ناشط سوري لاجئ في مصر يروي قصة فراره ونضاله
مستخدمو الإنترنت يعرفونه باسم Alexander Page، الاسم المستعار الذي كان يستخدمه عندما كان لا يزال في سوريا. إنه رامي الجراح، 27 سنة، وقد كان في مقدمة من يصورون وينشرون مشاهد نادرة جدا للمظاهرات في بداية حركة الاحتجاجات. واليوم هو لاجئ في القاهرة ويواصل نضاله لتوصيل الأخبار عن سوريا التي لا ترخص إلا لقليل من الصحفيين بالدخول إلى البلد.
نشرت في: آخر تحديث:
رامي الجراح خلال مظاهرة في القاهرة في مصر حيث هو لاجئ.
مستخدمو الإنترنت يعرفونه باسم Alexander Page، الاسم المستعار الذي كان يستخدمه عندما كان لا يزال في سوريا. إنه رامي الجراح، 27 سنة، وقد كان في مقدمة من يصورون وينشرون مشاهد نادرة جدا للمظاهرات في بداية حركة الاحتجاجات. واليوم هو لاجئ في القاهرة ويواصل نضاله لتوصيل الأخبار عن سوريا التي لا ترخص إلا لقليل من الصحفيين بالدخول إلى البلد.
كان رامي الجراح يعيش في دمشق عندما اندلعت المظاهرات المناهضة لنظام بشار الأسد في آذار/مارس الماضي. رامي يتقن التحدث بالإنجليزية وقد اتصل بسرعة بعدة قنوات دولية كبيرة ليحكي يومياته بصفته من الناشطين، ثم سجل حسابه @AlexanderPageSY. وفي منتصف تشرين الأول/الثاني بعد أن اكتشفت السلطات السورية هويته الحقيقية اضطر للهروب من بلده مع أسرته. وهو حاليا يعيش في القاهرة في مصر ومن هناك يواصل نضاله عبر ربط الاتصال بين وسائل الإعلام والناشطين ميدانيا.
"حبست في مكان خانق لمدة ثلاثة أيام ومنع عني الأكل والنوم والجلوس"
والداي سوريان لكني ولدت في قبرص. بعد ذلك عشنا لفترة في المملكة المتحدة إلى أن بلغت السابعة عشرة من عمري، ثم ذهبت إلى الإمارات العربية المتحدة كي أدرس الصحافة. لم أكن أنوي العيش في سوريا، لكن في 2004 عندما سافرت إلى هناك لأول مرة قبضت عليّ قوات الأمن. حتما بسبب أن والديّ معارضان معروفان للنظام. وقبل أن يغادرا البلد نددا بالفظاعات التي ارتكبها الجيش السوري في لبنان. والسبب الآخر هو أنني كنت أحمل جواز سفر من السفارة السورية في لندن اتهمتني السلطات بتزويره. ولذلك أجبرتني السلطات بالمكوث إلى أن تجهز أوراقي الجديدة. وقد استغرق ذلك ثلاث سنوات فاضطررت للاستقرار هناك.
عملت رئيس قسمٍ في شركة استيراد وتصدير مقربة من النظام. وفي بداية حركة الاحتجاجات طلب مني مديري تنظيم تجمع لتأييد الحكومة. فرفضت واستقلت. ولحسن حظي كنت صديقا له فلم يفضحني. لكن غيري ألقي عليهم القبض.
وعندما بدأت تنظم مظاهرات أكبر مناهضة للنظام، كنت أذهب للمشاركة وأحمل كامرتي. صورت أفراد المخابرات وهم يضربون المتظاهرين ونشرت الصور على الإنترنت. وقبض علي لعدة أيام في 25 آذار/مارس خلال إحدى المظاهرات، ثم حبست في مكان خانق ومنع عني الأكل والنوم والجلوس لمدة ثلاثة أيام. وطبعا ضربوني. لكن مقارنة بغيري، يمكن القول إنهم عذبوني بطريقة معقولة.
"التلفزيون السوري اتهمني بأني جاسوس وبأنني من المثليين. ما أدراني ما السبب"
وعندما أفرج عني وجدت نفسي أكثر في المعمعة وبداخلي حنق كبير. وخلال مظاهرة من المظاهرات رأيت قوات الأمن تطلق النار على الجموع. وعملا بنصيحة أحد الناشطين قررت أن أحكي هذه الحكاية على قناة الجزيرة. وقد سألني الصحفيون هناك عن الاسم المستعار الذي أريده وحينها كنت أشاهد قناة MSNBC التي كانت تذيع مقابلة مع مغنّ اسمه Alexander Page. فاخترت هذا الاسم. وبعد بضعة دقائق، اتصلت بي قناة "سي إن إن" واستخدمت الاسم نفسه. بعد ذلك سجلت حساب تويتر AlexanderPageSY. لكن في نهاية المطاف فهذا الخيار لم يخدمني كثيرا لأنه بسبب هذا الاسم وبسبب لكنتي ظن البعض أني بريطاني وأحاول التظاهر بأنني سوري!
