الجزائر

ثورة سكان حي الصنوبر في الجزائر العاصمة دفاعا عن مساحتهم الخضراء

 يوم الأحد 10 يوليو/تموز، اشتبك سكان حي الصنوبر في الجزائر العاصمة مع قوات الشرطة احتجاجا على اقتلاع أشجار غابتهم. لكن أصواتهم لم تجد أذانا صاغية إذ في غضون 18 شهرا سيحل محل حديقة الصنوبر مواقف "مأوى" للسيارات بأمر من سلطات المدينة.

إعلان

صورة تظهر اقتلاع الأشجار في حي الصنوبر.

 

يوم الأحد 10 يوليو/تموز، اشتبك سكان حي الصنوبر في الجزائر العاصمة مع قوات الشرطة احتجاجا على اقتلاع أشجار غابتهم. لكن أصواتهم لم تجد أذانا صاغية إذ في غضون 18 شهرا سيحل محل حديقة الصنوبر مواقف "مأوى" للسيارات بأمر من سلطات المدينة.

 

اتخذت بلدية حيدرة هذا القرار في شهر مايو/أيار الماضي. وحيدرة أحد الأحياء السكنية الراقية في العاصمة الجزائرية الذي يضم حي الصنوبر حيث توجد "حديقة الصنوبر"، هذه المساحة الخضراء الوحيدة التي تمتد على 11 ألف متر مربع.

 

خلال الأسبوع الماضي، وعلى مدى بضعة أيام، احتج سكان الحي ضد هذا القرار الذي وصفوه بالاعتباطي واستنكروا عدم امتثال المشروع لقوانين تخطيط المدن. رغم ذلك، تم اقتلاع كافة أشجار حديقة الصنوبر يوم الأحد 10 يوليو/تموز. فيما تواصل لجنة الحي تعبئتها لاسترجاع هذه الأرض.

 

يعد حي الصنوبر 4500 ساكن وهو أكثر الأحياء كثافة في بلدية حيدرة التي تعد أكثر من 35 ألف ساكن.

 

اقتلاع أشجار حديقة الصنوبر في حي الصنوبر في حيدرة، في الجزائر العاصمة، بتاريخ 10 يوليو/تموز. نشر هذا التسجيل على موقعYouTube.

"لم يكن المسؤولون ليتخيلوا أن الجزائريين سيثورون لحماية الطبيعة"

عبد الغني مهني يبلغ من العمر 61 سنة وهو رئيس لجنة حي الصنوبر.

 

كانت البداية عندما حل فريق مسح توبوغرافي في الأيام الأولى من شهر مايو/أيار، إذ هكذا علمنا بأن البلدية تنوي اقتلاع أشجار الغابة لتبني محلها مواقف للسيارات، ما أثار دهشتنا وكذلك غضبنا لأنه لم يتم إعلامنا بهذا القرار.

 

لم تحترم السلطات الإجراءات المفروضة إذ لم تقم ببحث إداري بالقرب من أهالي الحي لدراسة ميزات ومساوئ هذا المشروع كما أنها لم تقم بأي إشهار حول طبيعة المشروع، المساحة التي سيتم بناؤها، مدة الأعمال أو من سيديرها، مع أن هذه الإجراءات مفروضة على جميع المشاريع المزمع إنشاؤها، خاصة كانت أم عامة، ما عدا منشآت الدفاع الوطني. كما أن العاصمة منطقة مهددة بخطر الزلزال، فهل تعقل المصادقة على هذه المشاريع دون دراسة معمقة؟

 

حي الصنوبر بعد اقتلاع الأشجار. الصورة من إرسال مراقبينا.

 

"جمعنا في عريضة أكثر من 4500 توقيع"

 

خلال الأسبوعين الأولين من شهر مايو/أيار، تتالت زيارات فريق المسح لكن سكان الحي قاموا بطردهم في كل مرة. وفي 16 مايو/أيار، قمنا بإنشاء لجنة حي بهدف التحاور مع السلطات كما جمعنا في عريضة أكثر من 4500 توقيع.

