هجوم بالصواريخ على مسجد في حمص يشعل فتيل التوتر بين السنة والعلويين
يوم الخميس الماضي، تعرض مسجد الزعفران بباب السباع في مدينة حمص لهجوم صاروخي في وضح النهار . هجوم أثار صدمة المواطنين كما سلط الضوء على الانقسامات الدينية الكامنة وراء النزاع.
نشرت في: آخر تحديث:
تعرض مسجد الزعفران بباب السباع في مدينة حمص لهجوم صاروخي في وضح النهار، يوم الخميس الماضي.هجوم أثار صدمة المواطنين كما سلط الضوء على الانقسامات الدينية الكامنة وراء النزاع الذي يهز البلاد منذ منتصف شهر مارس الماضي.
تتميز سوريا بتركيبة سكانية متنوعة طائفيا: حيث إن أغلبية السكان ينتمون إلى الطائفة السنية (حوالي 70 %) والأقلية العلوية (حوالي 10 %) التي تنتمي إليها عائلة الأسد والتي تحكم البلاد منذ عام 1971. والأكراد الذين يشكلون نحو 10%. ثم هناك أقليات مسيحية، ودرزية، وشيعية.
منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا، لم يلبث المتظاهرون أن شجعوا الحفاظ على الوحدة الوطنية ورفضوا فكرة انقسام فئات المجتمع. ورغم ذلك فلا يزال النظام السوري يحذر من اندلاع حرب أهلية قد تؤدي إلى تقسيم البلاد.
ومن الصعب التحقق من سبب استهداف المئذنة، فلربما كانت بمثابة مخبأ لقناصة. ولكن، من المؤكد أن التعليقات التي نسمعها في الفيديو تشير بوضوح أن المصور يرى أن للقصف دوافع دينية، إذ يصف الرئيس بشار الأسد بـ "حاقد على الإسلام" و"فاجر". ومن ثم، نشر الفيديو على موقع يوتيوب تحت عنوان حرب نظام بشار الأسد البعثي الطائفي على الإسلام...
التقط هذا التسجيل على بعد بضعة أمتار من مسجد الزعفران خلال القصف. نشر هذا الفيديو على موقع يوتيوب.
"معظم السكان موقنون بأنه قصف عمد استهدف الطائفة السنية"
مجدي عامر يبلغ من العمر 45 سنة. وهو أستاذ في مدينة حمص. ويسكن في حي يبعد عن مسجد الزعفران بـكيلو مترين.
بدأ القصف على حي السباع ليلة الأربعاء واستمر حتى مساء الخميس. ومن دون شك، أتى القصف من المدرعات العسكرية الموجودة في القلعة وسط مدينة حمص، وهو أعلى نقطة في المدينة. ونتج عنه أضرارا مادية هائلة نشهدها في شارع الوادي (حيث إن الجامع يوجد في هذا الشارع)، فالبيوت مدمرة، والمحلات محروقة، والسيارات مخربة.
كنت في البيت وقت الهجوم وكنت أسمع طلقات الصواريخ، لذا لم أتجرأ على الخروج. وفي المساء خرجت لإغاثة سكان باب السباع ولتقديم المساعدات الأولية لهم، وحينها سمعنا خبر استهداف الجامع.
أنا شخصيا، لا أظن أن القصف على الجامع كان عمدا. أعتقد أنه نتيجة لقصف عشوائى على الأحياء "الملتهبة". ولكن معظم السكان موقنون بأنه قصف عمد استهدف الطائفة السنية. ومما يساند هذا الرأي، محاصرة الأحياء السنية محاصرة كاملة وانقطاع وسائل الاتصالات عنها بكافة أنواعها. وانتشار قوات الأمن في كل مكان ووضع نقاط التفتيش في كل أنحاء الأحياء السنية. المجتمع السني يعيش في حالة مستمرة من الرعب. ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، أكاد أقول بأن ما لا يقل عن 70% من السكان غادروا حي باب السباع وذهبوا إلى أهاليهم في الأحياء الأخرى بغية عدم التعرض للاعتقالات والمداهمات غير القانونية.
ونظام بشار الأسد يحاول أن يصب الزيت على النار لإحداث توترات طائفية بين السنة والعلوية كما يحاول استغلال المسيحيين وخاصة في حمص. مثلا، قبل بضعة أيام، قامت الشبيحة بطرد العائلات السنية من بيوتهم في الأحياء العلوية كما اعتدوا على محلات التجار السنة.
المجتمع السني في حمص يشعر بالخيبة ولكن لا يود أن يرد على الإساءات التي من شأنها أن تثير الفتنة وأن تصرف الأنظار عن الصراع الحقيقي، وهو إسقاط نظام بشار الأسد.
أما بالنسبة إلى الطائفة المسيحية الموجودة في مدينة حمص، فهي مشتتة ولم تحسم موقفها بعد. الدولة تستخدم بعض الوجوه المعروفة منها، وخصوصا المحامين والأطباء للتقليل من شأن الاحتجاجات. ولحسن الحظ، الكثير من المسيحيين لا يشاركون في هذه المؤامرة. وقد رأيت بعيني بعض الشباب من المسيحيين، يبيتون ليلة الخميس عند بعض زملائهم من السنة ثم يخرجون معهم للتظاهر بعد صلاة الجمعة.
مسجد الزعفران بعد قصفه. نشر هذا الفيديو على موقع يوتيوب
تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع محمدو ساواني، صحافي في فرانس 24.