الحكومة تُحارب ظاهرة الأطفال المتسولين ...وتُغضب الأولياء
نشرت في: آخر تحديث:
أطلقت الحكومة السنغالية مؤخرا حملة شرسة لمكافحة التسول. وتستهدف هذه الحملة المدارس القرآنية التي تعيش على الأموال التي يجمعها التلاميذ في الشارع. شاهدوا التقرير الذي أنجزه مراسلنا.
أطفال متسولون في داكار. صورة نشرها tayba_2000 على Flickr يوم 6 يناير 2002.
أطلقت الحكومة السنغالية مؤخرا حملة شرسة لمكافحة التسول. وتستهدف هذه الحملة المدارس القرآنية التي تعيش على الأموال التي يجمعها التلاميذ في الشارع.
تم منع التسول في السنغال بموجب قانون، تم سنّه في عهد ليوبولد سيدار سانغور، لكن لم يُطبق يوما. غير أن رئيس الوزراء السنغالي، سليمان نديني ندياي، قام بتصريح في 24 أغسطس الماضي لـ "تحذير" المتسولين. ويبدو أن التصريح أتى أُكله لأنه تم توقيف مئات المتسولين في العاصمة داكار. كما تم توقيف سبعة مدرسين في المدارس القرآنية بتهمة "التحريض على التسول". وقد تم عرضهم على القضاء في الأول من سبتمبر الحالي وهم في انتظار صدور الحكم.
وتعتبر هيومان رايتس ووتش أن عشرات الآلاف من الأطفال البالغة أعمارهم ما بين 2 و 17 سنة يُجبرون على التسول لتأمين حياة المدارس القرآنية. غير أن الأولياء الذين يديرون هذه المدارس، يبررون ذلك بالقول إن الزكاة هي إحدى أركان الإسلام.
الأطفال عادوا إلى التسول من جديد...
غيجوبال قام بجولة مساء اليوم (3 سبتمبر) في حيه أسيني في داكار. وبالرغم من جهود رجال الأمن، يبدو أن أطفال المدارس القرآنية عادوا للتسول من جديد.
"منع التسول دون الاهتمام بجذور المشكلة لن يأتي أكله"
غيجوبال غنان أستاذ فلسفة في العاصمة السنغالية. التقى أحد الأولياء في "دارا" – مدرسة قرآنية- تقع في حي أسيني في داكار.شريط فيديو نشره على موقع يوتيوب غيجوبال 1 سبتمبر 2010.
المدرسة التي زرتها جد فقيرة، يقطنها حوالي خمسين تلميذا. يتقاسمون ست غرف لا تتعدى مساحة الواحدة منها 9.2 أمتار وينامون على الأرض. الغرف جد وسخة. في الشريط الذي صورته نرى مستنقعات من الوحل، خضراء اللون، في ساحة المدرسة. تأثرت كثيرا بما رأيت هناك.
لا أعرف من أين أتى تلاميذ هذه المدرسة القرآنية، لكنني أعتقد أنهم أطفال تخلى عنهم آباؤهم ربما من شدة فقرهم.
"الأطفال المتسولون سيبتعدون عن وسط المدينة لبعض الوقت، لكنهم سيعودون"
الولي قال لي إنه بطبيعة الحال يعارض قرار منع التسول من طرف الحكومة. بالنسبة إليه، لا يمكن للحكومة حرمانهم من وسيلة عيشهم دون أن تقدم لهم البديل. شرح لي أن ليس أمامهم خيار آخر وأنهم سيستمرون في التسول. أعتقد أن الأطفال المتسولين سيبتعدون عن وسط المدينة لبعض الوقت، ثم سيعودون.
على الدولة أن تفهم كذلك أن جل تلاميذ المدارس القرآنية في داكار ليس أمامهم خيار آخر غير التسول. أكيد أنه لا يجب على المدرسين أو الأولياء فتح مدارس إذا لم تكن لديهم إمكانيات لتسييرها. لكن هذه المدارس توجد في الوقت الحالي، وبالتالي فإن منع التسول دون الاهتمام بجذور المشكلة لن يأتي أكله.
"الجهات المانحة تركز كثيرا على مكافحة ظاهرة عمالة الأطفال، في الوقت الذي لا تعد فيه الظاهرة فضيحة عندنا"
يبدو أن الحكومة أطلقت حملتها ضد التسول أمام ضغط الجهات المانحة خاصة الولايات المتحدة التي تقدم المال لمكافحة الفقر، لكنها تلاحظ أن الأمور لا تتغير. وأعترف أننا لا نرى ما تقوم به حكومتنا لمحاربة التسول. غير أنني في الوقت ذاته، أعتقد أن خطابات الجهات المانحة بعيدة عن الواقع. هم يركزون على عمالة الأطفال. في حين أن ظاهرة تشغيل الأطفال عندنا لا تعتبر فضيحة. في قريتنا، تلاميذ "الدارا" لا يتسولون، لكنهم يشتغلون في الحقول، لأن عملهم وللأسف ضروري.
في السنغال، الناس يطبقون إسلاما معتدلا، حتى في المدارس القرآنية. لكن ألن تدفع مثل هذه القرارات البعض إلى تبني خطابات راديكالية؟ "