الحرب تمر إلى تركيا واللاجئون السوريون لا يزالون يدفعون الثمن
يظهر شريط فيديو أن أتراكا هاجموا بعنف لاجئين سوريين بعد دقائق قليلة من الاعتداء الذي تعرضت له مدينة الريحانية التركية الواقعة على الحدود مع سوريا. وتروي امرأة سورية حضرت الحادثة هلع أبناء بلدها الذين يرون أن الدولة التركية تخلت عنهم. ...
نشرت في: آخر تحديث:
شباب أتراك يحطمون سيارة سورية
يظهر شريط فيديو أن أتراكا هاجموا بعنف لاجئين سوريين بعد دقائق قليلة من الاعتداء الذي تعرضت له مدينة الريحانية التركية الواقعة على الحدود مع سوريا. وتروي امرأة سورية حضرت الحادثة هلع أبناء بلدها الذين يرون أن الدولة التركية تخلت عنهم.
وقد أسفر تفجير يوم السبت في الريحانية عن 46 قتيلا وخسائر مادية فادحة. وتتهم أنقرة دمشق بالضلوع في تنفيذ هذا الاعتداء الذي تم بعد ثلاثة أيام من إعلان رئيس الحكومة التركية تأييده لإنشاء "منطقة حظر جوي" في سوريا.
وتركيا تأوي أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يقدر بحوالي أربعة مئة ألف شخص، حسب السلطات التركية، وبمئتين وستين ألف شخص حسب الأمم المتحدة. وتعد مدينة الريحانية 60 ألف ساكن وتأوي بمفردها 25 ألف لاجئ. وقد كانت حكومة رجب طيب أردوغان الإسلامية من أوائل من أيدوا الانتفاضة السورية مما جعل عددا من الأتراك يوجهوا لها الانتقاد خوفا من جر النزاع إلى الأراضي التركية، خاصة وأن توافد اللاجئين أصبح يمثل مشاكل أمنية للسلطات المحلية.
سكان المنطقة الحدودية مع سوريا عرب، أغلبهم مسيحيون وأكراد مع عدد من أقليات أخرى، يتواجدون على جانبي الحدود. كما تعد تركيا 12 مليون علوي أغلبهم في منطقة سنجق الاسكندرونة من ولاية الهاتاي التي منحتها فرنسا زمن انتدابها على سوريا إلى تركيا سنة 1939، في عهد أتاتورك.
وكانت الاصطدامات مستمرة في تركيا بين الأقلية العلوية والأغلبية السنية منذ عقود، آخرها حادثة سيفاس، التي أودت في عام 1993 بحياة خمسة وثلاثين مفكر علوي في حريق أولعته جماهير معادية. فالأزمة الحالية بين العلويين الأتراك واللاجئين السوريين تعكس تفاقم توتر تاريخي كان قائما بين الطائفتين.
"إنهم يعلنون عن أسماء القتلى بمضخمات الصوت ونحن نخشى التعرض من جديد للاعتداءات"
أم عبده لاجئة سورية تعيش وتعمل في الريحانية
أتيت إلى الأراضي التركية منذ ما يقارب الخمسة أشهر صحبة زوجي وأبنائي الخمسة. نحن من منطقة إدلب، وهذه هجرتنا الثانية فقد غادرنا في الأول قريتنا إلى مدينة إدلب ومنها توجهنا إلى الريحانية في تركيا.
من الصدف أن النزل الذي أشتغل فيه منذ شهرين يقع في نفس الشارع الذي حدث فيه الاعتداء. كانت الانفجارات عنيفة هزت كل الواجهة الزجاجية وبقيت أنا في مكاني بلا حراك فترة قبل أن أستوعب ما جرى.
فيديو تم تصويره بعد دقائق من الانفجارين ونشر يوم السبت 11 مايو 2013
إن الأهالي هنا تحت وطأة الصدمة وهم يسلطون نفورهم علينا فأنا وعائلتي حبيسي النزل منذ يوم السبت لا نجرؤ على مغادرته خوفا من الأعمال الانتقامية، وهي حال كافة اللاجئين السوريين في المدينة، لا يجرؤ أحد على الخروج. ولقد تفاقم التوتر اليوم لأنهم يعلنون عن أسماء القتلى بمضخمات الصوت ونحن نخشى التعرض من جديد للاعتداءات، في نفس الوقت أنا أتفهم ردة الفعل، فهم في ديارهم ونحن هنا ضيوف نحمل مشاكلنا معنا
شباب أتراك من الريحانية يعتدون على سيارات تحمل أرقام تسجيل سورية
في البداية كان استقبالنا من قبل الأهالي والدولة التركية حسنا فقد حرصت الدولة على مساعدتنا، لكن إحساس بالنفور بدأ يسود منذ بضع أشهر خاصة أن الاعتداء الذي تعرض له باب الهوى منذ ثلاثة أشهر ذكر الجميع أن الحرب يمكنها تجاوز الحدود.
"الأتراك يخشون عملاء النظام السوري المندسين"
مساعدة تركيا للاجئين ليست كافية بتاتا وهي تتقلص يوما بعد يوم بحيث أصبح وضعنا متداعيا جدا. كالعديد من السوريين استأجرنا مسكنا في المدينة، فزوجي موظف وكان لدينا القليل من المال، سوى أنه لم يكن أحد يعلم أن الوضع كان سيستمر طويلا. خلال الأشهر الأولى كنا ندفع إيجارا قدره 300 ليرة تركية [127 يورو] لكن مع قدوم السوريين الأثرياء من حلب تضاعفت أسعار الإيجار وكل الحاجيات في المدينة بأكملها. هناك أُناس يريدون استغلال شقائنا.
أفلسنا الآن ولم يعد لزوجي شغل وأبنائي الذين يتراوح سنهم بين الخمس سنين والخمسة عشر لا يذهبون إلى المدرسة لأن المدارس القليلة التي تقبل السوريين تتطلب نفقات، وغيرها من التي تم فتحها في المخيمات لا تقبل إلا أطفال سكان المخيمات.
ثم إن مساعدات الدولة التركية توقفت تماما منذ شهرين، فقد أصبحت السلطات شديدة القسوة على المواطنين السوريين الذين لا يحملون أوراقا قانونية أو جوازات سفر، بينما لم تكن الحال كذلك من قبل. يخشى الأتراك عملاء النظام السوري المندسين، وهم على حق، نحن أيضا نخافهم... لكننا أصبحنا نخاف الأتراك كذلك.
تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع وسيم نصر (@SimNasr) صحافي في قناة فرانس 24