 

لمدة شهرين، اتصلنا أكثر من مرة بمسؤولين في بلدية حيدرة وولاية الجزائر وحتى في وزارة البيئة لكننا لم نحصد سوى وعود غير ملموسة دون أي موقف رسمي [من جهتها، اتصلت فرانس 24 بالبلدية والولاية ومديرية الأشغال العمومية دون أن يقبل أي مسؤول التحدث معنا].

 

احتد الوضع يوم الخميس 7 يوليو/تموز عندما حلت الشرطة بأعداد كبيرة لحماية العمال الذين جاؤوا لتسييج مكان المشروع. وقد نجحنا في تهدئة الوضع نهارا لكن الشباب خرجوا ليلا إلى الشوارع حيث اشتبكوا مع عناصر الأمن.

  

اعتصامات حديقة الصنوبر تتحول إلى انتفاضة ليلا. نشر هذا التسجيل على موقع YouTube.

 

بقينا في حالة من الهدوء النسبي إلى أن جاء يوم الأحد 10 يوليو/تموز. في ذلك اليوم، وعند الساعة السابعة والنصف صباحا، فوجئنا بقدوم الآلاف من أعوان الأمن الذين نقلوا على متن مئات الشاحنات وقاموا بإحاطة كامل أحياء حيدرة. وما لبثوا أن صعدوا فوق سطوح المباني وفي شرفات العمارات لمراقبة كل ما يجري ومنع السكان من الخروج من منازلهم. كانوا يحملون قنابل مسيلة للدموع وأسلحة رمي بالرصاص المطاطي ومسدسات كهربائية.

 

لكن هذا الجهاز لم يمنع السكان من الانتفاضة بمجرد أن شرع العمال في قطع الأشجار، إذ خرجوا من منازلهم ووقعت اشتباكات عنيفة مع عناصر الأمن أسفرت عن سقوط جرحى من الجهتين. لم تراع الشرطة أحدا، مسنين كانوا أم نساء. تم إيقاف حوالي عشرة أشخاص من بينهم أنا ولم يفرجوا عنا إلا عشية يوم الثلاثاء بعد أن تم استدعاؤنا للمثول أمام القضاء في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل بتهمة الإخلاء بالأمن العام والاعتداء على ممتلكات الدولة.

 

اشتباكات يوم الأحد 10 يوليو/تموز. نشر هذا التسجيل على موقع YouTube.

 

"يعاقب القانون الجزائري بعشر سنوات كل من يقتلع شجرة بدون رخصة"

  

لقد نجحت السلطات في بلوغ هدفها حيث اقتلعت جميع أشجار حديقة الصنوبر والحال أن بعضها قد جاوز القرن. لم يكن المسؤولون ليتخيلوا أن الجزائريين سيثورون لحماية الطبيعة. فسكان الحي لم يتظاهروا أبدا من قبل، حتى عندما ارتفعت الأسعار في يناير/كانون الثاني المنصرم، رغم أننا نعاني، كغيرنا، من مشاكل السكن والبطالة. لم نطلب أبدا أن تبنى مكان هذه الغابة تجمعات سكنية ولا حاجة لنا بمواقف سيارات (يوجد مأوى خاص على بعد 50 مترا من الحي). كل ما في الأمر أننا كنا نسعى لحماية المساحة الخضراء الوحيدة التي يتمتع بها حينا وسنواصل التحرك حتى نسترجع هذه الأرض ونعيد زراعتها.

 

تلقينا زيارة سكان الأحياء المجاورة عندما علموا بهذه الحادثة. إن تواصل الأمر على هذا النحو فلا شك أن جميع سكان العاصمة سيتضامنون معنا لأن الكل قد ضاق ذرعا هنا بهذا النوع من الممارسات. من سخرية القدر أن القانون الجزائري يعاقب بعشر سنوات كل من يقتلع شجرة بدون رخصة."

حديقة الصنوبر قبل اقتلاع الأشجار

 

نفس الحديقة بعد اقتلاع الأشجار

 

امرأة مسنة بعد مواجهة مع الشرطة.

 

أحد سكان الحي وقد جرح في مواجهات مع الشرطة. جميع الصور من إرسال مراقبينا.

تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع سارة قريرة، صحافية في قناة فرانس 24.