سوريا

تقييم مراقبينا للوضع في سوريا بعد ستة أشهر من انطلاق الاحتجاجات

 انطلقت الاحتجاجات في سوريا في 15 مارس/آذار المنصرم متسببة في سقوط عدد هائل من الضحايا فاق 2600 قتيل حسب إحصائيات الأمم المتحدة الأخيرة. بعد ستة أشهر من القمع الدامي، ألا يزال الشارع السوري مؤمنا بإمكانية "إسقاط النظام"؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه على مراقبينا

إعلان

 

انطلقت الاحتجاجات في سوريا في 15 مارس/آذار المنصرم متسببة في سقوط عدد هائل من الضحايا فاق 2600 قتيل حسب إحصائيات الأمم المتحدة الأخيرة. بعد ستة أشهر من القمع الدامي، ألا يزال الشارع السوري مؤمنا بإمكانية "إسقاط النظام"؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه على مراقبينا.

"ما عدا حمص، لا أرى تحركا مهما في المدن الكبرى"

نبيل (اسم مستعار) مترجم يقطن إحدى ضواحي دمشق.

 

أصعب من المستعصي علينا تنظيم تظاهرات في دمشق بسبب القمع والحضور الكثيف لقوات الأمن. إلا أن المعارضين يواصلون اجتماعاتهم، آملين النجاح في بعث مجلس وطني على غرار ذلك الذي نظمته المعارضة الخارجية في اسطنبول. لكني أخشى أن تعمق هذه المبادرة الهوة بين الشارع وبين المعارضة التقليدية.

 

نتمنى اليوم أن تعم الاحتجاجات جميع أنحاء البلاد، فالمدن الكبرى مثل دمشق أو حلب تكاد لا تشهد تظاهرات، وأغلب التحركات الشعبية تقع في الأرياف والمدن الصغرى. في بلاد تعد 23 مليون نسمة، لم يتعد أكبر عدد من المشاركين في جمعة احتجاجية حسب المنظمين 4 ملايين متظاهر، ما يدل على أن كلمة الشعب السوري لم تجتمع حول هذا التحرك."

 

تظاهرات في الكسوة، ريف دمشق، تسجيل نشر على موقعYouTube.

"ارتفع سقف المطالب"

أيمن الأسود من درعا، نقطة انطلاق الاحتجاجات في سوريا. وهو أستاذ أقيل منذ سنوات عن مهنته بسبب آرائه السياسية.

 

ما يشد انتباهي عندما أخمن في الاحتجاجات التي نشهدها منذ ستة أشهر هو أن عزيمة الشارع هنا لم تتزعزع بل وارتفع سقف المطالب إذ لم نعد نريد إصلاحات بل صرنا نطالب بتنحي نظام بأكمله.

 

حاولت السلطات المكر بنا فوعدتنا بإصلاحات وتمت تسمية محافظ جديد بدرعا. لكننا لم ننخدع بمثل هذه الوعود فنحن نرى جيدا أن القمع لا يزال متواصلا. إنها نقطة اللاعودة."

 

تظاهرات في درعا، تسجيل نشر على موقعYouTube.

"تراجع عدد القتلى خلال التظاهرات فيما ارفع عدد المعتقلين"

وليد فارس (اسم مستعار) ناشط سياسي في حمص يصور الاحتجاجات التي تشهدها مدينته.

 

كانت حمص من أول المدن التي بادرت بالتظاهر إذ نزلنا للشارع أول مرة في 25 مارس/آذار، أي بعد 10 أيام فقط من انطلاق الاحتجاجات في درعا، وهو ما يترجمه عدد الضحايا المرتفع لدينا والذي فاق 930 قتيلا. وأنا هنا أتحدث عن الذين حصلنا على أسمائهم دون ذكر المفقودين الذين مازلنا نجهل مصيرهم.

 

ما ألاحظه اليوم هو أن قوى الأمن لم تعد تطلق النار على المتظاهرين خلال التظاهرات وفي وضح النهار كما كانت تفعل من قبل. أرجح ذلك لكوننا نصور هذه المشاهد وبذلك يسهل التعرف عن هوية الذين يطلقون النار على المتظاهرين [تحدث شهود سوريون عن قتلى في صفوف الجيش انتقاما للشهداء]. لكن في نفس الوقت، تضاعف عدد المعتقلين وكثير منهم يقتل خلال فترة سجنه أو تحت التعذيب. العنف والقمع لم يتوقفا بل أصبحا أكثر سرية. لكن ذلك لن يمنعنا من مواصلة التحرك."

 

تظاهرة في حمص، نشر هذا التسجيل على موقع YouTube.

"السوريون غير مستعدين لدفع ثمن باهظ مقابل حريتهم"

لورانس فالان (اسم مستعار) تبلغ من العمر 34 سنة وهي فرنسية تعيش قرب اللاذقية.

 

من المؤكد أن سكان اللاذقية، الذين خرجوا للتظاهر أول الأمر، كانوا طواقين للحرية. لكن سرعان ما تراجع حماسهم عندما رأوا عنف رد النظام. السوريون غير مستعدين لدفع ثمن باهظ مقابل حريتهم وسكان اللاذقية فضلوا الأمن مقابل الحرية.

 

هناك عامل آخر ساهم في نظري في إخماد نار الاحتجاجات في اللاذقية، ألا وهو حمل بعض المتظاهرين لأسلحة بيضاء والحال أن الأغلبية تطالب باحتجاجات سلمية [وسائل الإعلام السورية الحكومية تتحدث عن عصابات مسلحة لا على متظاهرين]. لا أدري إن كانوا حقا متظاهرين أم شبيحة يسعون إلى إجهاض التحرك، لكن النتيجة كانت أن الأهالي هنا أعرضوا عن التظاهر."

"تحركنا لم يذهب هباء، فالنظام السوري يعيش أزمة سياسية وعسكرية"

خالد حميل محمد أستاذ وكاتب في القامشلي، في منطقة الكردستان شمال سوريا، حيث لا يزال المتظاهرون ينزلون إلى الشوارع كل يوم جمعة.

 

لطالما تمنينا أن يجلب الحراك السوري نفس الاهتمام الذي أعاره الرأي الدولي للشأن الليبي. لكننا رأينا للأسف أن بلدانا مثل الصين أو روسيا مضت قدما في مساندتها للنظام، وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية التي يخشى أعضاؤها أن يكونوا اللاحقين إن سقط نظام بشار.

 

نتمنى أن ندفع بالرأي العام الدولي لمساندتنا. أما على المستوى الداخلي، فإن تحركنا لم يذهب هباء، إذ أن النظام السوري يعيش أزمة سياسية وعسكرية مثلما تبينه الانشقاقات التي يشهدها الجيش السوري. لن نحيد عن مسارنا."

تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع سارة قريرة، صحافية في فرانس 24.