الولايات المتحدة

مشردون يُسمعون صوتهم على فيس بوك وتويتر

مارك هورفات يدرك جيدا معنى العزلة والتشرد لأنه عاشها عن قرب: فهو أحد ضحايا الأزمة المالية عام 2008، التي أفقدته عمله وبيته. لكن سرعان ما تحولت الأزمة إلى فرصة سانحة بالنسبة إليه، نظرا لاقتناعه بأن مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على مساعدة المشردين. إذ أصبح يعمل منذ سنتين على مساعدة المشردين في الولايات المتحدة لإسماع صوتهم

إعلان

صورة @kanter نشرها مارك هورفات على تويتر, @hardlynormal.

مارك هورفات يدرك جيدا معنى العزلة والتشرد لأنه عاشها عن قرب: فهو أحد ضحايا الأزمة المالية عام 2008، التي أفقدته عمله وبيته. لكن سرعان ما تحولت الأزمة إلى فرصة سانحة بالنسبة إليه، نظرا لاقتناعه بأن مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على مساعدة المشردين. إذ أصبح يعمل منذ سنتين على مساعدة المشردين في الولايات المتحدة لإسماع صوتهم.

مشروع مارك هورفات بدأ على مدونته,  InvisiblePeople.tv ["الأشخاص غير المرئيين"], " التي ينشر من خلالها شرائط فيديو قصيرة فيها استجوابات مع عشرات المشردين. الهدف: السماح لكل منهم أن يروي قصته، ليظهر أن كل شخص يسكن الشارع له ماض وله شخصية ومشوار يميزه عن الآخرين. في كل مرة، يطرح مارك ثلاثة أسئلة على المستجوبين: كيف تتمكن من الصمود أمام واقعك اليومي؟ كيف تنظر إلى مستقبلك؟ إذا كانت لك إمكانية طلب ثلاث أمنيات، ماذا ستطلب?

المرحلة الثانية من مشروع مارك هورفات WeAreVisible.com, ["نحن موجودون"], والهدف منه توجيه المشردين لتعلم استعمال مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر للتواصل فيما بينهم ومع أكبر قدر من الأشخاص.

مارك وهو يحيي أحد المشردين الذين استجوبهم, صورة كريس والتر نشرها على   Flickr، InvisiblePeople.tv. 

 

المزرعة التي تقدم منتجات طبيعية للمشردين

"المزرعة", 40 40 هكتار ينتج فوقها أصحاب المشروع فواكه وخضر للمشردين. صورة نشرها  على Flickr  InvisiblePeople.tv.

صك-هدية يمكن المشردين من الحصول على المنتجات الطرية من "المزرعة" . صورة نشرها على "". Flickr  InvisiblePeople.tv.

 

"يقول هورفات: "آثار مشروعي بدأت تظهر أكثر مما تصورته". العديد من المدونين عبر العالم اتصلوا به وتمت دعوته للحديث عن تجربته في عدة جامعات. وقد قامت بعض المدن بأخذ ما قاله هورفات بعين الاعتبار كما حدث في بينتونفيل في أركانساس، إذ قام أحد المزارعين بالتبرع بـ 40 هكتارا من أراضيه لإنشاء مشروع . Cobblestone, لتوزيع منتجات بيولوجية إلى مراكز للمشردين

هذا المقال تم تحريره  بتعاون مع لورينا غاليوت، صحافية بفرانس 24.

أصوات الشارع: قصص المشردين

كوتون, في غرينسبرو، كارولينا الجنوبية. كوتون معاقة، تعيش في الشارع منذ 16 سنة. لم يعد لديها أدنى أمل لتغيير حياتها ". تفضل الشارع على العيش في المراكز المخصصة للمشردين. "لا أتحمل وطأة هذه المراكز...أجواؤها عنيفة.

 

تيرين ومايك: في باند، في أوريغون. يتمنى هذان الزوجان "العثور على عمل وحياة عادية عندما تتحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد". لا أحد منهما كان يتوقع أن يجد نفسه يوما في الشارع - يسكنان داخل سيارة - لكن يعتبران أن "هذه هي الحياة"، ما حدث لهما "قد يحدث لأي آخر". تيرين حامل. وأحيانا لا تجد ما تأكله. "الأصعب هو عندما لا أتمكن من إطعام جنيني".

 

دي, في أنكوراج في ألاسكا: دي متفائل. "أرى المستقبل بعين متفائلة. وجدت عملا وأتمنى الحصول على عمل ثان". كما أن مركز الاستقبال الذي يأويه يبحث له عن بيت يسكن فيه مع ابنته. أهم شيء بالنسبة له: التفاؤل لتفادي القيام بأخطاء قد تقوده إلى السجن.

 

جين وأطفالها,في ميسوري. جين تقطن منذ 6 أشهر في غرفة فندق متواضع مع أبنائها الخمسة وزوجها. فقدوا بيتهم بسبب فقدان عملها كمربية في حين مرض زوجها ولم يتمكن من العمل لفترة معينة. اليوم يشتغل في وظائف صغيرة بالإضافة إلى عمله في ماكدونالدز. لكن ذلك لا يسمح لهم من الخروج من وضعهم الهش.

