مصر

شراء الشرف بخمسة عشر دولارًا

هذا هو المنتج الذي يثير منذ أكثر من شهر ضجة عارمة في مصر. إنه غشاء بكارة اصطناعي تسوّقه الشركة الصينية "جيجيمو" بسعر لا يتجاوز الخمسة عشر دولارًا (أي 10.20 يورو). غشاء شفاف، دم اصطناعيّ ونصيحة واردة بوضوح على موقع الشركة الإلكتروني: "تأوهي قليلاً ولن يشكّ في شيء".

إعلان

صورة التقطها محمد الرحال.

هذا هو المنتج الذي يثير منذ أكثر من شهر ضجة عارمة في مصر. إنه غشاء بكارة اصطناعي تسوّقه الشركة الصينية "جيجيمو" بسعر لا يتجاوز الخمسة عشر دولارًا (أي 10.20 يورو). غشاء شفاف، دم اصطناعيّ ونصيحة واردة بوضوح على موقع الشركة الإلكتروني: "تأوهي قليلاً ولن يشكّ في شيء".

انطلقت القضية في الثالث عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي. صحيفة "اليوم السابع" المصرية تنقل عن وكالة دي برس وإذاعة هولندا العالمية "اعتزام مجموعة من المستثمرين المصريين استيراد أغشية بكارة صناعية من الصين" وذلك بُعيد انتهاء شهر رمضان على أن يباع الغشاء لقاء 83 جنيهًا مصريًا (أي 10.20 يورو).

سرعان ما تلقّفت وسائل الإعلام والمدونات المصرية الخبر وأنشئت مجموعة على موقع "فايسبوك" احتجاجًا على هذا الاختراع. من جانبهم، طالب نواب محافظون حظر استيراد هذا الغشاء فيما دعا آخرون إلى معاقبة كلّ من تسوّله نفسه تسويق هذه السلعة الجدلية. وفي الخامس عشر من سبتمبر/أيلول، لم يتردّدالشيخ سيد عسكر، وهو نائب عن "الإخوان المسلمين" وعضو في لجنة الشؤون الدينية في البرلمان المصري، في وصف هذه الأغشية، على الموقع الإلكتروني للإخوان، بأنها "ستكون بمثابة الوبال على فتياتنا".

وكان غشاء البكارة الاصطناعي قد صنّع للمرة الأولى في كيوتو باليابان سنة 1993 حيث طرح في السوق المحلية ثم صدّر إلى تايلندا عام 1995 وبعدها بسنوات إلى جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا. كما دخل مؤخرًا السوق السورية وهو على وشك أن يباع في المغرب.

والغشاء الاصطناعي مصنوع من الألبومين يتحلّل في الماء ولا يخلّف آثارًا جانبية بحسب الشركة الصينية التي تسوقه. لكن صحفًا آسيوية ذكرت عدة حالات التهاب مهبلي بسبب هذا الغشاء. (تعدّد هذه المدوّنة مختلف المقالات التي أوردت هذه الحالات).

صورة منشورة على موقع جيجيمو.

"في بعض المناطق التقليدية المحافظة، تنتظر العائلات والأصدقاء نهاية العرس لرؤية دليل فضّ بكارة العروس"

أمل شبش عالمة جنسية في الدار البيضاء على الساحل الأطلسي للمغرب.

"سمعت بهذا المنتج قبل حوالي ثلاثة أسابيع. لا تزال سوقه في المغرب في انطلاقتها. من المؤسف أن أقول ذلك لكن أظنّ أن هذا الغشاء سيلقى رواجًا واسعًا. فلا تزال العذرية موضوعًا هامًا في العالم العربي. في بعض المناطق التقليدية المحافظة في جنوب البلاد ووسطها، تنتظر العائلات والأصدقاء نهاية العرس لرؤية دليل فضّ بكارة العروس. صحيح أن هذه العادة لم نعد تشمل سوى أقلية لكنها لا تزال موجودة.

وبالتالي ستجني الشركة الصينية الكثير من المال إذا أثبت هذا المنتج فعاليته. عمليات ترقيع غشاء البكارة في المغرب التي تكلف 1500 درهم [أي 130 يورو] قد يحل محلها هذا الغشاء الاصطناعي الذي يكلّف 150 درهمًا [أي 13 يورو] فقط.

إن المجتمع المغربي في خضم تغيّر عميق. ويخلق هذا الوضع لدى الناس فرقًا شاسعًا بين ما تمليه عليهم تربيتهم ومجتمعهم وما يقرأونه في الكتب وعلى الإنترنت. هناك تباين كبير بين ما نفعله وما نريد أن نفعله، ما يولّد انزعاجًا جنسيًا عميقًا".

"يريدوننا أن نصدّق بأننا نعيش في مجتمع كل النساء فيه عذارى حتى الزواج"

محمد الرحال (اسم مستعار) مدوّن من القاهرة.

أجريت طلبية عبر الإنترنت لشراء هذا الغشاء الاصطناعي. وصلني في مغلف أصفر بدون أي علامة حول طبيعة السلعة أو ماركتها، فقدّمته على أنه ماكياج سينمائي لأتمكّن من استلامه من الجمارك.

أعتقد أن هذا الغشاء أثار ردود فعل مفرطة. فخطاب البرلمانيين والمسؤولين المحافظين يتسم بالنفاق. يقولون إنه سيؤدي إلى انحلال القيم والأخلاق لأنه سيشجع النساء المصريات على إقامة علاقات جنسية قبل الزواج. أقوال من هذا القبيل مهينة للمرأة لأنها تعني بأن حسن أخلاقها قد تنهار بسبب غشاء اصطناعي.

في السابق، كانت تترك النساء قارورة صغيرة تحت السرير فيها القليل من دم الدواجن لخداع العريس في حال لم تكنّ عذارى. في ما بعد، انتشرت عمليات ترقيع غشاء البكارة. واليوم يبدو أننا نذهب أبعد بعد في الإمعان بالكذب. يعتمد مجتمعنا سياسة النعامة. يريدوننا أن نصدّق بأننا نعيش في مجتمع كل النساء فيه عذارى حتى الزواج. النقاش حول الغشاء الاصطناعي ليس النقاش الذي ينبغي إجراؤه. أهم ما يجب النظر فيه هي العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا العربية".

صورة منشورة على موقع جيجمو.