كترمايا: بين شناعة الجريمة وفظاعة الانتقام
نشرت في: آخر تحديث:
طلبت السفارة اللبنانية في القاهرة أمس الاثنين من السلطات المصرية تأمين حمايتها بعدما تلقت تهديدات من مجهول عبر الهاتف وذلك بعد مقتل مواطن مصري والتمثيل بجثته في قرية كترمايا، الواقعة 25 كلم جنوب شرق العاصمة بيروت.
طلبت السفارة اللبنانية في القاهرة الاثنين 3 مايو من السلطات المصرية تأمين حمايتها بعدما تلقت تهديدات من مجهول عبر الهاتف في أعقاب مقتل مواطن مصري والتنكيل بجثته في قرية كترمايا، الواقعة 25 كلم جنوب شرق العاصمة بيروت.
وقد وقع حادث كترمايا، الذي صورت أطواره مختلف وسائل الإعلام وعشرات الشهود على هواتفهم المحمولة، يوم الخميس 29 أبريل حين أتت الشرطة بالمصري محمد مسلم إلى القرية لإعادة تمثيل الجريمة التي اشتبه بارتكابها في حق جد وجدة وحفيدتيهما يوم الأربعاء 28 أبريل، في مكان وقوعها. لكن تزامن قدومهم مع استعداد أهل القرية لتشييع جنازة أفراد العائلة الأربعة.
فقام مئات الأشخاص بالتهجم على المتشتبه به وجردوه من ملابسه باستثناء سرواله الداخلي وجواربه، ثم قاموا بطعنه وضربه ثم سحله، بحضور رجال الشرطة الذين وقفوا عاجزين.
ويبدو أن تحاليل الحمض النووي كانت قد أظهرت أن الدم الذي عثر عليه على قميص محمد مسلم هو بالفعل دم ضحاياه. وكان محمد مسلم قد سبق أن اشتبه به في عملية اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 13 سنة. ويعتقد أنه توجه يوم الأربعاء إلى منزل ضحاياه لطلب توسط الجد له عند عائلة الفتاة المغتصبة لكي تسمح له بالزواج بها[المادة 522 من قانون العقوبات في لبنان تعفي المغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية] وعند رفض الجد التوسط له قام بقتله وزوجته وحفيدتيهما.
مراقبا فرانس 24 طارق شمالي في لبنان وإسماعيل الإسكندراني في مصر يدليان بشهادتيهما حول ما حدث ويتحدثان عن عواقب هذا الحادث على العلاقات اللبنانية - المصرية.
"عناوين بعض الصحف المصرية ضخمت الحادث"
إسماعيل الإسكندراني، صحفي وناشط في العمل المدني في مدينة الإسكندرية.
ما حدث لمحمد مسلم في كترمايا لا يمكن أن نتمناه حتى لأكبر المجرمين !
لكن المشكلة بعد ذلك في نظري، هي عناوين بعض الصحف المصرية التي ضخمت الحادث وركزت على كون الضحية في كترمايا هو شخص مصري وأنه تعرض للتعذيب والقتل. بالنسبة للأشخاص الذين لم يقرأوا تفاصيل القصة فلن يتفهموا ما حصل، عكس الذين قرأوا القصة بأكملها فقد تفهموا غليل عائلة الضحايا اللبنانيين لأن الشخص المصري قتل أربعة أشخاص…
ما لاحظته كذلك هو أن بعض الأشخاص ربطوا بين ما حدث للمصري في لبنان وبين إدانة أعضاء ما يسمى بخلية حزب الله اللبناني في مصر. لكنني لا أعتقد أن الأمرين مرتبطان. ولا أعتقد أن حادث كترمايا سيتحول إلى خلاف بين المصريين واللبنانيين. في اعتقادي أن محمد مسلم لم يقتل لأنه مصري ولكن للجريمة التي كان يعتقد أنه ارتكبها. لو كان الحادث وقع في الجزائر أو ليبيا لربما اعتقدنا أنه بالفعل هناك رابط بين ما حصل للمصري وجنسيته لكن هذه أول مرة يحدث فيها هذا النوع من التصرفات لمواطن مصري في لبنان. وبغض النظر عن هذا الحادث، فليس هناك أي توتر بين مصر ولبنان. نتذكر جميعا أن الفنانة اللبنانية نانسي عجرم غنت أغنية لمصر بعنوان'أنا مصري', وهي أغنية نرددها في مختلف المناسبات ومباريات كرة القدم…"
"لم يكن على السلطات اللبنانية نشر اسم المشتبه به"
طارق شمالي مستشار في الإعلام ومحاضر جامعي في بيروت.
أنا أعارض ما حدث في كترمايا. ما حدث هو تجسيد لقانون الغاب لا أكثر ولا أقل. الأشخاص الذين قاموا بذلك الفعل قرروا ترك القوانين وأجهزة الدولة جانبا والانتقام. القتيل المصري لم يكن بعد متهما، كان فقط مشتبها به !
في اعتقادي، الشرطة اللبنانية تتحمل جزءًا من المسؤولية في ما حدث لأنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة قبل الانتقال بالمشتبه به إلى عين المكان وإعادة تمثيل الجريمة التي راح ضحيتها أربعة أفراد من كترمايا. لم يكن هناك سوى ثلاثة أو أربعة عناصر من الشرطة لتأمين حماية المصري، كما أنهم أحضروه يوم جنازة الضحايا، أي في أوج غليان أقارب الضحايا !
أعتقد كذلك أن السلطات اللبنانية لم يكن عليها نشر اسم المشتبه به في قتل أفراد العائلة. هذا التصرف فيه تفريط في احترام حقوقه الشخصية، وهو كذلك ما قاد إلى التعرف عليه والانتقام منه بهذه الطريقة.
الشارع اللبناني منقسم بخصوص هذه القضية. هناك من يعتقد أن القاتل نال جزاءه وأنه يستحق ما لحق به لأنه هو الآخر قتل وعذب ضحاياه وهناك من يعتقد أن ما وقع غير مقبول وأنه لا يجوز لشخص الثأر من آخر بشكل فردي وإلا فسندخل في حلقة مفرغة."