جميع شرائط الفيديو نشرت على يوتيوب في العنوان التالي: InvisiblePeople.tv.

“إذا تعلم المشردون التواصل عبر فيس بوك أو تويتر، أعتقد أن ذلك قد يغير حياتهم"

مارك هورفات، 49 سنة، يقطن لوس أنجلس، وقد كان مكلفا بالاتصال والتسويق سابقا. أنشأ موقع "أنفيزيبل بيبل.تي في" بعد أن فقد عمله عام 2008. كما أن له مدونة بعنوان HardlyNormal.com.

 

بدأت المشروع  'Le peuple invisible'في 2008، في أوج الأزمة الاقتصادية. فقدت عملي وبيتي ووجدت نفسي في الشارع. انتابني الخوف، لأنني عشت هذا الوضع قبل 16 عاما ولم أكن بحاجة إلى أن أعيشها من جديد. ومنذ ذلك الوقت أقول للناس: لا تهربوا من أي أزمة، فقد تصبح فرصة بالنسبة لكم.

 

“إعطاء حياة لغير المرئيين الذين لا حياة لهم”

بدأت باستجواب أشخاص يتحدرون من مدينتي، لوس أنجلس. توجهت بعدها إلى كاليفورنيا ثم إلى الولايات المجاورة. الصيف الماضي، بدأت رحلة طويلة عبر مختلف أنحاء البلاد. الأشخاص يضعون جميع المشردين في نفس الكفة. وهو ما يجعلنا لا نراهم. ما أريده هو إعطاء كل مشرد فرصة لإسماع صوته. تحدثت وصورت أكثر من 200 شخص، ما أثار انتباهي هو صمت الأشخاص الذين عاشوا أصعب التجارب. لم يرغبوا في الحديث عن تجاربهم ولم يعودوا يتحدثوا إلى أحد 

 

أحدى القصص التي أثارت اهتمامي هي قصة أنجيلا. حاولت أن تصمد أمام الحياة تحت جسر في أتلانتا، ولاية جورجيا، عندما التقيت بها. لم تعد لها أسنان وكانت تجيب على أسئلتي بصعوبة. التفت إلى أشخاص من مجموعة مسيحية هم من عرفوني بأنجيلا وسألتهم كيف يقدمون لها يد المساعدة فأجابوا: "نُحضر لها ساندويتشات". في ذلك اليوم، تغيرت أفكاري حول طريقة مساعدة المشردين. قبل هذا اليوم كنت أعتقد أن مساعدة قليلة قد تساعد الكثير، لكنني فهمت يومها أن ساندويتشا وحده لا يكفي أحيانا، وأنا مقتنع أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون بداية الحل.

 

أنجيلا. شريط نشره على يوتيوبInvisiblePeople.tv.

 

المرحلة الثانية من مشروعي هو  WeAreVisible.com, موقع يعلّم المشردين كيفية استعمال مواقع التواصل الاجتماعي. وضعت طريقة بسيطة للمبتدئين، للتمكن من استعمال جي ميل أو توتير أو فيس بوك. على الموقع شهادات مشردين يشرحون كيف أنهم لا يقدرون على التواصل مع الناس بسبب وضعهم كمشردين في حين أن بإمكانهم التواصل بدون حرج عبر الانترنت حيث لا أحد يعرف عنهم شيئا.

إحدى المدونات المشردات، شرحت لي أنها بدأت تكتب عن حياتها في الشارع للفضفضة على نفسها. واندهشت أنها بدأت تتلقى رسائل دعم وهو ما أعطاها الشجاعة للصمود. قصتها غيرت نظرتي إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي كنت أعتقد أنها قد تكون بمثابة منظمات خيرية لمساعدة البعض. لكنني فهمت أنها قد تكون طريقة ناجعة للتواصل وتبادل المساعدة بين المشردين.

 

"مستخدمو الأنترنت لا يتوقعون لقاء المشردين على الشبكة"

 

لكن ما نجهله هو أن العديد منهم يتوفر على حاسوب أو هاتف محمول أو كاميرا احتفظوا بها كإرث من حياتهم السابقة. كما أن بإمكانهم استعمال الأنترنت في المكتبات مجانا. وإذا أحسنوا استعمال مواقع التواصل الاجتماعي فسيصير بإمكانهم تغيير حياتهم.

وفي الوقت الذي اكتسب فيه موقعي شهرة، لم تتغير وضعيتي المادية. ما زلت أعيش في بيت صغير مفروش حيث أشتغل لحساب مركز للمشردين. أتمكن فقط من تأدية ثمن الكراء والاعتناء بقناتي ...على هاتفي المحمول في أوقات فراغي. الجميع يقول لي: "مشروعك رائع" لكن لحد الساعة لم أجد عملا في مجال تخصصي. لكن وبكل صراحة، بالرغم من أنني سأرتاح نوعا ما إذا حصلت على عمل يدر علي المال، فإنني سأخجل من نفسي إذا عدت إلى حياتي السابقة كموظف في ميدان الإشهار بعد تجربتي هذه.