شهادة لاجئ من القصير: "مدينتي باتت خاوية على عروشها"
نشرت في: آخر تحديث:
استعادة مدينة القصير، قلعة المعارضة المسلحة، كانت مسألة حاسمة بالنسبة للجيش السوري. وكانت المعارك في تلك المدينة ضارية، مما جعل العديد من السكان يتركون المدينة كلما تيسر لهم، هربا من أهوال العنف كما يروي أحد مراقبينا اللاجئين في لبنان.
صورة من مخيم عرسال حيث لجأ السوريون الذين فروا من معركة القصير.
استعادة مدينة القصير، قلعة المعارضة المسلحة، كانت مسألة حاسمة بالنسبة للجيش السوري. وكانت المعارك في تلك المدينة ضارية، مما جعل العديد من السكان يتركون المدينة كلما تيسر لهم، هربا من أهوال العنف كما يروي أحد مراقبينا اللاجئين في لبنان.
استمرت المعركة بين الجيش النظامي ومقاتلي المعارضة من 19 مايو/أيار إلى 5 يونيو/حزيران، وخلفت على الأقل 500 قتيل و1500 جريح، كما تسببت في موجة نزوح، عبر بعض اللاجئين الحدود اللبنانية متوجهين إلى عرسال وهي بلدة تقع في منطقة البقاع، أغلبية سكانها من السنة. أما بقية اللاجئين مكثوا في القرى المجاورة للقصير. وتحُول هجمات الجيش السوري الحر على الأراضي اللبنانية دون وصول أعضاء المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى عرسال، بحيث لا يمكن الحصول على أرقام صحيحة لعدد اللاجئين السوريين في المنطقة.
خافيير اسبينوزا، صحافي من الجريدة اليومية الاسبانية "الموندو" يوجد في عرسال وقد نشر على موقع تويتر محاوراته مع لاجئين سوريين تمكنوا من الهروب من القصير :
Old lady: to flee #Qusair we had to break the wall of basement where we were hidding,women/children with stones and hammers #Ersal #Syria
— Javier Espinosa (@javierespinosa2) 7 juin 2013
امرأة مسنة :" لكي نتمكن من الهروب من القصير عمدنا إلى تحطيم جدران الأقبية حيث كنا نختبئ نساء وأطفالا، ضربا بالمطرقة".
Same old lady: we had to walk for 12 hours,hiding among the trees,covering kid's mouths to stop them crying,we were 100s #Ersal #Syria
— Javier Espinosa (@javierespinosa2) 7 juin 2013
نفس المرأة المسنة: " كان لا بد أن نمشي طوال اثني عشرة ساعة متوارين بين الأشجار ونحن نشد على أفواه الأطفال حتى لا يُسمع بكاؤهم. كان عددنا بالمئات..."
"دامت رحلتنا يوما ونصف اليوم وركبنا ثلاث سيارات لكي نصل أخيرا إلى عرسال"
عبد الرحمن المصري لاجئ من القصير في عرسال.
حرصت على أن أضمن سلامة عائلتي قبل أن يدخل الجيش النظامي إلى المدينة، فنظمت هروب والدي وكذلك النساء والأطفال، ثم لحقنا بهم أنا وشقيقي، وقد وصلنا إلى عرسال منذ أسبوع.
في الأيام الأخيرة، لم نعد نرى جنود الجيش السوري الحر داخل القصير إلا من وقت إلى آخر، فقد كانت مجموعات منهم تنسحب من المدينة قبل أن تعود إلى الجبهة. لكن المدينة بدورها كانت تقصف باستمرار إلى أن أصبحت مع مرور الأيام شبح مدينة، خاوية على عروشها، حتى أن المواد الغذائية أصبحت نادرة الوجود. لكننا صمدنا إلى حد ذلك اليوم الذي سقط فيه صاروخان على حيّنا. آنذاك قررنا أن نرحل.
مدينة القصير خلال الأيام الأولى من القصف
"كان لا بد لنا من الرحيل مشيا، فدوي المحرك أو ضوء السيارة يعني التعرض إلى القتل المؤكد"
كانت نقطة الخروج من المدينة تحت حماية عناصر من الجيش السوري الحر. لكنهم نصحونا بالرحيل مشيا عبر مسالك ملتوية لأن دوي المحرك أو ضوء السيارة يعني تعرضنا إلى القتل المؤكد.
مشينا نحو الشرق مدة أربع ساعات تقريبا حتى بلدة شمسين. هناك التقينا أقارب لنا صاروا يعملون على تهريب الأهالي منذ بداية المعركة. أعارونا سيارة توجهنا بها جنوبا نحو بلدة قاره. كنا نتوقف من حين إلى آخر إما لنرتاح قليلا أو لنغير السيارة، ثم عبرنا الحدود اللبنانية بصفة غير قانونية. دامت رحلتنا يوما ونصف اليوم واستعملنا ثلاث سيارات لنصل في النهاية إلى عرسال.
خارطة المنطقة حيث نرى موقع المدن الثلاثة : القصير، قاره وعرسال (النقطة الحمراء )
أنا فرح بلقاء أهلي وبكوننا جميعنا على قيد الحياة وفي صحة جيدة، لكن الحياة هنا ليست سهلة، فنحن 12 شخصا ونعيش تحت خيمة واحدة منذ وصولنا إلى هنا. وقد كنت أخذت معي كل المال الذي جمعته ومنه نعيش الآن في انتظار أن تأتي المساعدات.
عدد الذين وصلوا إلى عرسال في الأيام الأخيرة ليس كبيرا، فأغلبية السوريين من منطقة حمص هربوا منذ مدة طويلة. عمي مثلا وصل إلى هنا منذ أربعة أشهر. في الأول كان سكان عرسال يقدمون المساعدة للاجئين لكن مع دوام الحال بدؤوا يسأمون من وجودنا. ثم إن عرسال تقع في منطقة البقاع بالقرب من بعلبك، قلعة حزب الله. ما يجعل السكان هنا يخشون أن يهاجم مقاتلو حزب الله بلدتهم بسبب استقبالهم لنا.
خيم اللاجئين في عرسال.
حرر هذا المقال بالتعاون مع سارة قريرة(@SarraGrira) صحافية في قناة فرانس 24.