السنغال

واحد وعشرون مليون يورو... لأجل تمثال

تمثال بارتفاع خمسين مترًا، وكلفة تقدَّر ﺑ23 مليون يورو (15 مليار فرانك غرب أفريقي). هذا هو آخر مشاريع الرئيس عبد الله واد. تحفة فنّية ستكلف أهالي داكار دموع العين، وتعود بفائدة جمة على رئيس البلاد وعائلته.

إعلان

تمثال بارتفاع خمسين مترًا، وكلفة تقدَّر ﺑ21 مليون يورو (15 مليار فرانك غرب أفريقي). هذا هو آخر مشاريع الرئيس السنغالي عبد الله واد. تحفة فنّية ستكلف أهالي داكار دموع العين، وتعود بفائدة جمة على رئيس البلاد وعائلته.

في داكار، يعرف الجميع ورشة البناء الضخمة على الكورنيش، تلك الورشة التي تقيم تمثالاً برونزيًا عملاقًا يحمل اسم "تمثال النهضة الإفريقية". لكن هذا التمثال الذي يعمل على تشييده بناؤون من كوريا الشمالية، يثير ثمنه وقيمته الجمالية جدلاً واسعًا وسط السنغاليين، الذين انهالوا على رئيسهم عبد الله واد بوابل من الانتقادات.

 

 

عبد الله واد يردّ على منتقديه

خلال زيارته الأخيرة إلى ورشة بناء التمثال العملاق، ردّ الرئيس "واد" على الانتقادات الموجهة إلى بناء التمثال، وصرّح: "لم يكلّف هذا التمثال الدولة مالاً بل أراضي (...). تمت مقايضته بمجموعة أراضٍ" مضيفًا: "إنّ التمثال يشكل استثمارًا مهمًّا (...) وسيقبل مئات الآلاف من السيّاح لزيارته من جميع أنحاء العالم. إنه مشروعٌ ضخمٌ سيدرّ أرباحًا طائلة".

عبد الله واد يردّ على منتقديه

" إنه تمثال الحرية المهداة إلى عائلة واد فحسب، وليس إلى الشعب السنغالي"

يعمل "سيرين ديان" لحساب أحد المواقع الإلكترونية في داكار.

"أقطن في حي "ماريست" في داكار. ومع أنه بعيد عن موقع التمثال، لكن بالإمكان رؤيته عن بعد إذ يقع في "ماميل" وهي أعلى نقطة من داكار.

بات التمثال حديث الجميع هنا. بالنسبة إلى الناس، من المخزي بناء تمثال باهظ الثمن في حين يجتاح الجوع والعطش قلوبهم وتدمّر الفيضانات داكار. كما أن حيّ "واكام" حيث يُشيَّد التمثال، يعاني فقرًا مدقعًا. وهناك، تبيع النساء أجسادهنّ للعمال الكوريين لقاء يورو أو اثنين!".

بدل صرف ميزانية تتراوح ما بين 12 و15 مليار فرانك غرب أفريقي (أي ما يعادل 18 إلى 23 مليون يورو)، لبناء التمثال، كان من المستحسن بناء مساكن اجتماعية، وحل مشاكل الفيضانات والصرف الصحي والكهرباء...

والفضيحة الكبرى هي أن عبد الله واد لا يكتفي باستخدام الأموال العامة فحسب، بل يطالب بـ 35% من عائدات المشروع بحجة أن فكرة التمثال تعود إليه. والجدير بالذكر أن "عثمان سو" [وهو نحات سنغالي معروف] كشف بـأنه صاحب الفكرة... وما من دليل يثبت صحة ما ادعاه واد. كما أن رغبته في الحصول على 35 بالمئة أمر لا يصدق. يزعم "واد" أنّ هذه الأرباح ستخصّص لتأسيس جمعية يديرها ابنه كريم، والكل يعلم أنّ هذا الكلام مجرد هراء. فضلاً عن ذلك، المهندس المشرف على بناء التمثال بيار غوديابي أتيبا هو صديق واد ومستشاره الخاص للمشاريع الكبرى، وهو الذي أدار مشروع "باب الألفية الثالثة" في داكار بصفته مهندس الرئيس الرسمي.

ناهيك عن أني أجد التمثال قبيحًا! فهو يثير الجدل. صحيحٌ أن السنغال بلد علماني لكنّ معظم سكانه مسلمون. لا تصدمني صورة هذه المرأة شبه العارية شخصيًا، لكنها قد تصدم عددًا كبيرًا من المسلمين، وبخاصة أن حي "واكام" معروف بتحفظه الديني...

يدّعي "واد" أنّ التمثال يرمز إلى "النهضة الإفريقية"، غير أنه لا يمت للفن الإفريقي بصلة. لا بل يذكرني التمثال بالفن الشيوعي، وبتماثيل لينين وماو... يريده "تمثال حرية السنغال"، لكن عن أي حرية يحدثنا؟! حرية آل "واد" لا حرية شعب السنغال حتمًا، هذا الشعب، لا يعنيه أمر التمثال مطلقًا!"

يثير التمثال ضحك الكثير من السينيغاليين. ويُنشر هذا الرسم الكاريكاتوري على الإنترنت، بحيث استبدلت وجوه شخصيات التمثال بوجوه الرئيس واد وزوجته وابنهما كريم. ويرفع الأب ابنه في هذا الرسم، كما يرفعه في الحياة السياسية السنغالية." [لقد تم تعيين "كريم واد" وزير دولة مسؤولاً عن التعاون الدولي والتخطيط الإقليمي والنقل الجوي والبنى التحتية في أيار/مايو الماضي].