المملكة العربية السعودية

لا فقراء في المملكة العربية السعودية ؟

 تجرأ مدونان شابان من السعودية على نشر تقرير من تصويرهما مدته عشر دقائق ويظهر مشاهد الفقر في الرياض، عاصمة "مملكة البترودولار"، فكان نصيبهما السجن لمدة أسبوعين.

إعلان

 

تجرأ مدونان شابان من السعودية على نشر تقرير من تصويرهما مدته عشر دقائق ويظهر مشاهد الفقر في الرياض، عاصمة "مملكة البترودولار"، فكان نصيبهما السجن لمدة أسبوعين.

 

نشر كل من فراس بقنة وحسام الدرويش وخالد الرشيد تسجيلا على اليوتيوب في 10 تشرين الأول / أكتوبر. وكان هذا التسجيل الحلقة الخامسة من برنامجهم على الإنترنت الذي يحمل عنوان "ملعوب علينا" ويتناول مشكلة الفقر في حي "الجرادية" في إحدى الضواحي القريبة من الرياض.

 

تسجيل نشر على اليوتيوب

 

في هذا التقرير يظهر فراس مصدوما من الفقر النسبي في الحي حيث يُرى الأطفال "حفاةً". قال أحد سكان الحي الثلاثة الذين سألهم إنه "لا يملك إلا 1300 دولار [945 يورو] لتلبية احتياجات زوجتيه وأبنائه الأحد عشر". وليس عنده مال لإصلاح باب الحمام ولا لشراء مصابيح. وقال آخر إنه يصرف على 20 شخصا بمبلغ 666 دولار (484 يورو) شهريا وسقف الحمام يسرب المياه.

 

وبعيدا عن صورة السعودي المختال في سيارة الدفع الرباعي الفارهة، يؤكد هذا التسجيل أن 89% من سكان البلد يرزحون تحت الديون. ويضيف أنه خلال الأعوام السبعة والعشرين الأخيرة، منحت المملكة 56 مليار يورو لفائدة البلدان النامية، لكنه يرى أنه عام 2009 كان 22% من السعوديين في عداد الفقراء. (النسبة المعلنة في وسائل الإعلام المحلية عام 2008 هي 30%).

 

غير أن مبادرة هؤلاء الشباب الثلاثة لم ترق للسلطات. فبعد ستة أيام من عرض التسجيل، ألقي القبض على فراس وحسام وحققت معهما الشرطة. ولم يفرج عنهما إلا بعد أسبوعين في 31 تشرين الأول/أكتوبر. أما أسباب القبض عليهما فيكتنفها الغموض إلى حد الآن.

 

ورب ضارة نافعة، فقد أدى نشر خبر القبض عليهما إلى مشاهدة التقرير أكثر من مليون مرة.

"الفقر في السعودية "سر" لا يخفى على أحد"

رشيد [اسم مستعار] مدون يعيش شرق البلاد.

 

عدد الفقراء يتزايد شيئا فشيئا في المملكة العربية السعودية والطبقة المتوسطة تكاد تختفي. وهذا "سر" لا يخفى على أحد.

أنا لا أعيش في الرياض ولم أزر حي الجرادية لكن في شرق البلاد حيث أعيش فوجود آبار نفط عديدة لا يمنع من وجود أحياء أفقر مما صوره فراس في برنامجه. وعندما شبه مناطق معينة شديدة الفقر في السعودية بمناطق في الصومال، فهذا التشبيه وجيه إلى حد ما لأن بعض الأشخاص يعيشون في ظروف مزرية حقا حتى أنهم ينامون على الأرض لا يفترشون شيئا أو في الخيام.

 

أول مرة ألقي الضوء رسميا على مشكلة الفقر كان خلال زيارة علي النملة، وزير الشؤون الاجتماعية، إلى حي الشميسي في الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر 2002. وكان في هذه الزيارة أيضا الملك عبد الله، كان آنذاك ما يزال ولي عهد. وقد عرضت المشاهد وسائل الإعلام الرسمية. حينها قررت السلطات إنشاء صندوق التضامن الوطني. لكن يبدو أن هذا لم يمنع تفشيَ الفقر. الثروات موزعة توزيعا سيئا في بلدنا والفساد مستشرٍ. [عام 2010 كانت السعودية في المرتبة 50 حسب التصنيف العالمي الخاص بمؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية].

 

وتتناول وسائل الإعلام الرسمية هذه المسألة بسطحية وتقدم الفقر على أنه بضع حالات نادرة وليست ظاهرة حقيقية. وما يخدش أكثر هو أن تكون هذه الظاهرة في بلد غني بالنفط.

 

إن الحكومة تصرف معونات للأسر الأفقر، لكنها مبالغ زهيدة ورمزية ولا تمكّن هذه الأسر من تلبية احتياجاتها. ناهيك عن مجموعة المعاملات الإدارية اللازمة للاستفادة من هذه المعونات التي لا تخصص أصلا إلا للأشخاص عديمي الدخل. ورغم أن بعض الآباء يتقاضون رواتب متدنية جدا، فهم لا يستفيدون منها.

"نظن أن القبض على المدونين سببه تحريف شعار كان مستخدما إجلالا للملك"

 

تختلف الآراء حول أسباب القبض على المدونين. فيقول المدون Saudi Jeans لعل عرض الفيديو على إحدى قنوات المعارضة المقيمة في الخارج لم يرق للسلطات. ويرى آخرون أن ما لم يرق لها هو الخطاب الصريح في الفيديو. لكن أرجح الأسباب اليوم يتعلق بالعبارة المعروفة "نحن بخير وعساكم بخير" والشائعة في أحاديث السعوديين حين يتحدثون بإجلال عن ملكهم، وهذه العبارة هي تحديدا ما أزعج السلطات. [في بداية الريبورتاج يظهر عدة سعوديين في سيارات فخمة وهم يقولون "نحن بخير"، ثم يظهر صبي من حي الجرادية يقول "لسنا بخير"]

 

ويرى آخرون أن الهدف كان تخويف الشباب السعودي الذي يزداد إقبالا على استخدام التكنولوجيات الجديدة ليعبر عن رأيه ويزداد جرأة على الانتقاد لدرجةٍ تتجاوز أحيانا الحدود المفروضة من السلطات."

 

نشر فراس هذه الصورة له على تويتر بعد الإفراج عنه.