تركيا

اعتقال محامين بالجملة في محكمة إسطنبول

 في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى حديقة غازي قرب ساحة تقسيم حيث وقف المتظاهرون في وجه قوات الشرطة، جرت اعتقالات في مكان آخر لا يخطر على البال: المحكمة الرئيسية في إسطنبول. والغريب في الأمر أيضا أن أغلب المعتقلين من المحامين.   

إعلان

القوات الخاصة التركية تلقي القبض على محام يتظاهر في محكمة إسطنبول. صورة نشرها على تويتر @asumandeniz.

  

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى حديقة غازي قرب ساحة تقسيم حيث وقف المتظاهرون في وجه قوات الشرطة، جرت اعتقالات في مكان آخر لا يخطر على البال: المحكمة الرئيسية في إسطنبول. والغريب في الأمر أيضا أن أغلب المعتقلين من المحامين.

 

لقد تجمع رجال القانون لحضور مؤتمر صحفي في نهاية الصبيحة بمحكمة شاغليان -من أكبر محاكم أوروبا. وكان هؤلاء المحامون يريدون الحديث عن أحداث ذلك الصباح الذي تعرض فيه المتظاهرون للهجوم من الشرطة في ساحة تقسيم، ثم في حديقة غازي. ورغم الأجواء السلمية للمؤتمر، ألقت قوات الوحدة الخاصة القبض على 50 شخصا على الأقل، حسب جمعية أنقرة بوروسو، وهي منظمة للقانونيين الأتراك.

 

وترى منظمة العفو الدولية أن 11 يونيو/حزيران من الأيام الأعنف منذ بداية المظاهرات في تركيا وأن قمع الشرطة يتواصل بلا أي ضبط حقيقي من السلطات التركية. وحسب هذه الجمعية فقد أصيب يوم الثلاثاء ما لا يقل عن 9 أشخاص في عدة هجمات نفذتها الشرطة في حديقة غازي.

   

في هذا الفيديو الذي نشره ozinkegliyin على يوتيوب يظهر المحامون المتظاهرون وهم يحاصرون، ثم يقتادون إلى الخارج.

"إذا اعتقلنا المدافعين عن المتظاهرين، فهل نحن في دولة القانون؟"

شتين سفس (اسم مستعار) محام لدى محاكم إسطنبول ولا يشارك في المظاهرات لكنه شاهد عيان على ما حدث.

  

تجمع مئات الأشخاص في البهو الرئيسي بالمحكمة. كان هناك متظاهرون وفضوليون وحتى محتجزون قيد التحقيق توقفوا ليروا ما يحدث. لم يكد المؤتمر الصحفي يبدأ حتى داهمت الشرطة المبنى وشرعت في محاصرة كل من كان يرتدي طقما وقميصا أبيض وربطة عنق، أي المحامين. ثم بدأ أفراد الشرطة بلا أي إنذار ضربهم على رؤوسهم. حاول المحامون الرد دفاعا عن أنفسهم لكن الشرطة ألقتهم أرضا وبدأت تقتادهم إلى الخارج.

 

حدث كل هذا بسرعة البرق في أقل من خمس دقائق. جرح العديد منهم واقتيدوا بالقوة إلى أقرب مخفر الشرطة دون أن يعرفوا السبب بالضبط [حسب الجريدة التركية Hurriyet، ألقي القبض على المحامين بسبب "مشاركتهم في المظاهرات"، ولم تعط الشرطة التركية أي تفاصيل أخرى].  

 

حاول أشخاص التدخل لكن قوات حفظ النظام صدّتهم. صورة نشرتها صفحة OccupyGezi على فيس بوك.

 

"نحن بصفتنا محامين نرى أن هؤلاء لم يعودوا من الشرطة التركية، بل أصبحوا أعداءنا."

 

أكثر ما يزعج الحكومة هم المحامون الشباب لدى محاكم إسطنبول. فالحكومة تعلم أنهم قادة محتملون لأن شخصياتهم قوية من جهة. ولأن عددا كبيرا من المحامين الذين ألقي عليهم القبض هذا الصباح دافعوا عن قضايا المتظاهرين المعتقلين خلال هذين الأسبوعين الأخيرين، من جهة أخرى. أنا أرى أن ما حدث انتهاك مباشر للعدالة: إذا اعتقلنا المدافعين عن المتظاهرين، فهل نحن في دولة القانون؟

 

ولقد كانت هذه ثالث مرة ينظم فيها المحامون تجمعات منذ بداية المظاهرات. ويوم 5 يونيو/حزيران الماضي، شكلوا بصفة رمزية "سلسلة بشرية" للتنديد بسياسة الحكومة وانتهاك حقوق الأساسية في التظاهر. ولم تحدث أي مشكلات آنذاك! إن تعدي الشرطة على ممثلي العدالة يدل على أن الحكومة مستعدة الآن لكل شيء كي تخرس المتظاهرين. واليوم عندنا الدليل أننا نعيش في بلد استبدادي. نحن بصفتنا محامين نرى أن هؤلاء لم يعودوا من الشرطة التركية، بل أصبحوا أعداءنا.

 

في 5 يونيو/حزيران تجمع المحامون للتعبير عن تأييدهم للمتظاهرين دون أن يلقى عليهم القبض. صورة Seda Kılıç.

حررت هذه المقالة بالتعاون مع ألكساندر كابرون (@alexcapron)، صحافي في فرانس 24 ببرنامج "مراقبون".

 

ترجمة: عائشة علون