سوريا

التوترات الإثنية والدينية تهدد سوريا بالانقسام

 منذ يوم الجمعة 25 مارس/آذار ودمشق تعيش على صدى المظاهرات مناهضة كانت أم مؤيدة لحكم الرئيس بشار الأسد. لكن علاوة على خطر الانقسام السياسي، فإن خطرا آخر يهدد المجتمع السوري، ألا وهو خطر الانقسام الطائفي.

إعلان

 

منذ يوم الجمعة 25 مارس/آذار ودمشق تعيش على صدى المظاهرات مناهضة كانت أم مؤيدة لحكم الرئيس بشار الأسد. لكن علاوة على خطر الانقسام السياسي، فإن خطرا آخر يهدد المجتمع السوري، ألا وهو خطر الانقسام الطائفي.

 

كغيره من المجتمعات الشرقية، يتميز المجتمع السوري بنسيج طائفي متكون من أغلبية سنية (حوالي 70 % من السكان) ومن أقليات دينية شيعية (حوالي 10 %) ودرزية ومسيحية ومن أقلية كردية (قرابة 10 % كذلك) في مواجهة مع السلطة منذ زمن طويل.

 

وتنتمي عائلة الأسد الماسكة بزمام الحكم في سوريا منذ سنة 1971 إلى الطائفة العلوية (وهي أهم فريق في الطائفة الشيعية). وقد تقلد أفراد هذه الطائفة تحت حكم حافظ الأسد، والد بشار الأسد، أهم المناصب السياسية والعسكرية. وإن فتح بشار أبواب السلطة لأفراد الطوائف الأخرى، فإنه واصل رعاية أقربائه إذ عين أخاه ماهر قائدا للحرس الرئاسي وصهره آصف شوكت رئيسا للقوات العسكرية.

 

وعلى ضوء هذه المعطيات يخشى بعض السوريين تشنجا طائفيا ليس فقط بين سنة وعلويين ولكن كذلك بين عرب وأكراد كما يشهد على ذلك هذا التسجيل الذي تم تصويره خلال مظاهرة ضد النظام السوري في برلين والذي تؤكد فيه هذه المعارضة السورية العلوية عن خطر الانزلاق نحو الانشقاق الطائفي :

 

نشر هذا التسجيل على يوتيوبvideoxessan.

تم تحرير هذا المقال بالتعاون مع سارة قريرة، صحافية في فرانس 24.

"الكل يعلم أن عائلة الرئيس تحتكر كل الامتيازات"

Revolt Forurlife سوري سني يعيش في كندا.

ما يجب أولا الإقرار به هو أن أي شخص يخدم آل الأسد يحظى بامتيازات هامة مهما كان انتماؤه الطائفي. لكن هذا لا ينفي ما حصل عليه أفراد الطائفة العلوية منذ وصول عائلة الأسد للحكم. فالحصول على منحة من الدولة لمواصلة الدراسة بالخارج أسهل لطالب علوي من طالب سني كما أن أهم مناصب الجيش السوري يحتكرها العلويون وكذلك بالنسبة للمناصب السياسية [وربما كان أبلغ مثال على ذلك غازي كنعان المنتمي للطائفة العلوية والذي شغب مناصب سياسية هامة تحت حكم حافظ وبشار الأسد].

"هذه الامتيازات هي التي جعلت الوضع أكثر عنفا في منطقة اللاذقية"

 

لم تتغير الأمور كثيرا بوصول بشار إلى الحكم بل أصبحت فقط أقل علانية، فقد فتح هذا الأخير المجال أمام أبناء الطوائف الأخرى واتخذ مثلا سنيا ليشغل منصب نائب الرئيس. لكن الكل يعلم أن عائلة الرئيس تحتكر كل الامتيازات. ناهيك أن ابن خاله رامي مخلوف يحتكر قطاع الاتصالات والتكنولوجيات الحديثة والصحافة الخاصة.

 

هذه الامتيازات هي التي جعلت الوضع أكثر عنفا في منطقة اللاذقية، مسقط رأس آل الأسد والتي ينتمي سكانها إلى كلا الطائفتين السنية والعلوية إذ هناك دائما من ينقاد للأسف إلى خطابات تدعو إلى البغض والكره."

"إن تفاقم الأمر ستؤول بنا الظروف إلى حرب أهلية"

نبيل يقطن في دمشق وقد شارك في المظاهرات ضد السلطة.

 

صحيح أن الطائفة العلوية تحظى بعديد الامتيازات لكن ليس هذا الحال بالنسبة لكل أبنائها. حتى في منطقة اللاذقية، توجد قرى تفتقر إلى أبسط المرافق رغم انتمائها العلوي.

 

شرع أبناء مختلف الطوائف منذ يوم الجمعة 25 مارس / آذار في تكوين لجان شعبية لحماية أحيائهم سواء في المناطق الساحلية [التي ينتمي إليها العلويون] أو في دمشق. لم تؤكد لنا أية مصادر موثوقة إلى حد الآن حدوث اشتباكات طائفية لكن الظروف متوترة.

 

قد تبدو عدم مشاركة الأكراد إلى حد الآن في المظاهرات شيئا غريبا نظرا لمعاناتهم تحت حكم عائلة الأسد لكن سببين يفسران ذلك : أولا، إن الأكراد يخشون أن تتوجه إليهم أصابع الاتهام مرة أخرى بتفريق الشعب السوري مثلما حدث ذلك عندما ثاروا في سنة 2004 وتم قمعهم بطريقة عنيفة جدا. ثانيا، إن الاحتجاجات تزامنت مع عيد النوروز الكردي [رأس السنة] يوم 21 مارس / آذار. عادة، يمنع الأكراد من الاحتفال بهذا العيد وتقوم الحكومة بموجة اعتقالات كبيرة في هذه الفترة. أما هذه السنة فقد قامت مستشارة الرئيس بثينة شعبان بتقديم تهانيها بالعام الجديد للأكراد بهذه المناسبة، سعيا لامتصاص غضبهم [أخبرنا أحد مراقبينا الأكراد في سوريا أن طائفته ستنضم إلى ركب الاحتجاجات يوم الجمعة الفاتح من أبريل / نيسان في دعوة إلى "يوم غضب كردي" سيكون ثورة على قادة الطائفة الموالين للنظام وعلى حكم الأسد في آن واحد].

 

الغريب في الأمر هو غياب رجال الأمن الذي يغذي هذه الحالة من التوتر والقلق. من البديهي أن انعدام الأمن يصب في مصالح السلطة التي فرضت نفسها سورا منيعا يحمي المجتمع السوري من كل انقسام طائفي. لست أعني بهذا أن الحكومة هي من يقف وراء هذه الفتنة إذ لا أمتلك المعلومات الكافية للإقرار بذلك. كل أملي هو أن لا يتفاقم الأمر لتؤول بنا الظروف إلى حرب أهلية."