سوريا

هل ما زال المجلس الوطني أفضل ناطق باسم المعارضة السورية؟

 منذ أن أنشئ المجلس الوطني في تشرين الأول/أكتوبر 2011 وهو أفضل متحدث مع المجتمع الدولي ويسعى قدر المستطاع إلى أن يكون للمعارضة السورية صوت واحد. لكن عندما يتعلق الأمر بتحديد الاستراتيجية العسكرية التي ينبغي اتباعها، تتبخر هذه الوحدة.

إعلان

لافتة يحملها أ حد المتظاهرين في حي المزة بدمشق يوم 7 آذار/مارس.

 

منذ أن أنشئ المجلس الوطني في تشرين الأول/أكتوبر 2011 وهو أفضل متحدث مع المجتمع الدولي ويسعى قدر المستطاع إلى أن يكون للمعارضة السورية صوت واحد. لكن عندما يتعلق الأمر بتحديد الاستراتيجية العسكرية التي ينبغي اتباعها، تتبخر هذه الوحدة.

 

ويتمحور التمثيل السياسي للمعارضة السورية حول مركزين أساسيين. الأول هو هيئة التنسيق الوطنية القائمة في دمشق التي كانت لفترة تنادي بحوار مع بعض عناصر النظام وتعارض أي تدخل عسكري أجنبي. ويرى بعض المتظاهرين أن هذه الهيئة لعبة في يد السلطة الحاكمة.

 

والثاني هو المجلس الوطني السوري المؤيد من أغلبية المتظاهرين والمعترف به من فرنسا وإسبانيا وليبيا على أنه ممثل شرعي للشعب السوري. وإن 100 من أصل 230 من أفراده مقيمون حاليا في سوريا لكنهم يحرصون على عدم ذكر هوياتهم. ومنذ أن أنشئ المجلس وهو يرفض أي حوار مع النظام السوري. أما فيما يتعلق بالموقف من التدخل العسكري الأجنبي، فإن رئيس المجلس، برهان غليون، طالما قال إنه لا يرفض أي هذا الخيار لحماية الشعب السوري، لكنه لم يحدد أي توجّه واضح.

 

وبعد اجتماع أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس العاصمة في 24 شباط/فبراير، وجه أعضاء من المجلس، ومعظمهم يؤيدون فكرة تسليح المعارضة، اتهاما إلى برهان غليون بأن تردده مبالغ فيه. وبعد ذلك بيومين، أنشأ عدة أعضاء فرعا جديدا منشقا أسموه جبهة تحرير سوريا.

 

وردا على الانتقادات أعلن برهان غليون في 1 آذار/مارس عن إنشاء مكتب للتنسيق العسكري داخل المجلس من شأنه، على حد قوله، أن يحدد استراتيجية الجيش السوري الحر ويشرف على مدّه بالسلاح.

 

غير أنه سرعان ما ظهرت الخلافات حول أهداف المكتب نفسها. إذ إن عقيل هاشم، المستشار العسكري للمعارضة وعضو المكتب الجديد ترك المجلس الأسبوع الماضي بعد أن أخبره برهان غليون بأن طلب تدخل عسكري خارجي لا يندرج في أهداف هذا المكتب. وهذا التدخل يعتبره كل من المستشار العسكري وعدد من أعضاء المجلس ضروريا.

"المجلس يدفع ثمن أخطائه السابقة. ما كان عليه أبدا أن يلمح بإمكانية تدخل عسكري"

رامي الجراح معارض سوري لاجئ في القاهرة منذ تشرين الأول/أكتوبر. ويعرف باسمه المستعار @AlexanderPageSY.

 

المجلس يمر فعلا بمأزق منذ مؤتمر تونس الذي لم يسفر عن اتفاق على المنهج التي ينبغي اتباعه. أنا ارى أنه يدفع ثمن أخطائه السابقة. ما كان عليه أبدا أن يتخيل ويلمّح للشعب السوري الذي يعيش القمع يوميا بإمكانية تدخل عسكري دولي في سوريا. [أكد برهان غليون مرارا أنه لا يستبعد أي خيار، ملمّحا إلى أن التدخل العسكري الخارجي حل من الحلول الممكنة ثم عاد ليغير استراتيجيته. والعديد من أعضاء المجلس ما زالوا يطالبون بهذا التدخل]. وهذه النتيجة العقيمة أثرت في مصداقية المجلس عند السوريين والعديد منهم أصيب بخيبة أمل. لذلك تسعى بعض الشخصيات نحو جهات أخرى [مثل عقيل، المستشار العسكري للمجلس] لأنها لا تودّ الارتباط بمجلسٍ يعتبر اليوم ضعيفا.

