خالد سعيد، مات أم قُتل؟
تثير صور شنيعة لجثة شاب في الثامنة والعشرين من العمر موجة عارمة من الغضب والاحتجاجات في مصر. لكن بشاعة الصور ليست وحدها السبب... إنما ظروف موت هذا الشاب وهو في أيدي الشرطة.
نشرت في: آخر تحديث:
صورة منشورة على صفحة "كلنا خالد سعيد"، على موقع فايسبوك.
تثير صور شنيعة لجثة شاب في الثامنة والعشرين من العمر موجة عارمة من الغضب والاحتجاجات في مصر. لكن بشاعة الصور ليست وحدها السبب... إنما ظروف موت هذا الشاب وهو في أيدي الشرطة.
وتتضارب في هذه القضية الساخنة روايتان. فبحسب الرواية الأولى، دخل مخبران للشرطة مقهى للإنترنت في مدينة الإسكندرية عند الحادية عشرة والنصف من مساء الأحد 6 يونيو، وأمرا خالد محمد سعيد بتقديم أوراقه الثبوتية. لكن هذا الأخير رفض الانصياع لأوامر أشخاص باللباس المدني. عندئذ، وبحسب شهود عيان وعدد من المنظمات الحقوقية، ثبّت أحد المخبرين كتفي خالد فيما انهال عليه الآخر بالضرب إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة. وجاء على موقع مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ما يلي: "حياة خالد انتهت على يد رجال الشرطة، بدون سبب، بدون جرم، بدون تفسير سوى جبروت وعربدة وإجرام نظام تخدمه وزارة داخلية اعتاد رجالها الإجرام كما اعتادوا الثقة في أنهم فوق القانون وأن أحدا لن ينال منهم".
لكن السلطات المصرية كذّبت هذه الرواية وأشارت في بيان صادر عن مركز الإعلام الأمني أن خالد مات اختناقًا عندما بادر إلى ابتلاع لفافة تحوي مادة مخدرة لحظة وصول الشرطة لضبطه.
غير أن صورًا نشرت نهار الخميس على شبكة الإنترنت (لا ننشرها لبشاعتها) تظهر تشويهًا كبيرًا في وجه خالد وجسده. وبحسب السلطات، فإن الآثار البادية على الجثة ناجمة عن عملية التشريح وهو ما لم يقنع العديد من المصريين. فنزلوا إلى الشوارع بالمئات نهاري السبت والأحد في كلّ من الإسكندرية والقاهرة وطالبوا بإحقاق الحق في هذه القضية وبإنهاء قانون الطوارئ النافذ في البلاد منذ العام 1981 (في 11 مايو الماضي، مدّد البرلمان المصري تطبيق القانون لسنتين إضافيتين).
وفي ظل الضغط الشعبي، قرر النائب العام هذا الثلاثاء استخراج جثة خالد سعيد بحضور عائلته ورئيس نيابة استئناف الإسكندرية لإعادة تشريحها وتبيان سبب الوفاة.
خالد مع والدته. صورة منشورة على مدونة Egyptian Chronicles.
التظاهرات في الإسكندرية
التظاهرة في الإسكندرية. تسجيل منشور على موقع يوتيوب.
صورة التقطتهاأمل أحمد منشورة على مدوّنة إسماعيل الإسكندراني.
صورة التقطتها أمل أحمد منشورة على مدوّنة إسماعيل الإسكندراني.
صورة التقطتها ليلى عطا الله منشورة على مدوّنة إسماعيل الإسكندراني.
"ما حدث هو عملية قتل على أيدي أجهزة الشرطة على مرأى ومسمع من الناس في ثاني أكبر مدينة مصرية"
إسماعيل الإسكندراني، ناشط حقوقي وأحد منظّمي تظاهرتي السبت والأحد في الإسكندرية.الناس هنا في حالة غليان. ما حدث هو عملية قتل على أيدي أجهزة الشرطة على مرأى ومسمع من الناس في ثاني أكبر مدينة مصرية. لقد حاولت السلطات والإعلام الموالي لها تشويه صورة خالد فألصقت به قضايا جنائية من حمل سلاح وتعاطي مخدرات والتهرب من الخدمة العسكرية، إلخ. وكلها ادعاءات وافتراءات سرعان ما جرى دحضها بالأدلة والوثائق. وكان الهدف من ذلك تصويره بأبشع صورة حتّى يقال إنه مجرم يستحقّ كل شرّ.
لكن بحسب عائلته، قُتل خالد لأنه كان على وشك نشر تسجيل يظهر ضباطًا للشرطة يتقاسمون مالاً ومخدرات جرت مصادرتها [شرح وزير الداخلية أن ضباط الشرطة في التسجيل كانوا في الواقع يحتفلون بتوقيف تاجر مخدرات]. ويظهر في الشريط أحد المشتبه بهم بالاعتداء على خالد والمعروف بطرقه الوحشية إذ عذّب قبل فترة رجلاً في الستين من العمر تبيّن لاحقًا أنه لم يكن الشخص المطلوب لكنه يحمل فقط اسمًا مشابهًا.
الشريط الذي تقول عائلة خالد سعيد إنه السبب في موته منشور على موقع YouTube.
مع أحد أصدقائي أطلقنا دعوة لإقامة صلاة الغائب عن روح خالد والمشاركة بالتظاهرة التي ستعقبها نهار السبت. فتفاجأنا بعدد كبير من المشاركين. وفي اليوم التالي، تظاهرنا أمام بيت الفقيد. وكان اللافت انضمام أشخاص كثر لم يسبق لهم أن شاركوا في تظاهرة. هذه الاحتجاجات هي صرخة يطلقها الشعب في وجه الممارسات التعسفية والوحشية التي تمارسها أجهزة الأمن بدون رادع أو وازع. لذا اقترنت المطالبة بإحقاق الحق بشعارات طالبت بسقوط حسني مبارك وإقالة وزير الداخلية ووضع حدّ لقانون الطوارئ الذي يعدّ الحصن الحصين لتجاوزات الأجهزة.
قبل خمس سنوات ما كانت هذه التظاهرات لتحصل. صحيح أنها لن تعطي نتيجة على المدى القصير. لكنها حلقة من سلسلة جماهيرية أوسع كسرت في السنوات الأخيرة جدار الخوف وراحت تكتسح شيئا فشيئا فضاءات جديدة من الديمقراطية والحرية".