وقد وضعنا مع بعض الناشطين الآخرين شبكة للأشخاص الذين يربطون اتصالات بوسائل الإعلام في العالم كله. ونحن نصور الفيديوهات وننشرها. وسرعان ما بدأ اسم Alexander Page يذكر في القنوات الرسمية السورية. وقد اتهمني الصحفيون بأنني جاسوس وبأنني من المثليين. ما أدراني ما السبب؟
في بداية أيلول/سبتمبر ألقي علي القبض في حاجز فاحتدم الكلام مع أفراد المخابرات الذين كانوا في عين المكان. وقالوا لي: "إذا لم تسكت سنقتلك". وأخبرني صديق بأنه إذا كانت السلطات هي من أرسلتهم لكي يجدونني ولم أبلّغ عن هذا الحادث فسيكون الأمر مريبا. لكن بعد أن بلّغت عن هذا التهديد لشخص ذي صلة بالمخابرات، لم تتوقف السلطات عن مراقبتي. وكانت هناك في كلما كنت أخرج فلم أعد أذهب إلى المظاهرات.
"قال لي: ‘ارحل فورا فقد قرروا مداهمة بيتك غدا صباحا’"
شعرت بالقلق فاتصلت بمصدر موثوق داخل المخابرات لأني كنت أريد أن أعرف إذا كان اسمي على قائمة من القوائم المحتملة. هذا الشخص قال لي: "ارحل فورا فقد قرروا مداهمة بيتك غدا صباحا". أخذت بعض المال وجمعت أسرتي واتجهنا إلى الحدود الأردنية. كنت خائفا جدا أن يكون اسمي موجودا على قائمتهم أيضا، لأن 000 50 شخص مطلوبون اليوم في سوريا، بعضهم مطلوب أكثر من بعض. ومن حظنا أننا استطعنا العبور. ثم ذهبنا إلى مصر حيث لنا أهل.
حالما خرجت من البلد، بدأت أعمل على تويتر. وأنا أضطر للبقاء متصلا بالإنترنت لمدة 10 ساعات على الأقل كي يستمر عمل شبكة الناشطين في الداخل وأعمل أيضا مع وسائل الإعلام العالمية.
وأعمل مع ناشطين سوريين آخرين في القاهرة. عيوننا لا تغفل عما يحدث في بلدنا. ونحن نتحدث مع أشخاص هناك على مدار الساعة وكل أيام الأسبوع عبر سكايب. وعندما نرى ما آل إليه الوضع، أجد أنه خروج الناس للتظاهر أمر استثنائي. وأتساءل كيف كنت سأتصرف لو كنت مكانهم. الوضع يتفاقم والقناصة في كل مكان. لم يعد الأمر يتعلق بالخروج إلى المظاهرات، بل بالخروج إلى الحرب وبدون حماية. الحماية الوحيدة هي هذه الفيديوهات والصور التي ننقلها وتشهد على ما يحدث أمام العالم كله.
"في القاهرة نقلت مشاهد مباشرةً من ميدان التحرير وصورت القناصة المتمركزين فوق الأسطح. لكنني أحاول التركيز على الأحداث سوريا"
لقد اختفى فردان من أفراد شبكتي في دمشق. ونحن على يقين أنهما قتلا. وهرب أفراد آخرون من البلد. لم يبق عندنا إلا عناصر قليلة ناشطة هناك. وأحد الناشطين الذي كنت مقربا منه كثيرا قد قتل بعد أن عذب في دارية قرب دمشق. ورغم كل هذا، كنت أتمنى لو استطعت البقاء في البلد.
هنا في القاهرة التقيت عدة ناشطين مصريين. نحن نتعلم من بعضنا رغم أني أرى أن السوريين أكثر تقدما من الناحية التقنية. هنا قليلون من يصورون الأحداث لأنهم يعوّلون على قناة الجزيرة أو غيرها. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر، نقلت مشاهد مباشرةً من ميدان التحرير. وصورت القناصة المتمركزين فوق الأسطح في الوقت الذي لم يكن هناك أي وسيلة إعلامية لأن ذلك كان في عز الليل. وتناقلت وسائل إعلام عديدة هذا الفيديو. لكنني أحاول التركيز على الأحداث في سوريا.
ولقد تلقينا تمويلا سيتيح لنا أن ننشئ قريبا منظمة غير ربحية. وسنواصل ربط الاتصال بين الناشطين ووسائل الإعلام، لكن سيكون لنا استوديو خاص بنا وكاميرا ويب وإذاعة وصحيفة. قد بدأنا مع سوريا لكن هناك عمل أيضا في العديد من البلدان."
إحدى رسائل رامي على تويتر في القاهرة. "كنا معتصمين سلميا في ميدان التحرير عندما هاجمت قوات الأمن، ترافقها على ما يبدو قوات الجيش، المتظاهرين."
فيديو نشره رامي على اليوتيوب freelife564 وقد صور الفيديو في 25 آذار/مارس إبان المظاهرة التي ألقي عليه خلالها القبض.