 

وبصفة عامة، لم يكن الحظ ولا الظروف أبدا في صف المجلس. المشهد الجيوسياسي المتأزم في المنطقة، إذ نجد مسألة القرب الجغرافي من بلد حساس مثل إسرائيل وعلاقات الحكومة السورية مع حزب الله اللبناني [وهو تنظيم إرهابي حسب المجتمع الدولي] والتحالفات القوية مع بلدان كإيران وروسيا، وكل هذا لا يرجح في الحقيقة كفة التدخل. ولهذه الأسباب نفسها فإن التفكير في مساعدة عسكرية في هذا السياق أمر سابق لأوانه.

وبخلاف سوريا، فقد كان حظ المعارضة الليبية أوفر منا وقد سارت الأمور بسرعة فائقة. لكنني متيقن من أنه لو انتظر الناتو بضعة أشهر قبل أن يتدخل، لحدثت نزاعات أيضا في صفوف المعارضة الليبية. هذا ليس استثناء في الأزمات.

 

"وجود تعاون وثيق ومنظم مع الجيش السوري الحر يمكن أن يشجع جنودا في الجيش النظامي على الانشقاق"

 

لتحسين الوضع، يجب اليوم على المجلس أن يغير استراتيجيته ويطلب أمورا ممكنة مثل العزل السياسي التام للنظام يطبق عبر طرد السفراء السوريين المعتمدين في الخارج. ومن ناحية أخرى يتعين على المجلس أن يثبت بوضوح قيادته لحركة الاحتجاج وأن يوجّه مطالب المتظاهرين بدل أن ينقاد لها. ويجب أن يكون أكثر حزما في وضع المنهج الواجب اتباعه.

 

وأرى أن المعارضة حاليا تضاعف جهودها في هذا الاتجاه. مثلا فكرة إنشاء مكتب عسكري لا بأس بها. فإذا لم يعد التدخل الدولي مطروحا ولم يعد للمتظاهرين حول ولا قوة أمام أسلحة بشار الأسد، لم يبق لنا إلا تنسيق الجيش السوري الحر الموجود وتعزيزه. لكن إذا استطعنا أن نتعاون مع الجيش الحر وأن ننشئ جهة تنسيق وقيادة متينة فسيتشجع الجنود في الجيش النظامي على الانشقاق للالتحاق بصفوفنا. وختاما، سيكون أسهل على المعارضة أن تضبط هؤلاء الرجال المسلحين على المدى البعيد.

 

السؤال اليوم هو معرفة مدى استعداد قيادة الجيش الحر للتعاون مع المجلس. [قائد الجيش الحر رياض الأسعد أعلن أن مكتب التنسيق أنشئ دون مشاورة معه وأن الجيش الحر لا يحتاج إلى "مستشارين استراتيجيين"]. لهذا يتعين على المجلس أن يواصل فرض نفسه بوضوح على أنه المتحدث الحتمي في الخارج. ورغم النزاعات فالأمور تنحو نحواً لا بأس به."

"وجود نزاعات داخل المجلس والمعارضة بصفة عامة أمر عادي. والمهم هو أن نتفق على مسألة واحدة هي ضرورة إسقاط النظام"

رامي ناشط في حمص.

 

إننا نطالب منذ فترة بوجود مكتبين داخل المجلس: واحد سياسي وآخر عسكري. وعلى العسكري أن يعنى بتنسيق جيش المعارضة ميدانيا. لذلك فقرار برهان غليون بإنشاء هذا المكتب الجديد يرضينا. وسنظل نهتف في المظاهرات "المجلس يمثلني" "والجيش الحر يحميني" ونطالب بتسليح الجنود المنشقين. وإن وجود نزاعات داخل المجلس والمعارضة بصفة عامة أمر عادي. والمهم هو أن نتفق على مسألة واحدة هي ضرورة إسقاط النظام.

 

إنشاء مكتب عسكري دليل على أن التواصل دائم بين الجيش الحر والمجلس وهذا إيجابي. وصحيح أن المجلس لا يملك بالضرورة الإمكانيات لأداء كل المهام التي كلف بها هذا المكتب مثل ضبط وصول الأسلحة إلى الحدود (لا يمكن لأي سلطة أن تفعل ذلك بكل الأحوال ولا حتى السلطة الحالية)، لكن هذا المكتب الجديد وسيلة جيدة لضمان دعم الجيش الحر على المدى البعيد."