جوليان بان...صحافي في فرانس 24 يصبح "محتالا" دون علمه
نشرت في: آخر تحديث:
ربما كانت الحكاية ستكون طريفة لولا أنها قذرة. جاءني يوم الجمعة الماضي اتصال هاتفي من رجل خاطبني بشكل مباشر: "هل أنت من يبعث لي تهديدات بالبريد الإلكتروني؟"، ثم تابع موضحا: "يتعلق الأمر بفيديو أظهر فيه عاريا تماما". وتابعت المكالمة معه متوجسا ومحاولا تركيب وقائع ما تعرض له هذا الرجل.
ربما كانت الحكاية ستكون طريفة لولا أنها قذرة. جاءني يوم الجمعة الماضي اتصال هاتفي من رجل خاطبني بشكل مباشر: "هل أنت من يبعث لي تهديدات بالبريد الإلكتروني؟"، ثم تابع موضحا: "يتعلق الأمر بفيديو أظهر فيه عاريا تماما". وتابعت المكالمة معه متوجسا ومحاولا تركيب وقائع ما تعرض له هذا الرجل.
اتضح أن "محتالا" - شخص من ساحل العاج متخصص في النصب عبر الإنترنت- يحاول انتحال شخصيتي ليبتز أموال بعض مستخدمي الإنترنت السذج. والقضية محبوكة جدا وتدور حول فتاة تتصل بضحيتها المفترضة عبر موقع مجتمعي محلي وهنا يتعلق الأمر بموقع Badoo.com. وحالما تقع الضحية في المصيدة تقترح الفتاة المزعومة مواصلة الحديث عبر كاميرا الويب. وتبدأ المحادثة ويشرع المحتال في زيادة الإثارة فيعرض على مستخدم الإنترنت –ولنسمه مثلا روبرت- فيديو جنسيا إباحيا. فيتهيج روبرت ويخلع ملابسه وهنا لن أخوض في تفاصيل المشهد. لكن ما يجهله هذا الشخص هو أن المحتال يسجل المشهد كله بكاميرا الويب.
وقد يكتفي المحتال بأن يطلب مالا مقابل إعادة الصور للشخص المعني. لكن الابتزاز أخبث من ذلك. لكي ينهب المحتال الأموال يتصل من جديد بروبرت وينتحل شخصية أحد ما ويبدو أنه يفعل ذلك ليعطي مصداقية لتهديداته. وهذا كان سبب تورطي المزعوم...
فيما يلي نص رسالة يزعم أن جوليان بان من فرانس 24 قد أرسلها إلى روبرت.
مرحبا،
السلطات الدولية للصحافة الإعلامية وفرانس 24 تعلمكم بأحدث تحميل لهذا الفيديو على النت. وتندد بعملكم هذا غير المقبول والمخالف لقواعد الاستخدام. وإذا لم تحذفوا أنتم شخصيا الفيديو الخاص بكم بسرعة في غضون أجل أقصاه 24 ساعة طبقا للمادة 70، فقد تقرر المحكمة إدخال ما تراه ملائما من تعديلات على هذا القانون التأسيسي بواسطة بيانات مكتوبة ترسل إلى الأمين العام بغرض النظر فيها وفقا لأحكام المادة 69. وإن فرانس 24 وجميع المتعاونين معها سيعرضون الفيديو الخاص بكم على الإنترنت بعد ملاحقة قضائية قانونية بحقكم. فأنتم تعرفون جيدا أن هذا العمل تتيسر مشاهدته للجميع من أطفال وكبار وغيرهم من الأشخاص سريعي التأثر.
جوليان بان، نائب رئيس التحرير، مستعد لأي مقابلة أو تعاون.
وإني أنتظر ردكم بأسرع ما يمكن قبل أن تتولى هذه القضية السلطات المختصة وسفارة بلدكم والشرطة.
وتقبلوا تحياتي. السيد جوليان.
وبكلام يشبه كلام أهل القانون، أعطي الأمر إلى الضحية بحذف الفيديو المصور بواسطة كاميرا الويب من على الإنترنت. وهذا يربك مستخدم الإنترنت ظنا منه أن الفيديو قد تسرب إلى الإنترنت، فيرسل إذا رسالة لتوضيح الأمر. وقبل أن يتصل بي رد على البريد الإلكتروني الذي وصله من "جوليان بان" المزعوم والمرسل من عنوان france24@yahoo.fr، وقد وصله رقم هاتف إيفواري. لم أستطع المقاومة فاتصلت بالرقم ومن حسن حظي استطعت الحديث إلى..."جوليان بان" المزعوم. وهذا تسجيل المكالمة الغريبة.
أثناء المكالمة الهاتفية أكد لي النصاب أنه فعلا "جوليان بان" الصحافي في فرانس 24. فمثلت عليه بأنني روبرت، ثم أخذ يوضح لي بأسلوب معقد أسباب اتصاله بي. يبدو إذا أن
الفيديو المشبوه سينشر على الإنترنت وأنه الوحيد الذي يستطيع منع ذلك. وأكد لي أنني إذا لم أتّبع تعليماته سيعرض المشاهد على فرانس 24 أيضا. وانتهت المكالمة بأن طلب مني أن أرسل إليه في أسرع وقت 250 يورو كي يستطيع شراء بطاقة هاتفية من تلك "المدفوعة سلفا" وبهذا أسوّي هذه القضية.
ربما تبدو عملية النصب واضحة ومخبولة. البريد الإلكتروني الذي أرسله المحتال مليء بالأخطاء الإملائية وغير متسق. فهو يبدأ بعبارة لا معنى لها: "السلطات الدولية للصحافة الإعلامية وفرانس 24". وتصبح الرسالة طريفة إذا لاحظنا أن نص القانون الذي يستشهد به النصاب هو المادة ...69 المزعومة. ثم، ما الذي يدفعني أنا أن أتدخل في هذه القضية باسم فرانس 24؟ أمر غريب.
ونجد إشارات عديدة واضحة على أن الرسالة ملفّقة. ورغم أن عملية النصب موفقة وبعض الأشخاص وخاصة منهم السذج أو من هم في محنة يفضلون دفع المال بدل الوقوع في المشاكل. كم من روبرت وصلتهم هذه الرسالة المنسوبة إلي؟ وكم دفعوا؟ مستحيل حاليا معرفة ذلك.
لقد أكد روبرت أنه عرض حالته على سلطات الدرك التي أجابته أنه حاليا لم يحدث أي عمل مخل بالقانون وأنه لا يمكن تقديم أي شكوى. ومن جهتي سأرفع شكوى عن طريق القسم القانوني لفرانس 24 بتهمة انتحال الشخصية. ويبدو أيضا أن أسماء صحافيين آخرين في قناتنا قد استخدمت في عمليات نصب مشابهة. وأعدكم أن أبلغكم في حال حددت هوية المحتال "جوليان بان".