي بأكمله. إضافة إلى الإنارة كان من الممكن خلق فرص عمل وبالتالي تنمية الوعي بالمواطنة لدى السكان ذلك أن المشروع يمكنهم من المساهمة في تحسين نمط حياة الحي.
كانت المؤسسة تنوي أيضا إنشاء العديد من المشاريع المعمارية لصالح الحي لكننا لا نعرف تفاصيلها، وكل شيء الآن متوقف بسبب الأزمة التي تعرفها البلاد. فما دامت الميزانية الضرورية لتركيب لوحات شمسية أخرى ليست متوفرة، لا نقدر على مواصلة صنع المصابيح، فعدم استقرار السلطة التنفيذية بلغ درجة تسببت في تأجيل كل القرارات من هذا القبيل ونحن نتمنى أن يرجع الهدوء حتى يتسنى لنا مواصلة هذا المشروع غير المسبوق.
محافظ القاهرة موجود في عين المكان بمناسبة تركيب المصابيح برفقة كاهن الكنيسة وذلك في شهر نوفمبر الماضي.